تقترب معركة عمال مناجم عوام على مشارف إتمام شهرها الثاني، دون أن تستجيب إدارة الشركة لمطالب العمال المشروعة، خاصة إرجاع المطرودين والتنازل عن المتابعات.
تعنت الإدارة هذا، يقابله صمود وإصرار لا مثيل لهما للعمال المعتصمين الذين لا يمر يوم إلا وذكروا بتشبثهم بالمعركة. وهنا سنقف عند محطتين بارزتين لهما دلالة أساسية في سيرورة المعركة، حصلتا خلال الثلاثة أيام السابقة.
أولهما هي عجز الإدارة عن الالتفاف حول المعركة لسبب بسيط، هو أن قرارها في يد المعتصمين أنفسهم، وليس بيد المكتب المحلي. إذ وضع العمال المكتب في مكانه الصحيح، أي تنفيذ قرارات العمال. ومن بين محاولات الالتفاف أذكر إرسال الإدارة لسماسرة تابعين لها يعرفهم العمال حق المعرفة الى "أعيان" قبيلتي سيدي احمد وارشكيكن اللتين يقع في أرضهما أغلب آبار المناجم للوساطة. وطبعا كان رد العمال واضحا في البداية، بالقبول بأي مبادرة من شانها إيجاد حلول للوضعية الراهنة، بشرط أن تنسجم ومطالب العمال. لكن سرعان ما ستتضح أن هذه الخطوة ملغومة، وما وضح مناورة الإدارة من خلال هذه الخطوة/المكيدة هو إصرار مدير الشركة على حضور كاتب نقابة الاتحاد المغربي للشغل الذي كان له دور كبير في ذبح العمال كما صرخ أحد المضربين. وقبل الرد على "أعيان" القبيلتين، استنفر العمال أنفسهم لنقاش هذه الخطوة. وبعد استشارة المعتصمين، قرر العمال ألا جلوس مع من خان ومن ذبحهم وقدمهم للباطرونا على طبق من ذهب. وكانت النتيجة هي مقاطعة العمال لهذا اللقاء. استوعب العمال أن الإدارة تسعى الى إفراغ المعركة من مضمونها الكفاحي، كما تسعى الى نسب نتائج أي تقدم الى النقابة الإدارية التابعة لها. في هذه المحطة، كشف بالملموس معدن العمال المضربين رغم الفقر والصعاب. لقد تشبثوا بالمعركة أمام أول فتات...
وبخصوص المحطة الثانية، فهي ترتبط كرد فعل طبيعي للإدارة، لكنه بمضمون إجرامي على طريقة أفلام "الأكشن". فقد قامت هذه الأخيرة باستهداف حافلة للعمال الذين يشتغلون باغرم اوسار بالحجارة حتى تحطمت كليا. إذ أصيب عاملان بجروح خطيرة. و لولا "الحظ" لانقلبت الحافلة. بعد هذا الحادث المفبرك بدقة، استدعت الشركة عناصر الدرك لصياغة محضر ضد العمال المضربين عن العمل، يوم الجريمة كان الجمعة َ10 يونيو 2017 على الساعة الحادية عشر ليلا. لكن ما لم يأخذه المدير بعين الاعتبار هو أن العمال كانوا قد ذهبوا الى مدينة خنيفرة لحضور وتجسيد موقفهم بالمسيرة. وحين كشف غياب العمال عن مريرت، توجهت الاتهامات الى بلطجية الشركة، ليتبين أن العمال الذين كانوا يشتغلون عددهم 40 عاملا. لكن ركاب الحافلة كان فقط 34. فأين الستة الباقين؟ وعند طرح هذا السؤال على الإدارة وكاتب نقابتها الخنوعة، أسرع المدير الى طي الملف والتنازل عن التبليغ بالحادثة، كما أسرع كاتب الاتحاد المغربي للشغل الى تلميع وجهه وتبرئة المضربين من هذه المسرحية، كمحاولة لطي فصول الفشل الذريع الذي مني به أعداء العمال.
يتضح أن المعركة ولادة وقادرة على مواجهة والتصدي للمفاجآت والخبث/المكر والإجرام. كما يتضح أيضا أنها حافلة بالتضحيات والصمود والعزيمة الفلاذية، رغم ضيق الحال والفقر...
فتحية لهؤلاء العمال الأشاوس على تضحياتهم.. ولا يفوتنا أن نقدم تعازينا لأحد العمال المضربين عن العمل في وفاة والدته اليوم 12 يونيو.. تعازينا الحارة له ولعائلته ولرفاقه العمال...
ومزيدا من الصمود والمقاومة..
شارك هذا الموضوع على: ↓