2017/11/20

حسن أحراث// شهيدات الصويرة لم تدق جدار الخزان..!!

يقول المثل السائر: "تعددت الأسباب والموت واحد"، نقلا عن البيت الشعري "ومن
لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الأسباب والموت واحد"، للشاعر ابن نباتة السعدي (941 م-1014 م)، شاعر "الخلفاء والأمراء"، ومن بينهم سيف الدولة الحمداني. 
ربما، الشاعر هنا ذهب الى تبرير جرائم القتل والإعدام التي تنفذ على أيدي "الخلفاء والأمراء" أو بتعليماتهم بدون حسيب أو رقيب، وبالتالي إضفاء طابع "القدر" عليها. فبالنسبة للشاعر لذر الرماد في العيون ولغرض في نفس أسياده أكد على أن "الموت واحد"، وإن "تعددت الأسباب". لا يهم، الموت هو الموت (الأمر الواقع المفروض بحد السيف).. 
بالنسبة الينا اليوم وغدا، وكما الأمس، لا.. الأمر ليس كذلك. نرفض الأمر الواقع أو التسليم به..
نعم، الاستشهاد واحد، كما التضحية من أجل القضية، قضية شعبنا المكافح. لكن السبب أيضا واحد. إنه البارحة واليوم (وبدون شك غدا) هو في الشكل والمضمون إجرام النظام القائم وكل المتواطئين معه؛ أحزابا سياسية ونقابات وجمعيات وأزلاما فرادى وجماعات؛ هذا الإجرام الذي لا ينتهي والذي يتخذ أشكالا وأخرى (التعذيب داخل الأقبية السرية وداخل السجون وحتى في الساحات العمومية، التجويع والتقتيل إبان الإضرابات عن الطعام، استخدام الرصاص لقمع الانتفاضات الشعبية والاحتجاجات...).. فكل شهداء شعبنا ضحايا هذا الإجرام..
وكما جاء في رواية "رجال في الشمس" للمبدع الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني: "لماذا لم يدقوا جدار الخزان؟". 
الخطاب في الرواية يعني الفلسطينيين: أبو قيس وأسعد ومروان.. ويعني عموم الشعب الفلسطيني..
والخطاب في الواقع المغربي يعني شهيدات الصويرة.. يعني واقع الصراع الطبقي ببلادنا.. 
نعم، لماذا لم تدق شهيدات الصويرة جدار الخزان؟
هل كان سيكون أحسن مما كان؟
من يجرؤ على نعتهن بشهيدات "الدقيق" أو "الزيت" أو "السكر"...، على غرار شهداء "كوميرا" (شهداء الانتفاضة الشعبية المجيدة ل20 يونيو 1981)، من غير الرجعيين والإصلاحيين التافهين، أعداء شعبنا الذين استباحوا كرامته وخيراته وعانقوا عرابيهم من أذيال الصهيونية والامبريالية؟
إنهن شهيدات قضية في الأول والآخر.. أما ما حصل في صيغته المأساوية فتتحمل مسؤوليته الأجهزة القمعية والجهات المافيوزية المتاجرة في بؤس البؤساء من أبناء شعبنا، باسم الدين و"البر والإحسان"..
أين نصيبهم/حقهم في خيرات بلادهم/وطنهم؟!! من حكم عليهم بالشقاء والحرمان؟!! من شردهم ومزق أوصالهم ؟!!
هل كان سيكون أحسن مما كان (ربط المسؤولية بالمحاسبة!!)؟ 
هل من أثر لتجسيد شعار "عدم الإفلات من العقاب"؟ 
من سيحاسب من؟!!
ومن سيعاقب من؟!!
هل سيحاسبون أنفسهم؟!! هل سيعاقبون أنفسهم؟!!
أبدا.. إنه الإجرام المستمر.. فليست مأساة الصويرة أول مآسينا، ولن تكون الأخيرة.. فكل الأسباب، أو للدقة السبب الواحد قائم أمام أعيننا.. الفساد (الرشوة والمحسوبية والريع والنهب لثروات الأرض والبحر والسماء...) مستمر في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. التردي يتفاقم في جميع المجالات الاجتماعية (التعليم والشغل والصحة والسكن...)..
يضحكون على ذقون أبناء شعبنا من خلال المسرحيات المحبوكة وغير المحبوكة..
وكثيرا ما نضحك نحن كذلك على ذقون بعضنا البعض من خلال الانخراط في "معارك" (مناورات) غيرنا ونتجاهل معاركنا، معارك شعبنا ذات الأولوية.. 
ونهمس (بصوت مرتفع) في آذان الجميع، ليست شهيدات الصويرة هي من لم تدق جدار الخزان؛ بل كل شعبنا بنسائه ورجاله، لم يدق جدار الخزان في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة..
الكل يقول إنه يدق جدار الخزان.. 
نعم، الكل يدق جدار الخزان بطريقته، هنا وهناك.. انتفاضات شعبية ومسيرات واعتصامات وإضرابات واحتجاجات متواصلة بالريف وبعموم مناطق بلادنا، في المعامل والحقول والساحات.. 
نعم، الكل يقول: إنه يدق جدار الخزان.. من داخل السجون ومن خارجها.. ومن داخل البلد ومن خارجه..
لكن السؤال الوجيه والآني هو كيف يجب أن يدق جدار الخزان، ومتى؟
وما دمنا لم نجب بعد عن هذا السؤال على مستوى الميدان، سنبقى نتبادل التعازي والمواساة ونردد الشعارات "الجميلة" للترفيه على النفس؛ وفي الأخير، نخون بعضنا البعض.. أي بدل أن ندق جدار الخزان "الدقة" الواحدة والمنظمة والحاسمة، ترانا ندق المسامير في نعش بعضنا البعض..




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق