كلما اشتعلت بؤرة هنا أو هناك تستنفر النقابات أذرعها "المشلولة" لتعبث طولا وعرضا. فبدل أن تسطر برامجها النضالية وتسعى بالتالي الى تنزيلها وفق أجندة معلومة، تراها نائمة/غائبة في انتظار الذي يأتي أو لا يأتي..
اليوم ومأساة الاعتداء الشنيع على أستاذ بورزا زات، استفاقت "نقاباتنا" لتملأ المجال الافتراضي ضجيجا..
تستفيق هذه "الكائنات" الهجينة من سباتها العميق، لكن "استفاقتها" المتأخرة لا تقدم شيئا لقضية أصحاب الحق.. "كائنات" تستحضر أسباب النزول المباشرة في ديباجة بياناتها/بلاغاتها، لكنها تغرد بعيدا ولا تلامس جوهر المشاكل القائمة. إنها جزء من المشكل، بدل أن تكون جزء من الحل..
هل اعتداء تلميذ على أستاذ وحده يمس بكرامة الأستاذ؟ إن الاعتداء على الأستاذ مرفوض، بل مدان بكل اللغات. لكن، ماذا عن الاعتداءات المتعددة والمتنوعة التي تطال كرامة الأستاذ وحاضره ومستقبله؟
كيف سكتت النقابات عن جريمة "إصلاح" أنظمة التقاعد؟
كيف تواطأت لتمر مؤامرة "التعاقد" بسلاسة غير مفهومة؟
كيف غابت عن سيرورة تدمير المدرسة العمومية؟
كيف تجاهلت الاعتقالات التي تطال الشغيلة، بالريف كمثال؟
كيف تقبل بالأوضاع الداخلية اللاديمقراطية وبالتعليمات والوصفات الجاهزة؟
ولوضع النقط على الحروف، فالأمر ليس بيد النقابات القطاعية أو المركزية. فهذه الأخيرة أذرع مخلصة للأحزاب السياسية، تأتمر بأوامرها..
ونذكر لأن الذكرى نافعة، أليست الجامعة الوطنية لموظفي التعليم (الاتحاد الوطني للشغل)، ذراعا طيعا لحزب العدالة والتنمية، الحزب "الحاكم" الذي لا يحكم؛ أو الحزب المحكوم؟
والخطير/الفظيع أن تنسق نقابات "المعارضة" مع نقابة "الأغلبية"!! إنها حال جهة درعة تافيلالت..
لا يهم أن تدعو الى إضراب لمدة 24 ساعة أو 48 ساعة، أو حتى أسبوع أو شهر أو سنة...، لكن هذا التنسيق لا يمت بصلة للأخلاق النضالية وللمنطق النضالي وللالتزام السياسي..
إنه مس آخر بكرامة الأستاذ.. إنه استغباء للأستاذ.. فالنقابة هنا أو النقابات التي تدعي الدفاع عن كرامة الأستاذ، تقوم بإهانته والمس بكرامته..
وهذه الإهانة أبشع من إهانة تلميذ قاصر ولو يكن "مجرما"..
إن إهانة القيادات النقابية الشابة والهرمة لأسرة التعليم لا تماثلها إهانة.. وكذلك إهانة الأحزاب السياسية لعموم أبناء شعبنا..
فنقابة موالية للحزب "المحكوم"، تتحمل مسؤولية الأوضاع القائمة، كما يتحملها حزبها.. أليست مسؤولة عن المآل الحالي الذي تتردى فيه منظومة التربية والتكوين؟
أما الدعوة الى إضراب وطني لمدة 24 ساعة يوم الخميس 09 نونبر 2017 أو القيام بوقفات لمدة نصف ساعة صباحا ومساء، فلن تضع حدا للاعتداءات المتكررة في حق نساء ورجال التعليم ولن تصون كرامتهم.. وستتفاقم هذه الأوضاع مع تفاقم أحوال المنظومة..
إن الإهانة الحقيقية التي ولدت إهانة تلميذ ورززات وكذلك تلميذ الرباط، واللائحة لن تغلق بدون شك، هي السكوت عن جريمة إصلاح أنظمة التقاعد، وهي أيضا القبول بالأمر الواقع بالنسبة لجريمة "التعاقد".. وهي في الأصل واقع منظومتنا التربوية، بل واقعنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي المتردي.. إنها إهانة النظام القائم وأزلامه لشعبنا برمته..
وإن من بين خلفيات ترك الحبل على الغارب وتوفير شروط التمرد وبالتالي التشهير بالاعتداءات على الشغيلة التعليمية؛ ليس فضح هذه الجرائم، لأنها ليست وليدة البارحة أو اليوم؛ إنه ترهيب وحمل الشغيلة على "الفرار"، أي اللجوء الى التقاعد النسبي وفسح المجال لمخطط التعاقد الذي يطعن في الصميم الوظيفة العمومية والاستقرار المهني.. وهو ما يذكرنا بالجرائم المحسوبة والممولة من طرف الصهيونية والرجعية التي كانت تفزع وتروع اليهود المغاربة الآمنين لحملهم/إجبارهم على الالتحاق بالكيان الصهيوني..
شارك هذا الموضوع على: ↓