2017/12/18

حمان الأطلسي// "القوى الحية" تكتيك سياسي أم موقف صريح ضد البروليتاريا؟

ينتابني دائما سؤال هو هل المواقف السياسية هي مواقف موضوعية مرتبطة بمستوى تطور الصراع الطبقي أم تتعلق بشروط تطور الوعي المرضي "الثوري" للفرد؟ 

ما الذي يدفع شيوخ حزب "النهج الديمقراطي" للارتماء في أحضان القوى الظلامية والإصرار على ذلك؟ التحالف السياسي بالنسبة للماركسية هو تحالف يعكس نقطة التقاء موضوعية، إما استراتيجيا بمهام الثورة أو تكتيكيا لتهيئة الشروط الذاتية والموضوعية للقيام بالثورة. فالمعيار المحدد للتحالف ليس بالشيء الاعتباطي الذي يمكن الاستهانة بحجم عطائه أو ضرره، التحالف هو على أرضية طبقية لأن كل موقف سياسي هو بشكل أو بآخر تجل وانعكاس لمصالح طبقية، فالتحالف مع الفلاحين بالنسبة للبروليتاريا في مرحلة إنجاز المهام البرجوازية، أي القيام بالثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية بقيادة الطبقة العاملة هو تحالف استراتيجي مرتبط بطبيعة المرحلة بما هي مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية. أما التحالف مع البرجوازية الصغرى فهو تحالف حذر يرتبط كذلك بمستوى نضج الصراع الطبقي وكذلك بطبيعتها الإصلاحية والمتدبدبة. أما التحالف مع الرجعية، فقد أخذ عند شيوخ حزب النهج الديمقراطي مستوى "حياة أو موت"!! فماهي علاقات الإنتاج التي تدافع عنها جماعة "العدل والإحسان" والتي جعلت "الرفاق" يجدون فيها خيطا للتحالف؟!! إذا كان التاريخ يتقدم وفق مبدأ يتحكم فيه التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقة الإنتاج، فلماذا تتحملون مسؤولية ليه لكي يناسب مقاسكم؟!! لحسن الحظ أن التاريخ عصي على اللي والتلاعب؛ ففلسفيا، كيف للتقدم الى الأمام أن يتقاطع مع الرجوع الى الوراء؟ فهذا يمكن أن يكون ممكنا فقط إذا كان في هندسة اقليدس شيء اسمه "خطان متوازيان سيتقاطعان بإذن الله"!
يتضح إذن أن التحالف "المبارك" يتجاوز المنطق، مثلما تتجاوز الفيزياء الكمومية قوانين نيوتون الكلاسيكية في الفيزياء، هو تحالف "بإذن الله" على أساس كمي "ميداني". لكن، لنتساءل عن الغاية، فلا غاية هنا تبرر الوسيلة ولا الوسيلة تفضي الى الغاية. لأن الغاية يا سادة، لا ترتبط بالثورة. وهذا كان جليا لنا منذ زمان؛ ولا ترتبط بالعمال، وهذا لا غبار عليه؛ بل هي تسخينات من كلي طرفي الزواج العرفي لوضع البساط الاحمر والأصفر المزركش بالأخضر على الطريق المؤدية الى صاحب الراية الحمراء والخضراء، أي الى كنف النظام الدافئ. هذه الظرفية السياسية، حيث تعجز كل القوى المحيطة بالنظام من "حلحلة" أزمته البنيوية التي تحتاج الى رقم ضخم كميا فارغ وسياسيا هجين ونظريا يسمى "قوى حية". تكتيك سياسي، ليس بالمعنى الماركسي الذي يؤدي الى إنجاز مهام المرحلة، بل تكتيك سياسي انتهازي لكسب النقط السمان لضمان موقع تحت الشمس، أو موطئ قدم في الساحة السياسية. وعلى مستوى آخر، ماهي أرضية التحالف، غير أرضية الجماعة؟ كيف يتم تناسي انسحاب الجماعة من أجواء 20 فبراير الذي توفقت نادية ياسين في وصفه ب "تبراد الطرح"، أي الاستجابة لإرادة وتعليمات النظام القائم؟ هل سيغير هذا التحالف علاقات الإنتاج القائمة؟ ببساطة سيرتمي آجلا أم عاجلا في أحضان الامبريالية. ألا يستفيد "الرفاق" من التجارب الدامية التي دفعت فيها الشعوب تضحيات جمة، إيران وتونس ومصر... 
بالمنطق، الأمر لا يستساغ؛ وبالتجربة لا يطاق. إذن هناك مبرر واحد هو أنكم تنظرون الى الصراع بالمنطق الكمي. تنظرون الى الجماهير كوقود للتسخين، وليس كقوة لتغيير علاقة الإنتاج. لا ترون في الصراع الثورة، بل تأخذون الصراع بتفاهة البرجوازي الصغير الذي يقيسه بمصالحه وبتذبذب كبير. أفقكم ضيق، وأقصى ما ستصلون اليه هو ما بلغتموه الآن...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق