وقفة يومه 8 مارس أمام البرلمان بالرباط لا تشرف المرأة المغربية ولا تشرف
المناسبة/الذكرى ولا تشرفنا كمناضلين ومناضلات (لا أستثني أحدا أو جهة سياسية دون أخرى). فرغم حضور بعض النساء الكادحات (دوار الكرعة بالرباط مثلا) ومشاركة بعض المناضلين المبدئيين (غياب القوى الظلامية)، فإن الوقفة بعيدة عن التعبير عن رمزية الذكرى وتمثل الحدث التاريخي المؤلم. ومن يتابع وقفات البرلمان عموما يدرك أن وقفة اليوم ليست مفاجئة أو استثناء. فجل الوقفات، خاصة أمام البرلمان، محطات باهتة ومحدودة الأثر والتأثير شكلا ومضمونا.
إن المرأة، والحال هذه، ليست في حاجة الى ورودنا الذابلة وقبلاتنا المزيفة وعناقاتنا وتبريكاتنا وتهانينا، والأدق الى "نفاقنا"...
إن المرأة في حاجة فعلا الى ورود الرجل، كما الرجل في حاجة الى ورود المرأة، وكذلك العناقات والقبلات والتهاني... لكن، في سياق آخر غير سياق اليوم الصادم. لن نستطيع توقيف مجرى الحياة/الطبيعة، لكننا نستطيع التأثير فيه بما يخدم مصلحة الإنسان وتحرر الإنسان وتطور الإنسان وتقدم الإنسان...
والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا نفس الوقفات الباهتة؟
بمعنى آخر: هل في الأمر عجز أم قصد؟
لا أطرح السؤال بحثا عن الإجابة أو من باب الاتهام المجاني، بل غيرة و"استفزازا" نضاليا بغاية التجاوز نحو الحضور النضالي الأقوى والتعبير النضالي الأعمق عن مآسينا وعن إرادتنا السياسية في الخروج من عنق الزجاجة. إننا نكاد نختنق داخل الزجاجة المحكمة الإغلاق من طرف النظام وأزلام النظام، وقد اختنق العديدون وغادروا الساحة النضالية مكرهين وراغبين، وليس فقط ساحة البرلمان...
إن وقفاتنا، شئنا أم أبينا، تترجم بصدق وضعنا الذاتي الهش والهزيل. إنها حقيقتنا التي تفرض علينا الاعتراف بها والانطلاق منها لأي نهوض نضالي مستقبلي. فشعاراتنا لا تساير واقع الصراع الطبقي المحتد (شعارات بالية ومكرورة وباردة...)، وتنسيقنا مفكك وغير منسجم، وحضورنا لا يترجم حجم وحقيقة المضطهدين المعنيين بالتغيير الجذري (حضور نخبوي بامتياز).
وكثيرا (بشيء من المرارة والمبالغة المقصودة)، ما فاق عدد الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية الداعية الى الوقفات عدد الحضور!!!
إننا نؤكد للنظام أننا "أوهن من بيت العنكبوت"، أي أضعف من أن نشكل تلك القوة المناضلة "المزعجة" والضاغطة التي قد تنتزع السلطة، وليس فقط المكتسبات وتحافظ عليها أو ترغمه على التنازل عن بعض المساحات في المعترك السياسي. كما أننا نثبت من خلال وقفاتنا أننا نستحق هامشيتنا وضعفنا وعزلتنا عن أوسع الجماهير الشعبية، وخاصة العمال والفلاحين الفقراء.
إننا نعطي الإشارة الى النظام، بقوة الواقع، ليواصل الإجهاز عن المكتسبات وليكثف الاستغلال والاضطهاد والقمع...
وإذ نستحق لأسباب وأخرى هذا الواقع المر، فإن أبناء شعبنا (نساء ورجالا) يستحقون واقعا آخرا، واقعا ثوريا مفتوحا على تحررهم وخلاصهم...
وواقعنا المر هذا ليس بسبب وقفاتنا الباهتة فقط، إنها نتيجة وليست سببا، بل وأساسا بسبب فعلنا غير المؤثر داخل الهيئات والتيارات السياسية التي ننتمي إليها وداخل النقابات والجمعيات، وعلى أرض الواقع أيضا. وليس فقط بسبب فعلنا غير المؤثر، بل بسبب تواطؤنا المفضوح مع القيادات النقابية المتورطة في الفساد بكل أنواعه، وبسبب مهادنة هيئاتنا وتياراتنا السياسية وتواطؤ أغلبها...
إن وقفات البرلمان، وحتى وقفات باقي المدن والمناطق، تؤلم أكثر مما تفرح، إلا أنها تذكرنا بحقيقتنا (رب ضارة نافعة). إنها مرآتنا المحفزة لمن يهمه فعلا الخروج من عنق الزجاجة. وإنها كذلك مرآة من يهمه فقط العناق والهتاف والتقاط الصور...
إن وقفاتنا الباهتة تجيب عن العديد من الأسئلة المحرجة، من مثل:
- لماذا لم نستطع فرض إطلاق سراح المعتقلين السياسيين؟
- لماذا لم نستطع الحفاظ على المكتسبات رغم هزالها (التقاعد، الوظيفة العمومية، المدرسة العمومية، الإضراب...)؟
- لماذا لم نستطع مقاومة الفساد والمتورطين في الفساد المالي والاقتصادي والإداري...؟
- لماذا لم نستطع قطف ثمار الانتفاضات الشعبية المتواصلة (الريف، جرادة...)؟
- لماذا نخسر جل المعارك في المعامل والحقول...؟
- هل نحن فعلا ديمقراطيون؟
- هل نحن فعلا مناضلون؟
- هل نحب فعلا المرأة؟
- هل نناضل حقيقة من أجل قضية المرأة، كقضية طبقية (تحرر المرأة رهين بتحرر المجتمع)؟
شارك هذا الموضوع على: ↓