هناك من يناضل من أجل القضية، قضية شعب، وهناك من يناضل من أجل "المتعة"
(المتعة هنا بكل معاني المتعة، الدينية والدنيوية). لقد تأكد ذلك يوم الأحد 15 يوليوز 2018 بمدينة الرباط. وقد سبق أن حصل "الوصال" في مناسبات سابقة سرية وعلنية، بين رموز من "اليسار" ورموز أخرى من "الظلام" الرجعي بالمغرب، المتورط في العلاقات المشبوهة مع الامبريالية وفي اغتيال المناضلين (عمر بنجلون ومحمد بنعيسى أيت الجيد والمعطي بوملي...).
وقد وصلت الوقاحة بأحد "صغار اليسار" حد إعلان وأمام الملأ الاستعداد للتحالف مع الشيطان "من أجل إطلاق سراح المعتقلين" (لا عليه، الأمر بسيط، فليتحالف مع النظام القائم. وإنها دعوة صريحة لذلك، وللتاريخ كلمته). كذلك فعلت رموز تاريخية "شبعت موتا" (حقيقة ومجازا) من هذا التيار الانتهازي أو الشعبوي ومن ذلك الخط التحريفي أو الرجعي...، وذلك حد الارتماء في أحضان الامبريالية (ذلك "الصغير" من ذلك "الكبير").
لا أتحدث هنا عن المشاركين في مسيرة 15 يوليوز 2018، من منطلق دعمهم النضالي المبدئي لمعتقلي الريف وعائلاتهم، بل أحييهم على تضحياتهم وعلى المجهودات الخارقة التي بذلوها لمناصرة قضية عادلة ولفضح إجرام نظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي. كل الدعم والتضامن مع معتقلي الريف وعائلاتهم ومع كافة المعتقلين السياسيين وعائلاتهم.
نعم وبكل تأكيد، كل الدعم لكافة المعتقلين السياسيين ولمبادراتهم (إضرابات عن الطعام، مسيرات، وقفات...)، وكل التضامن مع عائلاتهم. وقبل كل شيء، لنبادر في إطار خدمة قضية شعبنا الى إطلاق مبادرات سياسية تنسجم ومرجعيتنا وتصورنا السياسيين والإيديولوجيين. ليبادر كل من موقعه النضالي المنظم، وستلتقي بدون شك المبادرات النضالية المنظمة المبدئية والمنسجمة على الأرض قبل الورق من أجل قضية الاعتقال السياسي كقضية طبقية ومن أجل باقي قضايا شعبنا المكافح...
إن التحدي هو الاستمرار في النضال من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، كفعل وممارسة سياسيين، وليس فقط كتضامن أو دعم موسميين أو مناسبتيين، وكأننا قد أتينا من كواكب أخرى، فقط لندعم أو نتضامن (أضعف الإيمان). إن التحدي النضالي الحقيقي هو استنهاض الأعداد الهائلة من المشاركين الذين انخرطوا في مسيرة الرباط وكذلك الدار البيضاء وفي محطات سابقة لانتزاع المكتسبات الفعلية لفائدة الجماهير الشعبية الكادحة بمناطق متعددة من بلادنا، ومن بينها الحق في الماء (كأبسط الحقوق) والحق في التنظيم والحق في التظاهر والحق في الحياة الكريمة (السكن والشغل والتعليم والصحة...).
فالمهمة لم تنته بعد. إن المهمة لم تنته عند حدود التقاط الصور بين "اليسار" و"اليمين". وإن المهمة لن تنتهي عند نشر صور هذه المسيرة أو تلك. لقد عشنا المسيرات والوقفات، لكن لا زلنا نعيش البؤس والظلم والاضطهاد والاستغلال.
فكيف ندين أنفسنا بأنفسنا؟ نعلن أمام الملأ أننا "أقوياء" ونفرح بذلك (أعداد هائلة، من خلال الصور المنشورة، ومن خلال الشعارات من مثل "للي بغيناه يكون يكون")، وبالتالي نقبل بالفتات وبالأحرى بلا شيء.
فكيف للأعداد الهائلة أن تعود الى "ثكناتها" خاوية الوفاض؟
كيف تختفي كجنود احتياط تحت الطلب؟
كيف لا يعود لها أثر وإجرام النظام القائم مستمر؟
ماذا فعلت لانتفاضة الريف التي استمرت لحوالي السنة؟
ماذا فعلت لانتفاضة جرادة وزاكورة...؟
ماذا قدمت لانتفاضات شعبية سابقة؟
ماذا قدمت للشهداء والمعتقلين السياسيين لسنوات مضت؟
كم من شهيد عانى آلام "الاحتضار" في صمت داخل السجون وخارجها، أين كانت تلك الجنود "الاحتياطية"، نساء ورجالا؟
كيف لتلك الأعداد الهائلة ألا تساهم في إطلاق سراح ولو معتقل سياسي واحد؟
كيف لتلك الأعداد الهائلة ألا تحارب الفساد المستشري ليلا ونهارا؟
كيف لتلك الأعداد الهائلة أن تتعايش مع واقع متعفن مرفوض بكل المعاني الأخلاقية والسياسية؟
هل يكفي التظاهر من أجل التظاهر أو الاحتجاج من أجل الاحتجاج؟
إن ذلك يعني امتصاص الغضب ليس إلا...
والبرهان على ذلك هو الجمع "بين ما لا يجمع"، من خلال التنسيقيات والائتلافات والتحالفات...
وكم يضحك، بل يبكي نشر بلاغات وبيانات التنسيقيات والائتلافات الورقية "المنددة والمتوعدة"، وهي لا تمثل في الواقع شيئا، ولا تستطيع حتى حل مشاكلها "البسيطة"..
إن النظام يقتلنا بضعفنا وبتواطئنا (تواطؤ "ممثلينا" سياسيا ونقابيا وجمعويا...)...
بالفعل، الصراع مستمر... لكن، الى متى؟
إن الصراع الطبقي يحتد كلما احتدت التناقضات بين النظام القائم والجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة. والوضع الراهن يمثل أقصى درجات احتداد التناقضات الطبقية. وبالتالي فدعوات "المسكنة" من خلال الإنصاف والاعتراف والتزلف، صارت متجاوزة ومهينة...
نريد مكتسبات على أرض الواقع، لنتقدم في فعلنا النضالي المنظم...
ليتقدم من يعنيهم حقا التقدم في درب ثورة شعبنا...
لنقل الحقيقة أو لنصمت...
شارك هذا الموضوع على: ↓