20‏/08‏/2018

صوفيا ملك// 29 سنة عن استشهاد الرفيق شبادة، وماذا بعد؟

ليكتمل الحديث عن الشهيد عبد الحق شبادة لابد من استحضار الظروف والملابسات التي  رافقت اعتقاله  واستشهاده.

فأهمية استحضار تلك المرحلة من نضال الشعب المغربي تكمن بالأساس في الدروس والعبر التي عبرت عن عمق التفكير الثوري في ظرفية حساسة للغاية، بعد النكبات التي مني بها اليسار الثوري من خلال إعادة النظر في المنطلقات والثوابت والأهداف الثورية، هاته القراءات التراجعية عن مشروع الثورة المغربية وعن مشروع بناء الحزب الثوري المغربي، كان لها تأثير وأثر كبيران على التنظيمات والمنظمات الأخرى المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم). والمجال هنا لا يسمح لنا بالغوص أكثر في تفاصيل فك الارتباط بين الحملم والنهج الديمقراطي القاعدي بعد سنة 1979، بل ما يهمنا هو الملحمة التي جسدها المناضلون والمناضلات الذين رفضوا "مراجعة" (التخلي عن) مشروع الثورة المغربية، الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وصمدوا في أحلك شروط القمع والحصار والمنع والاعتقال بعدما بقوا "مكشوفين" للنظام الدكتاتوري، ومن هؤلاء المناضلين الأبطال من استشهد على أيدي الجلادين داخل المخافر والزنازين، ومنهم من لازال صامدا إلى يومنا هذا متشبثا بالمشروع الثوري التحرري.
 وقد شكلت تجربة الشهيد عبد الحق شبادة إحدى معالم الصمود والتحدي تحت نيران العدو، فقد شكلت سنوات الثمانينات محكا حقيقيا وأنتجت مناضلين من المعدن النفيس تركوا لنا إرثا نضاليا شكل ويشكل منارة نقتدي بها للخروج من وضع الأزمة الذي نعيشه في وقتنا الراهن.

فرغم الحظر والحصار البوليسي الخانق وحملة الاعتقالات الهوجاء التي طالت عشرات المناضلين ومعظمهم من الماركسيين اللينينيين، فقد انكب المناضلون، ومنهم الشهيد عبد الحق شبادة، على البحث عن آليات الخروج من وضع الأزمة والانخراط في التهييء لضمان تأطير الانتفاضات الشعبية المندلعة آنذاك.
إن الكتابات التي تؤرخ لتلك الحقبة الغنية بدروسها وملاحمها الثورية، تبين حجم المناضلين الحقيقيين وعمق تفكيرهم في حل القضايا الجوهرية والراهنة على المستوى التنظيمي أو السياسي... 
وبقدر ما نعود الى تلك الحقبة التي انتجت خيرة المناضلين الثوريين المخلصين، كما الحقب التي سبقتها، فلا نسعى إلى تقديسها، بحكم أن لكل مرحلة إخفاقاتها كما إنجازاتها، كما هو الشأن بالنسبة للماضي القريب والحاضر الذي نعيشه. فرغم التفاوت في الظروف والحيثيات، فالجيل الحالي من المناضلين الثوريين، خصوصا المعاصرين لانتفاضة 20 فبراير المجيدة قد رسم ملاحم بطولية وأنتج تجارب تنظيمية نوعية زعزعت كيان النظام الرجعي بالرغم من الضربات الموجعة التي تلقتها من الأعداء كما من "الأصدقاء". فالتخطيط القبلي لتنظيم انتفاضة 20 فبراير والإفرازات النوعية، على المستوى الوطني، التي أعقبت الانتفاضة، والتي ضمنت استمرارها زمنيا وتمددها مكانيا، كل ذلك لم يظهر من العدم أو سقط سهوا، بل هو نتاج لدروس وتضحيات الماضي وللقراءة الثورية الصحيحة والسليمة للواقع. وبقدر ما أزعجت تلك الإنجازات النظام وأزلامه، فقد كانت حافزا كبيرا للمناضلين الماركسيين اللينينيين، ومعهم كل المناضلين الثوريين المخلصين، للتقدم في إنجاز مهامهم وتطوير الآليات التنظيمية الكفيلة بضمان استمرار انتفاضة الشعب المغربي؛ وهاجسهم الأكبر، كمهمة لا تقبل التأجيل أو التردد، وهو وضع الحجر الأساس لبناء التنظيم الثوري، وهو ما شكل ولازال، المهمة المركزية إلى جانب باقي المهام الأخرى التي لا تقل أهمية... وإذا كان جيل الثمانينات لم ينجح في إفراز النواة الأولى للتنظيم الثوري، رغم قوافل الشهداء والمعتقلين السياسيين، بسبب عدة عوامل ذاتية وموضوعية، فإن الجيل الحالي أمامه عدة مهام جوهرية، ومن بينها بالتأكيد مهمة الاستمرار في  وضع اللبنات الأساس لبناء التنظيم الثوري...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق