26‏/10‏/2018

حمان الاطلسي// إنتاج الغضب لإنتاج رد الفعل أم إنتاج الوعي لتوجيه الغضب



يلاحظ عموما على الساحة الاجتماعية، وخصوصا على المستوى الإعلامي، تهافت النظام على طمس أي موضوع من شأنه أن يثير إشكاليات واقع وآفاق أوضاع البلاد. 
من الطبيعي أن يعمل الإعلام الأصفر الرجعي على ذلك، لأنها غاية وجوده. لكن، ماذا لو فقد الإعلام الراهن المعلوم بتبعيته تأثيره المعهود؟ ما حيلة النظام أمام كل هذا؟ الأسلوب واضح، وهو عادي جدا. فكل دولة تحترم نفسها أو لا تحترم نفسها مجبرة بمضمون وجودها الدفاع عن مصالح الطبقة المهيمنة على وسائل الانتاج والحرص على عدم المساس بأهدافها الآنية والاستراتيجية. إن الدولة مسؤولة من زاوية إنتاج وإعادة إنتاج الثقافة السائدة بهدف توجيه النقاش العام. 
لنقم بمقارنة على مستوي تأثير الخبر على المتلقي ومستوى إنتاج الغضب ورد الفعل بين خبر إغراق البلاد في الديون حيث وصلت الى أكثر من 91% من مجمل الدخل القومي، وبين خبر تمديد العمل بالساعة الحالية طيلة السنة. سنلاحظ أن الخبر الثاني لقي اهتماما وتركيزا أكثر، لأنه ببساطة أنتج غضبا لامس الانشغال البسيط للعامة، رغم مضمونه التقني. أما الخبر الأول، فهو يحمل مضمونا طبقيا يعري حقيقة التبعية للإمبريالية ودواليبها، وله انعكاسات اقتصادية واجتماعية وسياسية خطيرة ترهن مستقبل الشعب وتزج به في متاهات البؤس والاضطهاد. إن نقاش هذا الخبر وتحليله أمام الرأي العام من شأنه أن يكشف عورة النظام وكراكيزه ويفضح المخططات الطبقية المدمرة. لذا بين عشية وضحاها قفز الخبر الثاني لمحورة النقاش وتوجيه التركيز نحو ه. الخبر الأول، حله في اقتلاع النظام والتبعية للإمبريالية. أما الخبر الثاني، فستثار حوله ردود الأفعال والانفعالات. وقد بدأت في التوالد...
وفي الأخير، الحل تقني. لذا من مصلحة النظام وأتباعه إثارة هكذا نقاش. إن النظام أمام فشل منظومته الايديولوجية في السيطرة الكلية على الوضع، وأمام تنامي الاحتجاجات التي وصلت الى عقر قلاعه التقليدية، ومنها الملاعب الرياضية، لا حل له سوى إعادة إنتاج ايديولوجيته بأسلوب "اعط القط كرة الصوف لنأكل في راحتنا"... 
ما موقعنا نحن؟ لماذا لم نستطع ان نوجه النقاش نحو المسار/الخط الصحيح؟ 
الجواب ليس بسيطا، لكن ضروري، بل ينبغي في خضم صراعنا مع النظام ألا نغفل الواجهة الإعلامية. وهذا وارد، لأننا نحاول أن نكون حاضرين على هذا المستوى. لكن حضورنا مازال في بدايته، مازال بعض "الرفاق" (المناضلين) يحللون الواقع ويعطون نتائج واستثمار هذا التحليل لأعدائهم بدون وعيهم منهم. وهذا ما وقع في حالة "مايسة" وفي حالات ارتزاق كثيرة مماثلة؛ فالكثير من كان يستشهد بها رغم أنه قادر/أقدر على أن يأتي بأفضل منها وبمصداقية وصدق نضاليين. كفى، نعم لتأهيل الذات المناضلة، بدل "تأهيل" الأعداء وإعطاء السلاح لغيرنا، ليقود المعارك ضدنا. إن هذا مثال بسيط على سذاجة المناضلين "الاخلاقيين" جدا. 
إن الإعلام واجهة للصراع الطبقي، وتستلزم الصرامة النضالية بالنسبة للمناضلين الانسجام مع الخط السياسي. فالنظام يربي ذئابه وخرافه في خضم غضبنا واحتجاجاتنا. ونحن أبناء الشعب المغربي المكافح إذا لم نكن حازمين وواضحين سنتحول بدون وعي منا من مدافع على الشعب الى عالة عليه. لقد حان الوقت لكي نراهن على وعي الجماهير الشعبية المضطهدة أكثر من الرهان على غضبها. 
فلنوجه مسارها نحو التحرر، وليس أن نعطي للنظام فرصة توجيهها وإشعال وإطفاء غضبها متى رأى ذلك في مصلحته. ولنا في تجارب الاحتجاجات الأخيرة خير مثال...



شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
8 تعليقات

8 التعليقات:

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية