13‏/02‏/2020

معركة عمال أمانور بين عدوين، والعدوين أعداء

معركة عمال أمانور بين عدوين: نظام عميل يحمي مصالح القوى الاستعمارية بالبلاد ومركزية بيروقراطية أحرص على ضمان "السلم الاجتماعي" للصوص وتخشى أن تجد نفسها في مواجهة مكشوفة ضد نضالات العمال.

 هذه هي حقيقة التطورات الحاصلة في معركة عمال أمانور بطنجة بعدما قطعت أشواطا متقدمة وأوصلت إدارة الشركة والباطرونا، ومن يتحالف معها، في السر أو في العلن، إلى وضعية البلوكاج.. أن يعلن العمال والأطر، وبالإجماع، الدخول في الإضراب المفتوح عن العمل مباشرة بعد صدور قرار الطرد في حق المناضلين بالمكتب النقابي، ودون تردد أو تأخير، فهذا ينم عن وعي متقدم لديهم بعدما ذاقوا الويلات من قرارات الإدارة التعسفية والإجهازات المتتالية على مكتسباتهم، خصوصا أن مجال عملهم محفوف بالمخاطر قد تصل إلى الموت أثناء تأدية عملهم كما حدث في نهاية سنة 2019 بعد وفاة عامل بسبب حادث شغل في أحدى الورشات. وفي ظرف قياسي أتسعت رقعة المعركة وتعالت بيانات التضامن من الفروع والمكاتب النقابية بمجموعة من القطاعات (تجاوز عدد القطاعات العشرين) حتى أن المكتب الجهوي سارع/هرول إلى تبني المعركة (كذا) دون شروط أو مقدمات وأصبح هو من يقود زمام المبادرة وأعلن عن برنامج نضالي حافل بالوقفات والزيارات التضامنية لمعتصم عمال أمانور ومسيرة بالسيارات بمدينة طنجة إلى المعتصم، في أجواء غير مسبوقة جعلت منسوب التضامن مع المعركة والتنديد بقرارات الإدارة يتصاعد، ومر الأسبوع الاول من المعركة مثل العاصفة على النظام ومعه من لم يرقهم هذا الزخم النضالي الغير مسبوق في المدينة. وبالمناسبة نستحظر تصفية معركة عمال "ديلفي" و"فولسفاكن"، وقبلها عمال "ميد بيبر"، التي مرت ''بسلام’' بعدما ساهمت القيادة البيروقراطية في عملية التصفية. لكن هذه المرة لم تمر الأمور مثل ما اعتاد السماسرة في قيادة الاتحاد. فقد كان للعمال كلمة الفصل، تلاها الالتحام النضالي للمكاتب النقابية محليا، بعدما ضاق المناضلون ضرعا من قيادة انتهازية تبدع في السمسرة على معاناة وتضحيات الطبقة العاملة، فلم تكن القيادة المافيوزية (الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل) لتحرك ساكنا لو اقتصرت المعركة على إضراب عمال أمانور عن العمل، مثلما لم تحركه إبان معركة الثلاثة أشهر بنفس الشركة سنة 2019، لكن الأمور هذه المرة مختلفة كما ونوعا. . إن قرار المكتب الجهوي لنقابات طنجة بتعليق البرنامج النضالي هو أولا قرار الأمانة العامة، أو القيادة البيروقراطية، ثانيا هو قرار بيروقراطي ليس له أي علاقة بمصلحة العمال الذين باتوا أكثر عرضة للتشريد. أما قول أن "معركة عمال أمانور هي معركة الاتحاد المغربي للشغل"، كما جاء في بيان المكتب الجهوي، هو مجرد دباجة ومقدمة للالتفاف على المعركة من طرف القيادة البيروقراطية وإلا ما المانع من عدم قول أن "معركة عمال روزا فلور التي تقاوم التصفية لما يقارب 1200 عامل وعاملة هي معركة الاتحاد المغربي للشغل"؟ وكذلك الشأن بالنسبة لعمال المطارات ومجموعة من القطاعات الأخرى التي كان للقيادة البيروقراطية دورا كبيرا في تسهيل تصفيتها؟ أم أن لكل قول تبعاته وحساباته ولا بأس من الموقف هنا وضده هناك واحتراف السير على حبلين والجلوس بين كرسيين. في كل الحالات ما يمكن استنتاجه كحقيقة لا غبار عليها هو أن موقف البيروقراطية سيبقى دائما موقف المجرم الشريك والعميل لمصاصي الدماء. فالبيروقراطية لا يمكن أن تكون صادقة يوما ما في مناصرة معارك العمال وعموم الشغيلة وقيادتها في حركة مطلبية جذرية لأنها ببساطة يؤدي بها للعصف بذاتها. لذلك فهي لا تصارع إلا للحفاظ على موقع الشريك العميل لرأس المال. إن الموقف السياسي الجذري يلازم وبالضرورة الموقف النقابي الجذري. وهذا القول يستلزم تصويب الممارسة النضالية بكل جرءة ومسؤولية لأن المناضل قد يصيب كما قد يخطء لكن المفروض، من المناضلين المخلصين والمكاتب النقابية التي أبانت عن نضج نضالي في التعاطي مع معركة عمال أمانور، الانخراط بمسؤولية لإنجاح هذه المعركة، والتي هي، في الحقيقة، معركة رد الاعتبار للطبقة العاملة، معركة الوجود، ونجاح هذه المعركة في أهدافها الآنية هو نجاح لكل مناضل مخلص وصادق، وفشل لكل انتهازي ولكل متكالب ومتآمر. إن كل المتخاذلين والبياعة النقابيين اليوم، وكل المتمترسين خلف النظام من مختلف مواقعهم المشبوهم (ليبرالية ديمقراطية معارضة رسمية -يمينية ويسارية- نقابية أحزاب وجماعات الظلامية بمختلف توجهاتها..)سيعملون ، وكل بطريقته وامكانياته وارتباطاته على استثمار كل الهفوات وكل الثغرات للتسلل بهدف ممارسة تأثير أو توجيه للمعركة في الاتجاه الذي يريد النظام بالدرجة الأولى باعتباره القوة الطبقية الحامية لمصالح القوى الاستعمارية ببلادنا. وبالموازات سيعمل النظام على ممارسة أساليبه المعهودة من القمع والمنع والتخويف والمسايرة وربح الوقت والمراهنة على تفكيك المعركة من الداخل وتقديم الوعود والتنازلات الشكلية والالتفاف.. وهذا الدرس تثبته تجربة العمل النقابي ببلادنا بشكل جلي. ولا أحد بإمكانه التكهن بالأطوار اللاحقة ولا بالسيناريوهات التي يعدّها النظام لمواجهة عمال متشبثون بمواقفهم وبمطالبهم وبوحدتهم. وتبقى مهام المناضلين المبدئيين نقابيين وسياسيين وجمعويين ومدونين للاسهام في صنع الانتصار هو: العمل على ضمان كل مقومات الصمود للعمال والقدرة على تجاوز كل رهانات وسيناريوهات النظام وأزلامه دون أن تحدث رجات وارتياب في أوساطهم.. فتح الجسور مع العمال والعمل على حشد التعاطف الواسع وسط كل فئات شعبنا من خلال دعاية فعالة لضمان المقومات الاساسية المادية والمعنوية للصمود ولضمان طول النفس في المعركة.. الاسهام الفعال في الرفع من الوعي بأهمية الموقف من كل مكونات الفوق السياسي المنبطح والفاسد والعميل بما فيه من ينصبون أنفسهم في المعارضة أو النافذين في المركزيات النقابية.. إنها المرحلة التاريخية لقول لا بالجهر، وبصوت عمالي، في وجه القيادة المفيوزية للاتحاد المغربي للشغل.. إن تركيع الشركة الاستعمارية لن يكون دون تركيع النظام، وتركيع النظام لن يكون دون التصدي للبيروقراطية النقابية، ولكل الطروحات المفلسة، والمنبطحة، وتصويب المعركة بطريقة صحيحة وجذرية. كما يجب الوعي أن المعركة لازالت في بدايتها، والشركة الاستعمارية وبدعم من النظام ستجد، أو قد نقول، وجدت البديل في تدبير ألازمة التي خلقها إضراب العمال عن العمل ومع ذلك يظل صمود العمال في المعتصم، وكذا امكانية تطور المعركة لتتجاوز حدود المعتصم، خطوة من الخطوات المؤثرة في شروط اجتماعية مقلقة ومتوترة وتنذر بالانفجارات. فلا صوت يعلو على صوت المعركة، ولتذهب محاولات التشويش والعزل والإخضاع لأمر الواقع إلى الجحيم..

  مدونة ''مغرب النضال والصمود من أجل بديل جذري''



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق