اقتحم الشيخ إمام (إمام محمد أحمد عيسى) القلوب والعقول، وجواز مروره
الأممي هو صدق فنه المعبر عن هموم ونبض شعبه المصري وشعوب العالم المضطهدة. التزام مبهر الى جانب صديقه/رفيقه المبدع أحمد فؤاد نجم وجنود الخفاء.. كما نجح مبدعون في مجالات المسرح والسينما والشعر (...)، تفوق الشيخ إمام في إبراز موقع الفن في معركة الحياة والصراع من أجل العيش الكريم.. نجح إمام ورفاقه في صنع البديل الفني الملتزم والمعبر عن أنين المعذبين...
امتزج في فنه الكلمة واللحن والصوت. ننصت الى الشيخ إمام بكل اهتمام وخشوع، اليوم كما الأمس. كم أذرفنا من دمع ونحن نذوب في عذوبة موسيقاه.. لحظات تأثر وانفعال بامتياز..
ما كانت تخلو مناسبة من أغاني الشيخ إمام، وخاصة الأيام/الأسابيع الثقافية والنضالية بالثانويات والكليات. وأذكر الإقبال المنقطع النظير على أسطوانات الشيخ إمام إبان أسبوع ثقافي بالمدرسة العليا للأساتذة بمراكش. لقد اضطررنا الى نسخ وإعادة نسخ أعداد هائلة من الأسطوانات في اليوم الواحد.
كانت أغانيه مصدر إلهام لنا قبل الاعتقال وفي مرحلة المحاكمة وبعدها. كنا نجتمع على نغماته ونفترق عليها. كان بهو محكمة الاستئناف بمراكش في ماي 1984 يهتز بقوة شعاراتنا وأغانينا، ومنها أغاني الشيخ إمام. كنا نرعبهم، بل كان الشيخ إمام يرعبهم..
وكم التجأت اليه في عزلتي القاتلة، حيث الصمت الرهيب والبرودة والصدأ، سواء بزنازين بولمهارز بمراكش أو بزنازين ابن رشد (موريزكو) بالدار البيضاء. كنت أردد أغانيه بصوت خافت وهادئ للاطمئنان واسترجاع الأنفاس والصمود وتجديد المقاومة. وعندما كنت أنزعج من فظاظة بعض الحراس وهم ملتصقون بالكرسي قرب رأسي وأنا مقيد بالأصفاد الى السرير وفي حالة إضراب لامحدود عن الطعام لسنوات، لم أكن أجد بدا من إطلاق عنان حنجرتي كسيف بتار لتصدح بأغاني الشيخ إمام وفنانين آخرين، بكل ما أوتيت من قوة... وكثيرا ما انزعج "أصحابنا"، "الزبانية" منهم، ووضعوا بعض المسافة بيننا، ومنهم من كان يغادر الزنزانة.
الشيخ إمام كان سلاحنا وكان سندنا.. كان وما زال رمزا يحثنا على مواصلة درب الشهداء والعظماء...
الشيخ إمام لم يكن فقط فنانا ملتزما بقضية، ولم يكن فقط فنان شعب أو شعوب، كان الشيخ إمام بلسما لكل ذي/ذات جرح. وكان بلسمنا لجرح الاختناق والتعذيب والتغييب عن الأهل والأصدقاء والرفاق، وعن الحياة الجميلة.. كان بلسما لجرح الخيانات والانكسارات وطعنات الغدر..
باختصار، كان بلسما شافيا وكافيا..
شكرا للرفاق المبدعين الصادقين الذين يخلدون فنه/رسالته. إنكم "خير خلف لخير سلف"..
الشيخ إمام حي فينا/فيكم كما الشهداء. غنى للشعوب ولأبطال الشعوب (غيفارا وهوشي منه...).
رسالة الشيخ إمام بندقية.
أن تحمل أغنية/رسالة الشيخ إمام بصدق، فأنت تحمل بندقية..
أحببناك يا شيخ كما أحببنا قضية شعبنا وشهداءنا ورفاقنا...
شارك هذا الموضوع على: ↓