منذ بداية الدعاية الإعلامية الواسعة لانتشار وباء كورونا-فيروس، كانت
كل المؤشرات تدل على توجه الامبريالية وكل الأنظمة الرجعية التابعة إلى استغلال الوضع الجديد لصالح البرجوازية من جهة، وتعميق معاناة الشعوب عبر المعمور وخلق جو من الهلع والرعب والقلق لتسهيل تمرير وسن قوانين وقرارات جديدة/قديمة، وفرض حالة الطوارئ "الصحية" للإجهاز على المكتسبات والحقوق التي ناضلت من أجلها الشعوب لعدة أجيال، إن الوضع الذي خلقته "سياسة" كورونا وجندت له ترسانتها الإعلامية يهدف ببساطة إلى سلب حقوق الجماهير وثروات الشعوب.
كما أن تقييد حرية التنقل بين المدن ومنع التجمعات النقابية والسياسية والمدنية، كان ولازال، بهدف ضمان وضع الاستقرار المزعوم، وضرب كل التراكمات النضالية الشعبية (معارك عمال المعامل والضيعات وقطاع الخدمات: الإضراب المفتوح لعمال النظافة بالسعيدية المستمر لأزيد من سنة، الاعتصام والإضراب المفتوح لعمال أمانور بطنجة الذي دخل شهره السابع، معركة العمال الزراعيين، معارك العمال الزراعيين بشتوكة أيت باها…). لأن النظام يعي جيدا أن هذه المعارك تشكل أرضية خصبة لتفسح المجال لمعارك عمالية وغير عمالية أوسع وأكثر قوة وحدة. فلا يعقل أن تظل تلك الفئات الشعبية صامتة أمام طغيان البرجوازيين وتواطؤ الأحزاب السياسية والقيادات النقابية...
وإغلاق المحلات التجارية والترفيهية، والإبقاء على المعامل والشركات والمراكز التجارية الكبرى يهدف إلى تكريس "التباعد الاجتماعي" وإرغام الناس على حياة شبه معزولة وتغيير نمط حياتهم، وإجبارهم بقوة الحديد والنار على الخضوع لنمط حياة جديد موضوع على المقاس. وبالتالي فإن كل ذلك هو تمهيد لمخططات طبقية كبرى قادمة تخدم مصالح البرجوازية العالمية والمحلية، ويجب أن لا ننسى ولو لحظة تلك المجموعة الصغيرة من الكتابات الدقيقة التي '’تنبأت" بالوضع الحالي، وفضحت المؤامرة الواسعة النطاق بشكل علمي دقيق، ومن أصحاب هذه الكتابات من تعرض للاعتقال ومنهم من تعرض للمضايقات والتشريد ومنهم من توفي في ظروف غامضة...
إن عودة الحديث بقوة عن موجة ثانية وثالثة للفيروس يعد تمهيدا للطريق لإسكات كل الأصوات المناهضة والمعارضة لمخططات النظام وإعادة ترتيب الوضع استعدادا للعبة الانتخابات القادمة (2021) والتي يريد لها النظام أن تمر في ظروف مناسبة لتسويق نموذجه "الديمقراطي" الذي حول البلد إلى مرتع للناهبين والفاسدين والمتاجرين في مآسي الشعب، وتسويق هذا النموذج، الديكتاتوري القمعي، من طرف الإعلام المحلي والعالمي المملوك للبرجوازية يهدف إلى منح النظام مجالا أوسع لارتكاب الجرائم والفظاعات، فسجون البلاد تعج بالمئات من المعتقلين السياسيين.
إن الوضع يتطلب من المناضلين، تعرية ما يجري من انتهاكات صارخة لأبسط حقوق الشعب المغربي، ورفض الجمود الحاصل وفضح الجرائم التي ترتكب في حق كل فئات الشعب المغربي تحت غطاء حالة الطوارئ الصحية. إننا ملزمون بقول الحقيقة في هذه الظروف الصعبة، والتاريخ سينصفنا، فكلما بقينا في موقع المتفرج، سيتمادى النظام في مخططاته، بعدما حصل على الضوء الأخضر من قيادات سياسية ونقابية فاسدة وأخرى اختارت موقع المتفرج على أن تنحاز للمضطهدين والمفقرين والمشردين.
سفيان غسان
شارك هذا الموضوع على: ↓