بداية، الرسالة المفتوحة لا تتوخى دائما إعلان الحقيقة أو انتظار الإنصاف
من طرف الجهة الموجهة اليها ولا حتى تحميلها المسؤولية. إنها آلية من آليات الفضح والتشهير أمام الرأي العام وتسليط الضوء على القضية المعنية، خاصة وأساليب التضليل والتعتيم المعتمدة من طرف وسائل الإعلام الخاضعة كليا للنظام والباطرونا والممولة من طرفهما. فالصمت/السكوت يريح هذه الجهات ويساهم في استمرار تلاعبها بالقضايا التي تزعم تمثيلها والمرافعة لفائدتها. كما أن الرسالة المفتوحة ليست بديلا عن أشكال الفعل النضالي، مثل الإضراب والاعتصام والمسيرات والإضراب العام وحتى الانتفاضة إذا توفرت شروطها، خاصة الذاتية... فالاقتصار على الرسالة المفتوحة أو على البيان أو المقال لن يحدث ذلك وحده الفارق المطلوب كوسيلة فضح وضغط من أجل انتزاع المكتسبات وتحقيق المطالب. وبدون شك، فمستوى حدة الصراع الطبقي والوضع الذاتي محددان أساسيان بالإضافة الى الظرفية السياسية وموازين القوى إبانها لاعتماد هذه الصيغة النضالية أو تلك. لأن العفوية أو العشوائية أو الحماس الزائد، كل ذلك قد يضر بالقضية وبالشكل النضالي. فكم من معركة "فشلت" بسبب غياب شروط نجاحها. علما أن توفر شروط نجاح معركة لا يضمن نجاحها بالضرورة. لأن تعنت النظام والباطرونا وتحالفهما الموضوعي يستهدفان المعارك النضالية وخاصة العمالية لكسر شوكة العمال وتدمير المعنويات وتقديمهم كنماذج للترهيب وتكريس المعاناة والاستغلال (مثال عمال امانور)... مما يفرض مواصلة النضال وتجديده وتطويره، فالصراع الطبقي ليس معركة واحدة، إنه معارك متواصلة ومتجددة...
وما يقهر شوكة النظام والباطرونا والقوى السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية البيروقراطية هو التضامن وتوحيد الجهود والمعارك. فمعركة عامل واحد هي معركة كل العمال، ومعركة فلاح واحد هي معركة كل الفلاحين، ومعركة معطل أو طالب أو مشرد هي معركة جميع المعطلين والطلبة والمشردين، ومعركة معتقل سياسي واحد هي معركة كافة المعتقلين السياسيين، ومعركة عائلة واحدة هي معركة كل العائلات. إنها قضايا عادلة تفرض واجب التضامن والانخراط الفعلي فيها...
إن المجهول المعلوم، هو من يدعي الدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية، من شغيلة ومعطلين وطلبة ومشردين...
المجهول المعلوم، هو أنا وهو أنت وهو نحن وأنتم وهم وهن..
إنه بالدرجة الأولى الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات...، ومنها بالخصوص من يدعي الدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية، من شغيلة ومعطلين وطلبة ومشردين...، ويرفع شعارات التقدمية والديمقراطية وحقوق الإنسان...
إن هذه الرسالة المفتوحة تهدف أولا الى إثارة العدد الكبير للمعارك القائمة أمام غياب العدد الكبير للهيئات السياسية والنقابية والجمعوية. وحضور البعض منها لا يقدم الدعم المناسب، وخاصة الحضور الميداني والمواكبة المستمرة. فلغة البيانات التضامنية رغم أهميتها لا تفي بالمطلوب، لان النظام وعملاءه أدرى بالأثر المحدود لهذه الآليات التضامنية. وفي نفس الوقت، لا يمكن إلا الإشادة بالمبادرات النضالية، ومن بينها أشكال التضامن والمؤازرة (إضرابات رمزية عن الطعام، دعم مادي، مواكبة إعلامية...).
ويكفي أن نذكر معارك ونضالات:
- عمال شركة امانور المضربون عن العمل والمعتصمون بمقرات الشركة بطنجة وتطوان والرباط منذ 21 يناير 2020؛
- العمال الزراعيون بضيعات شتوكة أيت بها وأولاد تايمة ومطرودو محطات التلفيف بصوبرفيل ونيفر بيل بأيت ملول؛
- عمال شركة اوزون للنظافة بالعديد من المدن؛
- عمال وموظفو قطاع الإنعاش؛
- نضالات المعطلين، واعتقال سبعة منهم ببني تدجيت يوم الجمعة 21 غشت 2020؛
- مسيرة أمهات المعتقلين السياسيين ببني تدجيت نحو مدينة بوعرفة؛
- معارك المعتقلين السياسيين بمختلف السجون وإضرابات عن الطعام لمعتقلي الريف ونضالات عائلاتهم؛
- الأحكام الجائرة في حق المعتقلين السياسيين بجرادة؛
- نضالات الأساتذة ورفضهم لنظام التعاقد؛
- نضالات الطلبة بمختلف المواقع الجامعية، ومن بينها نضالات طلبة الأقسام التحضيرية بالجديدة؛
- الاحتجاجات بالعديد من المناطق على واقع الإقصاء والحرمان (الماء، التطبيب...)؛
- نداءات مرضى كوفيد-19 بالمستشفيات وبالشارع، حيث الإهمال والتهميش...
إن هذه الرسالة المفتوحة تهدف ثانيا الى دعوة المناضلين المجهولين المعلومين الى تكثيف الجهود من جهة الى تنظيم الصفوف والتقدم في بناء الذات المناضلة، ومن جهة أخرى الى الانخراط في معارك الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة. ولا معنى لضرب المناضل برفيقه بخلفية الانتماء النقابي غير الموحد (الاتحاد المغربي للشغل في مواجهة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، UMT//CDT). فبدل التعصب لهذه النقابة أو تلك، وهو ما يخدم البيروقراطية، يجب دعم المعارك النضالية من خلال هذه النقابة وتلك. دون إغفال واجب خدمة كافة القضايا العادلة خارج المغرب، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وأدين بالمناسبة جريمة اغتيال المناضلة الكردية Ebru Timtik (محامية) من طرف النظام القائم بتركيا، وذلك بعد 238 يوم من الإضراب عن الطعام احتجاجا على محاكمتها ب 13 سنة سجنا نافدا بتهمة "الانتماء الى منظمة إرهابية".
إنها رسالة مفتوحة منا وإلينا، المجهول منا والمعلوم.. أنا وأنت ونحن وأنتم وهم وهن...
شارك هذا الموضوع على: ↓