16‏/05‏/2021

حمان الأطلسي // القضية الفلسطينية بين الفهم الميكانيكي والفهم الجدلي


القضية الفلسطينية قضية وطنية في الفهم الجدلي الماركسي اللينيني،
فهي ترتبط جدليا بمشروع الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية؛ أي أنها نقطة مركزية من بين نقاط مشروع الثورة المغربية. لان العدو الذي يواجهه الشعب المغربي هو نفسه الثالوث الامبريالي الصهيوني الرجعي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني. لذا فجميع الأشكال النضالية النوعية منها والبسيطة تشكل تراكما متميزا في مسار الثورة المغربية المظفرة. 

 إن التضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني هو في الأصل نضال ضد الرجعية المحلية أولا، وهو نضال ثانيا لطرد التواجد العلني والخفي للصهيونية والامبريالية ومشاريعهما. وهو لن يكون إلا نضالا ثوريا وفق نظرية علمية وبرنامج سياسي دقيق للثورة. أما "التضامن" الذي لا يضع أفقه السياسي وخلفيته السياسية وفق هذه الجدلية، فهو دائما "تضامن" محكوم بالنزعة البرجوازية الصغيرة في أحسن الأحوال. 

إن القراءة البورجوازية الصغرى للوضع السياسي للقضية الفلسطينية ليس بالضرورة أن يكون تجليا للموقع الطبقي لأصحابه، بل يمكن أن تكون محدودية التفكير وضيق الأفق النظري والسياسي منبعا لهذه النزعة البرجوازية المتجاوزة. فأصحابها غير قادرين على تخطي الحاجز السياسي الذي وضعته البرجوازية المتواطئة والمتخاذلة للقضية. 

لنأخذ على سبيل المثال أوقات التضامن أو أوقات إثارة مشاعر التضامن (دغدغة العواطف) التي تتزامن غالبا مع هجوم الصهاينة والتوجيه الإعلامي له، كأن القضية عبارة عن حلقات غير مترابطة لسلسلة أكشن (ACTION). ولذلك لا نختزل القضية الفلسطينية في أحداثها البارزة، ولا في حجم الضحايا، لكي تتحرك المشاعر وتنتفض. إننا نربط تحرر الشعب الفلسطيني بتحرر الشعب المغربي وكافة الشعوب المضطهدة من نير الاضطهاد الامبريالي والصهيوني والرجعي. وأي تراكم هنا في مسار الثورة الطويل والشاق هو تضامن فعلي حقيقي. هذا على مستوى الشكل الزمني للتضامن؛ أما من الناحية السياسية، إن رفع شعارات أو هاشتاكات دون التمحيص في مضمونها السياسي أو في الطرف السياسي الذي أنتجها، فهو جدليا يعتبر الحد الأدنى الذي تتقاطع فيه مصالح الصهيونية والرجعية المحلية (الفلسطينية) المسؤولة عن كبح نضال الشعب الفلسطيني والمتاجرة به. وتعتمد ما لا يشكل حدا أدنى لطموحات الشعب الفلسطيني المكافح. إن الصهيونية تعلمت قبل الهجوم أن تحدد حدا أدنى لها، وأن توجه الأنظمة الرجعية و"عباقرة" الإثارة (أفراد وتنظيمات) لتبني ما لا يخدم القضية الفلسطينية والدفاع عنه في المحافل الدولية (المؤسسات الامبريالية) كما يفعل النظام الرجعي القائم بتركيا حاليا .

إن النزعة البرجوازية الصغرى لا تتوقف عند هذا الحد، بل تتجلى عند بعض المناضلين في عدم فهم الجدلية  بين النضال التحرري والنضال الطبقي. إذ يقرأون النضال التحرري كأنه قضية منعزلة عن النضال الطبقي؛ وهو فصل ميكانيكي متعسف وغير علمي ناتج عن عدم فهم علمي للمرحلة ودور الامبريالية بالخصوص. إن العلاقة بين النضال التحرري والنضال الطبقي يمكن ملامسته من خلال مراحل تطور القضية الفلسطينية، وكيف تنازلت البرجوازية الصغرى من خلال حركة فتح المساومة وتوابعها المنبطحة عن ثوابت الثورة الفلسطينية، ليتحول بعض رموزها إلى برجوازية كمبرادورية عميلة للصهيونية، بل مساهمة في عزل وتقسيم الشعب الفلسطيني والإساءة الى القضية الفلسطينية. وخير مثال دحلان وعباس أبو مازن ومن لف لفهم... نفس الشيء بالنسبة للفهم الرجعي الظلامي الذي تجسده حركتا حماس والجهاد ذراعا الرجعية الدينية في المنطقة. إن البرامج السياسية والاستراتيجية لهذه القوى هي ترجمة للموقع الطبقي للبرجوازية الكمبرادورية الحالية والناشئة، والتي لن تكون مصلحتها منعزلة عن مصالح الامبريالية. كما أن سقفها السياسي في اللحظة الراهنة لن تكون إلا الرجوع إلى الوضع السالف غير المقبول، كما كان قبل الحدث، حفاظا على موقعها ومصالحها (رد الفعل على الفعل). ويتضح ذلك من شعار "الخروج من الحي"، أي الانسحاب من "الحرم القدسي" (وقف إطلاق النار). ما موقع هذه الشعارات بالنسبة للقضية الفلسطينية ومنها الشعارات الدينية والشوفينية، بل ما موقع استخدام مصطلح "إسرائيل" والحديث عن القدس الشرقية وأراضي 67 (أين شعار ومبدأ الدولة الديمقراطية)؟!!  

كل هذه الشعارات هي للاستهلاك الإعلامي، لكنها كينونة البرامج السياسية لهذه القوى المتخاذلة والمنهزمة. وهي برامج وشعارات تترجم البعد الانبطاحي والخضوعي والطبقي للقضية .

عودة إلى التضامن عندنا بالمغرب، ألا ترتبط القضية الفلسطينية بالصراع الطبقي ببلادنا، وهو صراع طبقي ضد النظام الرجعي القائم؟!! أي أن مضمونها (نقصد القضية الفلسطينية) هو طبقي، فما معنى التماهي مع الرجعية والظلامية والشوفينية في تجسيد الوقفات الممسرحة، بل الإلحاح على وجودها والتنسيق معها؟!!

 أليست الظلامية والشوفينية قوى رجعية؟ 

آسف رفاقي.. لم أكن أعلم، أن بعض "الرفاق" يعلمون...  

القضية واضحة، عنوانها الثورة لا غير .





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق