2021/08/09

حسن أحراث// لنُخلد ذكريات الشهداء، يا رفاقي.. إنه شهر الشهداء، شهر غشت، إنه شهر الحياة..


نعم، لنُخلد ذكريات رفاقنا المناضلين، رفاقنا الشهداء في شهر الشهداء، الدريدي وبلهواري وشبادة ومزياني...

نعم، لنُخلد ذكريات انتفاضات شعبنا البطل..

نعم، لنُخلد ذكريات بطولات شعبنا المُكافح..

الشهداء أحياء وشعبنا كذلك. وإن لم نُخلد ذكريات الحياة، فنحن أموات بقوة الحياة..

فكيف لمناضل أن يرضى الموت وهو "حي"؟!!

إن المناضل من يقول "ها أنا ذا" في ظل الشدائد...

المناضل حي، حيا أو ميتا/مستشهدا..

المناضل صرخة حياة..

المناضل وقفة عز..

المناضل عنوان مستقبل شعب...

قد ينبطح "الكل" إلا المناضل.. ولا يمكن أن ينبطح الكل.. 

إنها مسؤولية المناضل..

وتخليد الذكرى ليس وصفة ثابتة أو مناسبة عابرة للعناق.. إن التخليد بمعناه الإيجابي والنضالي، هو استحضار التضحية وتجديد العهد على مواصلة درب النضال؛ هو تسجيل الموقف السياسي أولا، وثانيا ترك بصمة الوفاء لدى المعني أو المعنيين بالتخليد.. لقد صار ترديد الشعارات مألوفا، لكن أين بصمة الوفاء الحارقة؟ إن بصمة الوفاء بحرقتها هي الاستمرارية الميدانية المُؤطرة نظريا في خدمة قضية الشهيد والشهيدة، الى جانب العاملات والعمال، صانعات وصُناع الثورة..

هناك ظروف استثنائية مفروضة. نعم، نرفضها؛ لكنها لن تحول دون تخليد ذكرى الشهيد وذكرى الشهيدة. الظروف الاستثنائية قائمة دائما، لكن أيننا نحن من تضحيات شهيداتنا وشهدائنا وبطولات شعبنا؟

رغم الظروف الاستثنائية يُصر النظام على تمرير مخططاته الطبقية المُدمرة وتنظيم لعبته المفضوحة (الانتخابات)، ونحن نعجز عن التصدي لذلك؛ بل ونعجز حتى عن ممارسة مواقفنا ووفائنا لقضيتنا في حدودها الدنيا.

كيف ننسى استشهاد رفيقينا بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري في "عز" الحملة الخادعة للانتخابات التشريعية لسنة 1984؟

إننا نُدين من شارك في تلك المهزلة ونحن ننزف دما طيلة شهري يوليوز وغشت 1984. لنا ذاكرة ولشعبنا ذاكرة وللحياة ذاكرة... والمعنيون والمعنيات يعرفون/فن أنفسهم/هن...

إننا نُدين من أعاد ويعيد الكرة ببهلوانية مقيتة (التاريخ لا يعيد نفسه إلا كاريكاتوريا)، والمعتقلون السياسيون ينزفون دما والعمال والفلاحون الفقراء يعانون الطرد والتسريح والتجويع والمعطلون يغرقون في الهامش القاتل والطلبة بدون أفق وأمام المصير المجهول... علما أن لا شيء تغير؛ نظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي، دستور ممنوح وسنوات الرصاص مستمرة (لا إنصاف ولا مصالحة ولا حقيقة ولا مساءلة/محاسبة/محاكمة...)...

إن من يُشارك في لعبة النظام (ديمقراطية النظام) ليس من حقه "التشكي" أو "الاحتجاج"؛ إلا في حدود ما يقوم به اللاعبون عندما يُحسون بظلم الحكم، فيُواصلون بعد ذلك اللعب.. إن من يدعي التغيير من الداخل (البرلمان والجهة والجماعة...) ماكر يضحك على الذقون ويكذب في واضحة النهار...

أقصد هنا بالواضح، ليس المجال للإنشاء أو الخواطر أو المزايدة، الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي (لا أتحدث عن الفيدرالية). أما باقي الأحزاب التي كانت محسوبة خطأ على اليسار، بما في ذلك الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، فلم تعد تشتكي أو تحتج. لقد انصهرت مع مكونات النظام السياسية الأخرى...

فكيف لحزب يدعي الانتماء الى اليسار أو خدمة قضية شعب أن يضع على رف النسيان دماء وجثامين الشهداء المهدي بنبركة وعمر بنجلون ومحمد كرينة وشهداء آخرين ويشد على اليد التي نفذت الإعدام في حقهم وأجهزت على حياتهم وأحلامهم ومستقبل شعبهم؟

كيف "لرفاق" تقاسموا معنا والشهداء الزنزانة الواحدة، أن نراهم اليوم في خضم اللعبة" المكشوفة تائهون وموزعون للأوهام؟

كيف ننسى يوم كنا نحتضر كمعتقلين سياسيين مضربين عن الطعام بمراكش واسفي والصويرة في غشت 1984 (مجموعة مراكش 1984)، و"رفاق" يغنون ويرقصون احتفاء بلعبة هم أدرى بمخرجاتها الكارثية في حق شعبنا؟ 

للحقيقة، الأمر ليس جديدا. تتغير الأسماء والأماكن وحتى الجلد، وتستمر المعاناة الطبقية ويتواصل الصراع الطبقي بتكلفة الإجرام والاضطهاد..

ماذا عنا نحن، القابضون على الجمر؟

عندما نعجز عن تخليد ذكرى رفيق شهيد، ما بالنا فاعلون؟

إنها حقيقتنا المُرة.. 

إنها مرآتنا الكاشفة..

أين من حرق اليابس والأخضر و"كفر" الصديق والرفيق والعدو، وهدم وردم و"غبر"؟

أين من يُطل بإدمان مرضي يومي بجُمل مكرورة ومسروقة عبر الفايس دون أدنى أثر في الواقع؟ 

أين وأين...؟ لقد صرنا "نخجل" من قول الحقيقة..

وماذا عن التحالفات؟ أين الأيادي النظيفة؟

عموما، كُلنا معنيون...

فقط، سنُخلد الذكرى؛ وبطريقتنا... 

سنُواصل المشوار رغم حقد الحاقدين، ولن يوقف قافلتنا النُباحُ...





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق