01‏/03‏/2022

صوفيا ملك // لصوص الحرب الإمبرياليين والصهاينة والرجعيين يختارون أوكرانيا مجزرة لنحر الشعوب


لماذا نهتم بما يجري في أوكرانيا اليوم؟

إننا مقتنعون بأننا نعيش عصرا بإمكان حركة بعوضة في الغرب أن تجلب السحب والعواصف للشرق، انه عصر عشية الرأسمالية العالمية، فكل ما يقع هناك بعيدا له أثر هنا.

إن الحرب امتداد للسياسة، وتبرير الحروب بالأخلاق هو من الأنشطة الأيديولوجية لديكتاتورية الأنظمة الرأسمالية لإخفاء أهدافها ولتسويق مصالحها بطريقة إنسانية مقبولة. فمن السذاجة التيه وسط كم الدعاية المروج لها في فترة دقيقة انكشف فيها تلاعب الرأسمالية حتى في قاعدات البيانات العلمية، بهدف ضمان الأرباح لشركاتها العملاكة، والاحرى أن يضف على الحرب غطاء الصدق والأخلاق.

فالمواقف الشائعة والمخزية لجميع القنوات التلفزيونية بشأن الحرب في أوكرانيا، بضيوفها السياسيين وخبراء الحروب، وأساتذة القانون والحقوق،.. هو الإسهام في تكوين وعي زائف للواقع، والذي في عمقه هو طريقة الرأسمالية لستر أهدافها الإجرامية. وفي النهاية من يعمل على المعرفة مطالب بإزالة كل ركام العفن الملفوف بالأخلاق الذي ابتليت به قنوات متحكم فيها ليجعلوك ترضى بالدفن في أحد مستويات المستنقع.

اليوم نؤكد وبقوة الواقع، وبحقائقه الميدانية المتراكمة والمستخلصة من تاريخ حروب النهب الامبريالي منذ الحرب العالمية الأولى، ومن أزماتها السياسية والاقتصادية، أن من لا يقبلوا الحقيقة العلمية اللينينية القائلة بأن الإمبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية ، والخطوة الأخيرة قبل الاشتراكية، ويتعلقون باهداب أحد أطراف اللصوص الاستعماريين، هم بكل موضوعية مساهمون بوعي في ديمومة الاستغلال والاستعمار الرأسمالي. ونعيد صحة قول لاطريق ثالث بين الرأسمالية والاشتراكية سوى طريق الإسهام بموضوعية في إدامة سيطرة مجرمي حروب النهب ومصاصي الدماء وتجار المآسي.

كان حلف الناتو، باعتباره الذراع السياسي العسكري للإمبريالية الأمريكية والأوروبية، يستهدف الاتحاد السوفيتي والبلدان التي كانت تحاول بناء الاشتراكية، وكل قوى التحرر، تحت دريعة "حماية العالم الديمقراطي من خطر الشيوعية". وتحت نفس الدريعة دعموا سياسيا وعسكريا الأنظمة التبعية، وبرجوازية الدول الأعضاء، لقمع كل حق ديمقراطي ونقابي وكل حركة ذات طموح تحرري. وتفكك الاتحاد السوفياتي، وكل المعسكر الشرقي، وزال معهم عن الوجود حلف وارسو، وعلى الرغم من ذاك لم يحد الناتو، بل استمر، كحلف حربي، يلعب دوره في التنافس والنزاع على السيطرة وعلى المجالات "الحيوية"/المصالح الاستعمارية، والاسواق بين القوى الإمبريالية والصهيونية والأنظمة التابعة لها، من جهة، والقوى الاحتكارية الجديدة مثل روسيا والصين، من جهة ثانية. لم تتوقف حروبه. لم تتوقف المجازر في حق الشعوب. لم يتوقف عن سفك الدماء. شن حروبا ضد بلدان اعتبرت انظمتها "ممانعة" بهدف تفكيكها واعادة توزيع الغنائم بالتوافق بين أطرافها المستفيدة من الكعكة، تحت أكاذيب سرعان ما انكشفت، ولا خجل. وتقديم كل الدمار الحربي وكل النهب الجاري والمفضوح، كمخرج سلمي للشعوب المستهدفة، كما كان الحال في يوغوسلافيا سابقا وأفغانستان، وليبيا، والعراق..

كم مبرر قدم على أعلى مؤسسة دولية وأمام العالم لشرعنة الحروب وأبان الواقع الحي انها أكاذيب.. إن ذاكرة الشعوب تسجل وتحتفظ بخداعكم. أين أسلحة الدمار الشامل في العراق؟! من يحاسب المنتظم الدولي اليوم؟! من يحاسب أمريكا والكيان الصهيوني؟! من يحاسب الخبراء الدوليين أو ما سمي بلجن التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق؟! كم جرائم ارتكبت باسم العالم الحر في حق الأطفال والشيوخ والنساء الأبرياء العزل؟! أين الديمقراطية التي جلبتموها للعراق..؟!..

إن اتحاد أطراف حلف الناتو هو اتحاد حربي استعماري ولا يدافع، ولم يدافع، عن أي شعب من الشعوب، كما أن اليوم ليس هدفه الدفاع عن الشعب الاوكراني بل هدفه النزاع على منطقة يعتبرها النظام الروسي منطقة ضمن مجاله الحيوي، لترويض الدب الروسي واستنزافه واضعاف نفوذه. فهل نظام انصاع لمطالب اللصوص ورواد الحروب لتقديم شعبه وأرضه كميدان لتوازنات القوة ومعبر للطموح الاستعماري الغربي نظام وطني حقا ويمثل الشعب الأوكراني فعلا؟! هل فتح البوابة على "جنة الناتو" فيها إنقاذ وخلاص للشعب الأوكراني؟! ماذا استفادت دول أوروبا الشرقية مثل التشيك، والمجر، وبولندا، بلغاريا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وألبانيا، وكرواتيا، والجبل الأسود، ومقدونيا الشمالية بالإضافة لتركيا واليونان السباقة لهذا الحلم والتي هرولت قبل النظام الأوكراني الى أحضان الناتو غير تقديم أراضيهم كقواعد عسكرية وجنودهم كدماء تصرف في عمليات النهب واللصوصية وخنق شعوبهم بالقروض؟!

كم حجم الأسلحة المقدمة لأوكرانيا، باسم المساعدات الأمريكية؟! وكم استخلصت الإمبريالية والصهيونية مقابلها من دولار؟!

حقا هناك ارقام رسمية مقدمة وفي المتناول على النت، لكننا لم نعد نثق في ما يقدم من ارقام، الأصفار على اليمين أو اليسار سيان في عصر رواج الكذب والتفاهة، و حدفها أو تغييرها لم يعد لعبة جديدة عند أنظمة الخداع.

لما أغرقوا أوكرانيا بالاسلحة و يغرقونها بالمرتزقة؟!

ينتجون الإرهاب لقتل الابرياء، ويقتلون الأبرياء باسم محاربة الإرهاب؟!

ألا تكفي هذه الفضيحة لنسف مبررات الإمبريالية والصهيونية والرجعية لشرعنة الحرب؟!

إن ابعاد هذه الحقائق كمنطلق ضروري لفهم أبعاد الحرب وأهدافها المخفية كما هو امر كل حروب هذا الاتحاد المجرم، لا خلفية له سوى قلب الرأي العام من جانب واحد ضد روسيا.

وماذا عن روسيا؟

غير بعيد في الزمان نذكر بتدخل الجيش الروسي لقمع انتفاضة الشعب الكازخستاني إثر انفجار الأوضاع كرد على ارتفاع أسعار الغاز. ارتكبت مجزرة حقيقية امام انظار العالم، وحينها لا طرف تحدث عن عواقب اقتصادية في حق النظام الروسي..

كازاخستان تختنق ب"الاستثمارات" الغربية والصينية أغلب ثرواتها على كف أمريكا وبعض الأنظمة الأوروبية والصين وتأتي خلفهم روسيا.. وللأسف لما انتفض العمال على أوضاعهم المزرية تدخلت القوات الروسية ومعها "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" لا لمناهضةاستنزاف ثروات الشعب الكازخستاني وتفقيره من طرف الشركات الغربية، بل للحفاظ على مصالح الأمريكية والأوروبية وعلى النظام من الانهيار. ففي كازاخستان كان الإجماع بين الغرب وروسيا ضد الشعب المنتفض، كان الإجماع ضد حق الشعب في تقرير المصير. إن انتفاضة كازاخستان فضحت الجميع، وافسدت غطاء القمع تحت دريعة مطامع قوى أجنبيةالذي أطلقته الابواق الروسية.

صحيح أن الغرب يرغب في تقليص نفوذ النظام الروسي واخضاعه، وبدوره النظام الروسي لا يقبل المساس بما يعتبره مجاله الحيوي الخاص به، وباللغة المكشوفة، منطقة تابعة للنظام الروسي، مثلما هو الأمر بالنسبة للأنظمة التابعة للقوى الاستعمارية الغربية في الخليج العربي وفي شمال افريقيا وباقي البلدان ذات الاستقلال الشكلي. وكلا الطرفين يستند لما يمتلكه من قواه النووية للردع والحماية، وفي نفس الوقت، كلا الطرفين يلتقيان على استنزاف الشعوب وعلى استغلالها وعلى نهب خيراتها. كلاهما ضد الشعوب وضد التحرر والانعتاق، وضد الاشتراكية والشيوعية. روسيا اليوم ليست روسيا قبل اغتيال ستالين. روسيا اليوم قوة اقتصادية ونووية لها مطامعها ومصالحها التوسعية، وجزء منه تسميه بمجالها الحيوي. روسيا اليوم ليست روسيا الشيوعية ولا روسيا المانيفكتورا، ولا روسيا البرجوازية الصناعية التنافسية، روسيا اليوم هي روسيا الاحتكارات، روسيا الرأس المال المالي في أقوى مراحل سيطرته، روسيا عمالقة البورصة واسياد البنوك، روسيا اليوم تقاتل من أجل توسيع سيطرتها، من أجل التوازن في الأسواق، من أجل حصتها في ثروات الكرة الأرضية، وكل هذا لن يكون دون حروب. الحافظ على مناطق النفوذ، أو اغتصاب مناطق للتوسع لا يكون خارج نحر الابرياء، خارج المواجهة المسلحة مع قوى استعمارية منافسة. روسيا تخوض الحرب في سوريا من أجل التوازن الدولي. اليوم روسيا تخوض الحروب من أجل كل هذا. وحرب أوكرانيا واحد من حروبها، ونزاعها، ضد الإمبريالية الغربية والصهيونية والأنظمة الرجعية التابعة للغرب على مناطق النفوذ لضمان ما تسميه بالأمن لمجالها الحيوي، وهو المجال الحيوي للرأسمال المالي الروسي. والغرب بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني، ومن خلفهما الإمبرياليات الأوروبية، والرجعية، لا يمكن أن يفرط ببساطة في اي منطقة تمكنه من بسط نفوده السياسي والعسكري عليها. الرأسمال لا هوية له، هويته الوحيدة هي الارباح. روسيا رأسمالية احتكارية جديدة يعني روسيا صارت في حاجة للتوسع، والذين لا يقبلون مأزق وجود قوى احتكارية أفضل، أو احتكارية جيدة، يتوقفون عند قول روسيا الرأسمالية. لكن يتحاشون سؤال اي برجوازية تسيطر في روسيا؟ والذين لا يقبلون الطابع الإحتكاري لروسيا، يعني إما أن نباهة أذهانهم بقيت عالقة في ديسمبر من سنة 1991، أو أنهم وجدوا في اليأس والتيه عكازا للاتكاء.

إن النقاش من الوجهة الحقوقية لا يجدي، ولا يفضي إلى الحقيقة. فأمام توازنات القوة والمصالح يلقى بالاتفاقيات والمعاهدات تحت عجلات الدبابات، وتستشرف بدائلها من طلقات المدافع.. ونقيض كل هذا العفن هو نضال الشعوب من أجل الخلاص.

فبكل جرأة ووضوح نقول: لا مصلحة للشعوب في حرب النهب التي تسوق لها الإمبريالية والصهيونية، ولا مصلحة للشعب الروسي في التدخل لإخماد انتفاضات الشعوب مثلما حصل مع الشعب الكازخستاني. الشعوب مصلحتها تكمن في حقها في تقرير مصيرها كما الحال بالنسبة للشعب الكازخستاني، والشعب الروسي، والشعب الأوكراني.. ولا مصلحة للشعب الاوكراني في الناتو وحلف الإجرام الإمبريالية والصهيوني والرجعي، كذلك الامر لكل شعوب أوربا وأمريكا.. والنضال ضد كل اتحادات الحروب الإمبريالية والصهيونية والرجعية هو حرب من أجل السلام، هو نضال من أجل صداقة الشعوب، هو نضال ضد الأنظمة الرأسمالية وضد الاستغلال الطبقي ومن اجل التحرر والانعتاق.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق