دعت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع مساء اليوم الجمعة،
بداية، كل الإدانة للإجرام الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، بالأمس واليوم وغدا؛ وكل التضامن والدعم للقضية الفلسطينية كقضية وطنية. وكل الإدانة لكافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، سواء من طرف النظام القائم أو من طرف القوى الرجعية، ظلامية أو شوفينية، أو من طرف بعض الأسماء المُموّلة والمدعومة المُنتمية للحقول الثقافية والفنية والإعلامية...
وعودة الى وقفة اليوم، فرغم أن الإعلان عنها جاء متأخرا، أي بساعات فقط عن تاريخها وتوقيتها، فقد فاق الحضور ما سبق أن عرفته عدة وقفات سابقة والمُعلن عنها بأيام. ومن حضر الوقفة لا يمكن أن ينفي أن المحسوبين على بعض "اليسار" والمتحدثين باسم الجبهة لم تتجاوز تمثيليتهم النزر القليل.
لقد أغرقت هيئة النصرة (الهيئة المغربية لنصرة الأمة)، أحد أذرُع جماعة العدل والإحسان، الوقفة بنسائها ورجالها وشبابها. وبدون شك، فالإسراع الفائق بتنظيم الوقفة ويوم الجمعة بالضبط ليس بريئا. ونعلم أن الهيئة أو الجماعة باستطاعتهما، بالنظر الى الانضباط التنظيمي الحديدي لأعضائهما، تجييش أي محطة حسب تقديراتهما وأهدافهما. وليس ذلك فحسب، بل سيّدتا شعاراتهما التي تلتقي في جُلها مع الشعارات الفضفاضة للجبهة.
وإذا كانت بعض الشعارات متداولة ومقبولة من طرف الجميع مادامت تندد بالإجرام الصهيوني وتناهض التطبيع وتتضامن مع الشعب الفلسطيني، فماذا عن شعار "تكبييييييييير.. الله أكبر"؟
هل هذا الشعار تتقاسمه مكونات الجبهة، أم هو تجاوز للمشترك واختراق للجبهة والهيمنة على توجُّهها وفرض لموازين القوة، أي الأمر الواقع؟ ولا ريب، فالقادم أفدح...
وماذا عن عدم إدانة حزب العدالة والتنمية الظلامي الذي بارك التطبيع ووقّع عليه (طبعا الى جانب القوى السياسية الرجعية الأخرى)، وعن عدم فضح ادعاءاته ومزاعم رموزه الآن برفض التطبيع؟
وأيضا، ما معنى قراءة الفاتحة بعد قراءة كلمة الجبهة ونهاية الوقفة؟
وبخصوص الرسائل المُشفّرة، ما محل شعار "نصرة الأقصى من طنجة الى العيون" من الإعراب، أي من الوقفة؟
هل "هضمت" هيئة النصرة منع نشاطها بجامعة ابن طفيل الممنوع، وتُقدم الولاء الممزوج بالامتعاض من خلال شعارها الأخير؟
هل ترُد هيئة النصرة الدين للنظام الذي أمّن لها اقتحام حُرمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل؟
لماذا تغيب هذه الحشود المُتحمسة التي حضرت اليوم في رمشة عين، أي قبل أن "يرتد الى الجبهة طرف"، عن الوقفات السابقة المُنددة بارتفاع الأسعار وبتردي الخدمات الاجتماعية (التعليم والصحة والسكن والشغل...) وبالفساد المستشري في كافة المجالات المالية والإدارية...؟
إنها أسئلة مُوجّهة الى المحسوبين على بعض "اليسار" والمُتحدثين باسم الجبهة. وهل ننتظر خروجا مماثلا "لهيئة النصرة" إذا تعلق الأمر بوقفات الجبهة المغربية الاجتماعية؟!!
إننا باستحضار الذاكرة بشأن اغتيال المناضلين اليساريين قولا وفعلا، وبتمثل معاناة المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، نقول بحسرة والخناجر تُمزّق أحشاءنا:
مولود الجبهة "من الخيمة خْرج مايل"..
وذلك أولا، من خلال العمل الى جانب القوى الظلامية والتنسيق معها، بل والاستقواء بها؛ وما حدث اليوم، عددا وشعارات، غني عن التعليق (NO COMMENT)؛
وثانيا، من خلال خضوع قيادة الجبهة لإملاءات هيئة النصرة، وآخرها مضمون الدعوة التي جاء فيها حرفيا:
"* تنديدا بالهجوم الغادر الذي تعرض له المصلون الفلسطينيون هذا اليوم بالمسجد الأقصى، وبالعدوان الصهيوني المتواصل ضد الشعب الفلسطيني.
* ومن أجل التعبير القوي عن تضامن الشعب المغربي وكافة قواه المناضلة مع الشعب الفلسطيني في كفاحه التحرري من أجل الأرض واسترجاع كافة حقوقه التاريخية وبناء دولته المستقلة بعاصمتها القدس، ودفاعا عن مقدساته الإسلامية والمسيحية.
تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان على الساعة 21:30 نصرة للشعب الفلسطيني ضد ما يرتكبه جيش العدو الصهيوني وعصاباته من تدنيس للأماكن المقدسة ومن جرائم ضد المصلين في باحات المسجد الأقصى.
الرباط في 15 أبريل 2022".
من المفهوم أن يصدر نص هذه الدعوة عن هيئة النصرة، نظرا لحمولته/خلفيته الدينية وإمعانه في إبراز "المُقدّس" وتوظيفه الفج على حساب قضية عادلة لشعب مضطهد؛ لكن أن يصدر عن الجبهة التي تتكون من عدة هيئات محسوبة على "اليسار" وعلى "الديمقراطية" و"التقدمية"، فإن هذه الأخيرة تستحقّ بامتياز أن تُقرأ عليها "الفاتحة"...
إضافة:
لوحظ غياب العديد من الأحزاب السياسية المحسوبة على "اليسار"، وكذلك الهيئات النقابية والحقوقية والجمعوية...