عبد الرحيم سايف واحدٌ من فرسان مجموعة مراكش 1984. اعتُقل إثر انتفاضة يناير 1984 بمراكش، وحُكم بعشر (10) سنوات سجنا نافذا..
كان طالبا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، ومناضلا قاعديا في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب..
الرفيق سايف واحدٌ كذلك من العشرة، رفاق الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري..
واجهنا معا، المجموعة ككل، إجرام النظام إبان حملة الاختطافات والتعذيب وبعيدا عن عائلاتنا وأصدقائنا ورفاقنا، بالأقبية السرية بمراكش وبدرب م. الشريف السيء الذكر بالدار البيضاء..
لم نركع عند أقدام الجلاد أو نستسلم تحت لسعات سوطه..
افترشنا معاً اسمنت الزنزانة وتقاسمنا الأغطية البالية والمُتّسخة (الكاشّات)..
عانينا البرودة والحرارة وظروف الزيارة غير الإنسانية (غير المباشرة-PARLOIR)
أنهكتنا التغذية السيئة ونتانة الزنزانة والحرمان من النظافة ومن الكتب والمجلات والجرائد..
كم حدّثني الرفيق عبد الرحيم في ظلام الزنزانة، ونحن نستقبل خيوط النوم التي ترتق جفوننا الواحد منا تلو الآخر، عن جدّه بالبادية وعن خيرات البادية أيام الصيف القائظ وعن عائلته وعن مغامراته اللطيفة..
كان ذلك شكلا من أشكال مقاومة شراسة السجن والسجان وقهر رطوبة الزنزانة شتاء ولهيبها صيفا..
كان الحكْي أو البوح سلاحا من بين أسلحتنا المُدمّرة لحقد الحاقدين ولعداء الأعداء..
خاض الى جانبنا، الى جانب رفيقيه مصطفى وبوبكر، الإضراب عن الطعام اللامحدود منذ يومه الأول في 04 يوليوز 1984..
تم ترحيله، مُضربا عن الطعام إلى سجن اسفي بعد تمزيق جسد مجموعة مراكش المُنهك في الصباح الباكر من يوم 20 يوليوز 1984 الى أشلاء على سجون مراكش (المحكومون بسنة واحدة، وعددهم خمسة) والصويرة (المحكومون بثلاث إلى ست سنوات، وعددهم سبعة عشر) واسفي (المحكومون بسبع سنوات إلى خمسة عشر سنة، وعددهم اثنان وعشرون)..
وبعد تدهور وضعه الصحي داخل السجن، نُقل الى مستشفى محمد الخامس باسفي، كما باقي الرفاق فرادى وجماعات. ولما استشهد رفيقانا بوبكر ومصطفى، نُقل مرة أخرى أواخر شهر غشت وهو في حالة غيبوبة إلى مستشفى ابن زهر (المامونية) بمراكش. ومنذ ذلك الحين، يعاني رفيقنا عبد الرحيم من مضاعفات إجرام النظام إلى جانب رفيقيه/رفيقينا خالد نارداح (8 سنوات) وعبد الكريم بيقاري (8 سنوات) ورفيقه/رفيقنا الراحل الحبيب لقدور (12 سنة)..
فرغم كل مساحيق هيئة الإنصاف والمصالحة وشعاراتها المُضلّلة وأبطالها المهزومين، لا يُمكن تعويض رفيقنا وكل من عانوا محنة الاعتقال السياسي شبابهم وقِواهم وفُرص الحياة الضائعة التي كانت أمامهم، دون إغفال معاناة العائلات ووسطها الاجتماعي بشكل عام..
ألم تغِبْ شمس الرفاق محمد عباد وعبد الرحيم علول وصالح بوحمزة قبل الأوان؟
الأكيد أن رفيقنا عبد الرحيم يُقاوم ويُصِرّ على مُواصلة حياته الطبيعية بكل معانيها الجميلة والهادفة إلى جانب أسرةٍ رائعةٍ ومكافحةٍ..
رفيقنا عبد الرحيم يدير الآن كشكا (KIOSQUE) للجرائد والمجلات وبعض المشتريات الأخرى بالمحطة الطرقية بوادي زم (ساحة الشهداء) وكلّه حب وصدق وتلقائية..
عبد الرحيم رفيق صادق وعاشق للصراحة والتلقائية..
استقبلنا بشوق، وعانقناه بحرارةِ رفاقٍ لم يغبْ عن قلوبهم يوماً..
رفيقُنا عبد الرحيم محظوظٌ بأسرته وأصدقائه ورفاقه. متمنياتنا له بالصحة والعافية وطيب العيش..
وإن الأجمل في هذه الزيارة هو معانقة والدة رفيقنا، أمنا فاطنة، والتواصل الرائع مع رفيقته/زوجته وابنتيه (هبة، 16 سنة؛ ومروة، 14 سنة) وابنه (يوسف، 8 سنوات) وأيضا إحياء الصلة مع المناضل المعطي مكان، معتقل سياسي سابق من وادي زم إثر انتفاضة يناير 1984 الذي قضى سنتين سجنا نافذا بمدينة خريبكة..
لنُواصل مسيرةَ الحُب نحو رفاقنا ولننتصر لمعركة الذاكرة، لأن مجموعتنا تستحق الحب والتضامن والحياة؛ ولأن القضية عموما تحيا بحفظ سجل التضحيات المنسية والبطولات المسكوت عنها..
إنها البداية، لتستمر بصمة مجموعة مراكش 1984 راسخة من خلال السخاء النضالي لرموزها وعائلاتهم وأصدقائهم ورفاقهم...
* إضافة لابد منها:
إن الحديث عن مدينة وادي زم وعن انتفاضة يناير 1984 وعن الاعتقالات التي تخللتها وكذلك الاستشهادات، يفرض نضاليا التذكير بحالة الأستاذ الهاشمي بنرضى ابن مدينة مراكش الذي وُجد مشنوقا ببيته؛ وادعاء انتحاره. علما أن الأستاذ بنرضى (مادة الاجتماعيات) له رصيد نضالي وعلاقات وطيدة مع التلاميذ وخاصة المساهمين منهم والمشاركين في الانتفاضة الشعبية...
إنها حالة شبهة طالها النسيان..
* الصورتان رفقته (واحدة أمام الكشك والأخرى بالبيت) تجمع بالإضافة الى رفيقنا العزيز عبد الرحيم سايف وأبنائه، كلا من الرفاق عثمان حاجي وكمال سقيتي والطاهر الدريدي وسعيد كنيش وحسن أحراث.