23‏/09‏/2023

صوفيا ملك// ذر رماد الزيادة لقبر الأجور


صادقت الحكومة، المحكومة مثل سابقاتها، يوم الخميس، 21 سبتمبر
2023، على رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 5% ليصل الحد الادنى للاجور بالقطاع الخاص إلى 3120 درهما، اعتبارا من سبتمبر الجاري حسب تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة، وإلى 2303 درهم في القطاع الفلاحي. ويأتي هذا في سياق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 30 أبريل 2022 بين الحكومة والقيادات النقاباتية، الأكثر تمثيلا( ا م ش، أ ع ش، ك د ش)، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث تم تضمين زيادة نسبتها 10 في المائة في الحد الأدنى للأجر.

الخبر مر بلا إشارة، ولا تعليق، في مواقع وصفحات النقابات، ولا الأحزاب المتربعة على قياداتها. 

دفن "الخبر" وكأن المعنيين لا يعنيهم. وحتى إن كتب شيئا ما فقد يكون تحت أجنحة الظلام.  

غياب أي كلمة من قوى جبانة لا يفاجؤنا. لأننا ألفنا النظر لوجهها في الرمال. 

 فاعلان ما يعتبرونه زيادات في صمت سياسي ونقابي وجمعوي، في ظل تطورات مجتمعية واقتصادية وبيئية خطيرة، يؤكد أكثر، وبالمكشوف، أن الإجماع  على تجويع الشعب واخضاعه لتقشف شديد، لحد الافقار، تحصيل حاصل. 

وهو يعني، أيضا، إلتزام بالسلم الاجتماعي في ظل حرب طبقية طاحنة. بالموازاة هو شرعنة للمزيد من القمع للنضالات العمالية والحركات الاحتجاجية وتجريم الإضراب، وملاحقة وسجن المناضلين وتسريح، ومحاكمة العمال الذين يضربون، وسيضربون عن العمل، من أجل الدفاع عن حقوقهم. 

إنهم بهذا الرماد، الذي سموه زيادة، وأكيد في منظور القيادات النقابية هو نتاج للحوار الاجتماعي -حوار الخيانة-، اكذوا انصياعهم المطلق لإملاءات المؤسسات الاستعمارية، وأن مخطط ابقائنا، عمالا وعاملات، وكل الكادحين، في شفق الإبادة والإفقار لا رجعة فيه. وموضوعيا هو تدمير مشرعن لأي مفهوم لوقت عمل يومي ثابت، وشرعية غير معلنة في زيادة ساعات العمل، ليعمل العامل عن طواعية، مدفوع بواقع قاهر، أزيد من 8 ساعات يوميا مقابل بعض الدراهم (على الأقل 12 ساعة، وهو ما يرفع من الأمراض والحوادث المهنية) ليتمكن من ضمان أبسط شروط العيش لأسرته. هذا إضافة للتشريع، وفرض، أشكال جديدة من التوظيف المرن/ التوظيف بالعقدة.  

وهو ما يدفع بأصغر خلية المجتمع في شخص الأسرة إلى مهب الريح. لأن هذا الوضع يعمق من عملية الانحلال بدل الحماية. وفي احسن الاحوال يخلف عائلات  بآباء غير مرئيين، أو في أحسن الأحوال، آباء يتناوبون بسبب الجداول الزمنية غير المنتظمة، للحفاظ على حد أدنى لبقائهم كأسرة. 

ماذا تعني 3120 درهما كحد أدنى للأجور في القطاع الصناعي، و 2303 درهم في القطاع الفلاحي، مع العلم أن القطاع الفلاحي أغلبه موسمي ويحكم على شريحة كبيرة منه بالبطالة لعدة أشهر في كل سنة،  في ظل الارتفاع المهول للأسعار وتجاوزها سقف 100 في المئة  في الكثير من المواد الضرورية للحياة، إضافة للمرونة في التشغيل؟! 

الفقر كان متفشي قبل الزيادات في الأسعار بشهادات مؤسسات يهمها السلم الاجتماعي في المغرب، للحفاظ عن مصالح القوى الاستعمارية وخدامها المحليين، أما اليوم فنحن دخلنا مرحلة القتل، القتل بالجوع، بالسموم، بالفيروسات، بالكوارث الطبيعية..   

هذا بالنسبة للعامل لا يعني سوى أن يعمل لمدة 8 ساعات ويجوع، أو أن يختار طوعيا العبودية، باللهث خلف الساعات الإضافية. ويحرم من رؤية الأبناء، أو عندما يراهم يكون مرهقا ومكسورا من التعب واليأس، بدون القوة على الابتسامة وقضاء بعض الوقت الممتع معهم، دون أي قدرة على التحمل والرغبة في التعامل معهم ولا مع البيت والأسرة. . 

أي أسرة بعد 15 ساعة دون استراحة؟! وأي مجتمع منتظر رؤيته؟!

 لكن هذا هو واقع الطبقة العاملة اليوم، وواقع آلاف العائلات في ظل كفاح الأب أو الأم او كلاهما معا، من أجل البقاء على رمال "المرونة" المتحركة، وكلاهما يرى الأجور تصير فتات أمام نيران الأسعار التي تجاوزت زياداتها سقف التحمل حتى بالساعات الإضافية. 

إذا اليس من حق العامل/ة أن يحصل/تحصل على وظيفة مستقرة، مع توفير تدابير حماية الأمومة بالنسبة للعاملات، وبراتب لائق يضمن تغطية احتياجات أسرهما. اليس من حق العامل/ة أن يكون لديه/ها وقت فراغ شخصي وساعات بخصوص الأطفال؟! أليس من حق العمال  أن يتمتعوا بصحة جيدة وألا يتم التقاطهم مصابين أو مغمى عليهم بواسطة سيارات الإسعاف، وألا يموتوا على الآلات، وألا يبادوا بسبب المرض وسوء المعاملة، باسم تنمية القلة؟!

أليس من حق العمال النضال من أجل تقليص ساعات العمل اليومي إلى 6 ساعات وأيام الاسبوع إلى 5 أيام؟!

أليس هذا من مهمات العمل النقابي، إن لم نقل أقل ما يمكن أن تهتم، وتشتغل، عليه المنظمات النقابية؟!

إن ما سمي زيادة هو رماد لقبر اجرة العامل، بتواطؤ نقابي وسياسي مفضوح، وجريمة مجتمعية، في حق شعبنا مع سبق الإصرار. وهو ما سيدفع الطبقة العاملة موضوعيا لمواجهة هذه الهمجية. ويزيد من تحديات مناضلي الطبقة العاملة على مستويات وحقول عدة.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق