29‏/09‏/2023

حسن العبودي // الشارع هو الجواب لإسقاط "النظام الاساسي" لموظفي التربية الوطنية


أحال الوزير شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة،
يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023  "النظام الاساسي" لموظفي التربية الوطنية، على المجلس الحكومي للمصادقة عليه، لتعلن، وزارته، عن اقتراب نهاية خطوات ما سمي باتفاق "14 يناير 2023" من  النهائية، واشرافها على الدخول لمرحلة الحسم. وكشفت نقط الحروف المتستر عليها، وأبانت ان إطار التفاوض هو برصة للعروض التنافس حول الملفات الاجتماعية، أطرافها "المتنافسة" القيادات النقابية و"الحكومة".


هكذا اكتملت الصورة في تطابق مع سابقاتها من المفاوضات. وأثبتت مرة أخرى القيادات النقابية المركزية والقطاعية انها قيادات فاسدة، ومجرد وسيط سمسار يقاتل من أجل رفع قيمة أسهمها في بورصة العروض الاجتماعية والسياسية.. 

إنها المقايضة.. 

انكشفت، وتبين أن نهج القيادات النقابية اليوم، هو نفسه في الامس، وأن ما يطبع القيادات المركزية هو نفسه يطبع القيادات القطاعية، وأن المفاوضات هي مجرد مسرحية، والطرفين، طرف واحد، واختلاف عناصره لا يتجاوز الاختلاف حول قيمة الصفقة لتدبير عملية تمرير المخطططات.. وكل ما خرج إلى العلن وبشكل رسمي يقدم ذات الحقيقة دون الحاجة للجدال.

ولنقف، بداية، على بلاغ   المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل(CDT‏) وما عبر عنه بكل وضوح، والذي جاء فيه: أن “انفراد الوزارة بإحالة مرسوم النظام الأساسي على الحكومة قبل الحسم في العديد من الملفات والقضايا العالقة خرق سافر لمبد! الإشراك وخروج عن منهجية اتفاق 14 يناير 2023 وهو نظام معيب”. 

إن الكونفدرالية لا تتحدث، في هذا البلاغ، عن رفضها لمضمون النظام "الأساسي"/الفضيحة بل هي ترفض فقط عدم الالتزام ب"منهجية اتفاق 14 يناير" (بمعنى أن تمرير النظام الأساسي كان ورقة للتفاوض لرفع قيمة الصفقة)، وهذا المعنى، اي غياب موقف الرفض، أكده ميلود معصيد، القيادي في المركزة النقابية للاتحاد المغربي للشغل، وهو مستشار برلماني وكاتب عام الجامعة الوطنية للتعليم (الاتحاد المغربي للشغل)، وهو من اطراف التفاوض، في اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، بقوله أن " النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية.. مشروع ضخم من صميم إبداع الحركة النقابية بمعية الإدارة، وحظي بالتوافق”، ويتممه، بعمق ووضوع، نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بالغرفة الثانية للبرلمان، بقوله حسب ما نقله موقع "لكم" على صفحاته: "مادام هذا النظام الأساسي قد صيغ بشراكة مع النقابات الأكثر تمثيلية، والمعنية بالحوار على المستوى المركزي والقطاعي، وبإشراك لرجال ونساء التعليم فهو مشروع وطني يهم تنمية بلادنا ككل." 


وبعد كل هذه الاقوال لا طرف من أطراف المشاركة في "المفاوضات" خرج لينفي ما قيل بشكل رسمي، ويصرح بوضوح وأمام الرأي العام، بان مشروع "النظام الاساسي" لم يحصل عليه التوافق، ويقدم الحقيقة لنساء ورجال التعليم ويسقط الشك عن اليقين. وكذا لا طرف من الأطراف السياسية المنسوبة لليسار، واليسار "الرديكالي"، المنعم ببعض الكراسي في قيادة الاتحاد، ولا في قيادة الكونفدرالية يخرج وينفي، أو ينتفض على ما وصله هذا الانحطاط. ناهيك عن الصمت عما تداولته الصحف الورقية، في حديثها عن مبالغ ضخمة حصلت عليها النقابات في عملية المتاجرة بموظفي قطاع التعليم. إن مضمون هذه الحقيقة هو كون النقابات لم تعد تمثل الشريحة المزاولة للعمل في الاقسام ، من رجال ونساء التعليم، بل هذه الشريحة وهي القاعدة القوية صارت مجرد ورقة للتفاوض وتعزيز أرباح التجارة النقابية، مثلما هو الأمر تبين، من قبل، في التعاطي مع ملف الأساتذة الذي فرض عليهم التعاقد. لذا الرهان على القيادات المفيوزية هو رهان خاسر مهما تعالت أصوات الخطوط "الراديكالية" من داخل هذه التمثيليات.


 إن ما جرى، ويجرى، دليل آخر في مسار اكتمال الانحطاط النقابي. والنموذج لاكتمال الصورة، صورة الانحطاط، هو ما وصلت إليه قيادات نقابات قطاع كان لحدود سنوات قريبة يزعج النظام، والذي يتطلب التحرر من قبضة قياداته النقابية، ومن قيادة المركزيات، ومن كل الفروع الموالية لتوجيهات البيروقراطية، والانخراط في إنتاج عمل قاعدي يتخد من الشوارع مكان لإسقاط المخططات. فالنضال ضد مخططات النظام لا ينفصل عن النضال ضد القيادات البياعة والمتاجرة المفيوزية. 

إن انحطاط قيادة النقابات، هو انحطاط سياسي لأطراف التوافق على تقسيم الكراسي. 

إنه انحطاط التنسيق النقابي ومضمونه، في العمق، هو انحطاط سياسي. 

إنه وجه من وجوه الصورة العاكسة لتخبط التكتلات، والتنسيقات، والتحالفات، والجبهات،.. المنسوجة من نفس الوجوه السياسية. 

فاكيد ليس في القنافد أملس.


 فهل بهذه النقابات سيتم تخفيض الضرائب على الفقراء ورفعها على الشركات؟!


 هل تحت قيادات هذه النقابية سنحاسب ناهبي المال العام؟!


 هل تحت قيادات هذه النقابات يمكن أن نرفع من اجور العمال وكل الشغيلة ونقف في وجه هجوم النظام ضد لقمة الفقراء ومكتسبات شعبنا في كل القطاعات؟! 


هل تحت قيادات هذه النقابات سنجرم التشريع غير المعلن لأزيد من ثماني ساعات في اليوم مع فرض زيادات الأجور لتستجيب لارتفاع الأسعار وتقليص ساعات العمل الى 6 ساعات في اليوم والمفترض أن تكون مطلبا نقابيا ملحا؟! 


هل تحت قيادات هذه النقابات يمكن تجريم وجود شركات المناولة التي تسرق العمال على المكشوف وتحمي الشركات الإنتاجية من المواجهة المباشرة مع العمال؟!


 هل تحت قيادات هذه النقابات سيتم الوقوف في وجه مشروع قانون الاضراب المرتب له في الكواليس بنفس طريقة، ومناورة، تمرير مخطط التقاعد؟! 


هل تحت قيادات هذه النقابات يمكن الدفاع عن المدرسة العمومية، والنضال من أجل تعليم شعبي ديمقراطي علمي وموحد؟! 


هل تحت قيادات هذه النقابات يمكن تحقيق حق الشعب في العلاج المجاني، ومحاربة مراكز ودور "العلاج" بالشعودة المنتشرة كالفطر في ظل عجز الفقراء على تكاليف العلاج؟!

هل..؟! وهل..؟!


ألم تعي القواعد، النقابية القاعدية المناضلة، بعد انه قد آن الأوان للانتفاض على القيادة البياعة المافيوزية؟!


 ألم تعي القواعد، القاعدية المناضلة، أن الصراع ضد النظام لا ينفصل عن الصراع ضد القيادات البيروقراطية الطيعية والعميلة؟!


 ألم تعي بعد أن الشارع هو مكان المعركة الحقيقية لتوجيه فعل المنخرطين وليس طاولة "المفاوضات" أو مؤسسة البرلمان؟! 


ألم تعي بعد القواعد، النقابية القاعدية المناضلة، أن توقيع القيادات النقابية يصير حبر على ورق يعصف به نهوض الشارع، وأن معرك الشوارع هي من تفرز القيادات المناضلة، القيادات الديموقراطية فعلا؟! 


بكل جرأة أقول أن وضع الصراع يثبت مرة أخرى مسؤولية بناء البديل السياسي، لأن البديل السياسي هو المدخل للبديل النقابي، فالجواب النقابي هو جواب سياسي. ودون ذلك سيبقى الفعل النقابي يدور في حلقة مفرغة، حلقة المتاجرة والقتل للفعل وتدمير للقواعد..




شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
15 تعليقات

15 التعليقات:

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية