على مشارف طي سنة كاملة بشتائها وثلوجها وعواصفها وحرارتها.. سكان المناطق المنكوبة تحت الخيام.
امتص "سحر"/تضليل الرباط الغضب وتبخرت الوعود ونقل الرأي العام إلى حلقة إرهابية جديدة عنوانها العطش و"خطر ندرة المياه" مع رفع إيقاع السطو على أراضي الجموع وتقديمها بسخاء للمستثمرين/للصهاينة..
سنة كاملة من التجهيل وتعميم الأمية وسط أبناء المنكوبين..
مع حلول 8 شتنبر ستكتمل سنة كاملة على استمرار آثار خراب، وتدمير العديد من المؤسسات التعليمية بمنطقة الحوز، وسقوط العديد من الضحايا في صفوف الأطر التربوية العاملة و العشرات من التلاميذ بتلك المدارس، في تستر تام من طرف وزارة التربية الوطنية، واستمرت معاناتهم في ظل ظروف عمل دراسية جد قاسية، تحت الخيام، مع انعدام تام لأبسط الوسائل التعليمية والديداكتيكية، بالإضافة إلى قساوة الطبيعة..
سنة كاملة أرغم فيها الشباب والشابات على الهجرة للمدن الكبيرة من أجل إغاثة عوائلهم.. سنة كاملة وذاكرة جبال الاطلس بمنطقة الحوز تعيش بين الأنقاض.. تعيش على أحلام.. لا مدارس ولا طرقات ولا مستشفيات.. لتصحوا أخيرا على الاعتقال لمجرد الجهر بالواقع المزري والمطالبة بالحق المشروع كما هو حال "فاطمة إحنين" من دوار “اللانمز غني” بجماعة اجوكاك، قيادة ثلاث نيعقوب وذلك بهدف اجهاض نهوض الضحايا..
إنه الارهاب لمنع تطور الحركة الاحتجاجية..
إنها سياسة الترحيل الممنهج..
إنه التهجير..
إنه الإجرام..
سنة كاملة كان للتضليل فيها سحر اخراس الكثير والكثير..
سنة كاملة من المآسي الحقيقية، وصل فيها الأمر إلى إفراز واقع أكثر مأساوي من الأيام الاولى لحدوث الزلزاز. فمن يتذكر الواقع الكارثي الذي نقلته لنا صور كاميرات هواتف الهوات في الأيام الأولى وكيف كان الناس ينقذ بعضهم البعض، في واقع صعب تعمه مظاهر الحزن والبؤس والدمار بعد أن ضرب النظام الحصار على المنطقة وترك الضحايا تحت الانقاض، في جريمة سجلها الرأي العام المحلي والعالمي للتاريخ، عليه أن يعلم أن الواقع بعد مرور سنة قد تفاقم وكل ما خلفه الزلزال صار أسوء بكثير. فسنة بطقسها المتقلب من خريفها الى صيفها وتلوثها وفقرها وانعدام مقومات تأهيل الاقتصاد والحياة المعيشية، كانت كافية لإنهاء صلاحيات الخيام، وصلاحيات ما خلفه الزلزال من مباني متضررة ومهترئة وحصد العديد من الارواح ممن نجوا من الكارثة،.. نقول إنه الآن، حتى الأعمى يستطيع أن يرى في كل الأماكن المنكوبة، استمرارية واقع الدمار والتدهور العام،.. والقطاع الوحيد الذي عرف انتعاشة حقيقية، هو قطاع السياحة، بعد تحويل المنطقة لديكور لاستقطاب هواة استكشاف مخلفات الكارثة وانعاش جيوب المستثمرين الكبار في القطاع السياحي..
سنة على الكارثة ولازال النظام ينشر التضليل ويقدم المنطقة المتضررة وكأنها منطقة فقيرة، ويتستر على باطن مثلث مراكش ورزازات تارودانت حيث يتواجد أكثر من سبع مناجم تنهب منها أطنان من الكوبالت والذهب والفضة والنحاس والزنك والرصاص.. والتي تحولها شركة مناجم التابعة للهولدينغ الملكي الى الملايين من الدولارات الموجهة للبنوك الاجنبية ولا تجني منها ساكنة المنطقة سوى الاستغلال والتسمم والأمراض الفتاكة والتلوث وتدمير البيئة والمياه الملوثة.
وأكثر من ذلك هل اليوم لا يحق لشعبنا أن يتساءل عن مصير صندوق 126، "الصندوق الخاص بتدبير آثار زلزال المغرب 2023"، الممول من جيوب الشعب والمحدث حسب الاعلان الرسمي لتحمل النفقات المتعلقة بالبرنامج الاستعجالي، والمعني بإعادة تأهيل وإعمار المنازل المدمرة، واستئناف النشاط الاقتصادي بعد الزلزال الذي عرفته مجموعة من المناطق في المغرب، واين تلك الوعود وأين تلك الدعاية على أرض الواقع؟!
إن الشعب المغربي لم تعد تنطلي عليه لعبة "الكاميرا شاعلة"، فالواقع يفقأ العين، وحتى الرأي العام العالمي لم يعد مخدوعا وهو ما عكسته تقارير المنظمات الدولية مثل الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر وهي تسجل أن سكان المناطق المتضررة من زلزال الحوز، بعد مرور عشرة اشهر، لازالوا يعيشون في المخيمات وفي ملاجئ غير رسمية، تفتقر لكل المرافق الحيوية..
إن السؤال لا يقتصر حول صندوق 126 فقط، بل السؤال اليوم يقتضي فضح خدعة التلاعب ب"صندوق الكوارث" بعد تغييبه في الدعاية الإعلامية وتأخير الإعلان الرسمي عن قرار يعلن الزلزال واقعة كارثية وتحديد مناطقها وتاريخها ومدتها لتفعيل القانون 110.14، لمدة شهرين، أي إلى حين صدور الجريدة الرسمية عدد 7240، وهو الإعلان الذي لم يتم التركيز عليه من طرف الإعلام الرسمي، مقارنة باشهار صندوق 126، خصوصا أن أجل التصريح للاستفادة من صندوق الكوارث محدد في 20 يوم من مدة صدور القرار. وهي لعبة تفنن النظام في اتقانها، بحيث لم يكن يهم من الإعلان سوى عملية شرعنة تجفيف الصندوق، وتسويق الخبر للواجهة الدولية من أجل الدعم.. وإلا لما لم يستفد المتضررون من هذا الصندوق؟!
هل في هذه الحالة قد نتحدث عن مسؤولية المواطن والتي يمكن أن نحملها له؟!
إن المواطن يعيش تحت حملة قوية للاعلام والدعاية الممولة من النظام مع الحصار الواسع لكل ما يناقضه. وحتى لنفترض أن وعيه ضعيف جدا كما يحلو للبعض القول لتحميل الافراد مسؤولية أزماتهم، ولكن هل يعفي ذلك النظام من المسؤولية، هل هذا يسمح لشرعنة الفاسد والتستر عن مسؤولياته؟!
إن خدام النظام من مختلف مشاربهم يتحدثون عن مسؤولياتنا نحن الضحايا لكي يطهروا أيادي الفساد..
إن النظام يلعب بقدرة الشعب على التحمل، ويسخر منه وفي وجهه، لأنه ليس لديه خيار آخر. وإلا كيف يمكن إدارة السخط على الطريق المسدود الذي وصلت إليه مخططاته المناهضة للشعب والمستنزفة لكل مقومات العيش؟
إن الصورة السحرية التي قدمها النظام بجرأة على جميع قنواته المملوكة تصطدم بالواقع المزري الذي يعيش فيه الناس. فالأسر المنكوبة لا ترى ضوءا في النفق لأن واقعها الحي والذي يزيد في التردي يضع كل الوعود وكل الدعايات في سلة الأكاذيب..
إنها من مؤشرات تصاعد الصراع..
إنه جزء من نبض الشعب..
فلنوجه أسلحتنا حيث يجب أن توجه..