رجال صارعوا الصخر، فتحوا باطن الارض، فجروا الديناميت في أعماقها وشقوها، وفتحوا سراديب موحشة، وممرات لامداد رئتي اقتصاد الاستعمار بالهواء.
نقول هذا لأن حاجة الاستعمار إلى المعادن كحاجة الرئتين إلى الهواء، وبالأخص في ظل فترة دقيقة حيث الاقتصاد الاستعماري موجه ومركز حول ما صار يسمى ب"اقتصاد الحرب".
اليوم هؤلاء الرجال المرابطون في معركة نضالية في الجنوب الشرقي للبلاد، ببوازار إقليم وارزازات، وعددهم 254، يصارعون الجوع، وابناءهم خارج الفصل المدرسي، وهو ما تشهد به مراسلة المكتب الاقليمي ل"الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديموقراطي" بوارزازات الموجهة إلى "المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة" بوارزازات بتاريخ 5 شتنبر 2024.
هؤلاء الرجال هم الذين أنتجوا ويتنجون الثروة الحقيقية، لكن كفاحهم في جوف الأرض خلف لهم الفقر والبؤس والتجهيل والتشرد، ومن فقرهم ومعاناتهم هم وأسرهم تغذت شركات الكومبرادور (شركة مناجم) ومديريها المحليين وسماسرتها وشركات المناولة المتربطة بها وراكموا من عرق العمال ومن كدحهم وبؤسهم لغناهم وغنى القوى الاستعمارية..
معاناة بارزة ومكشوفة، شقاء لسنين مقابل رغيف مسموم، ورغم هذا كله، يلاحقهم اليوم التشريد والسطو على حقوقهم المشروعة وكدحهم لاربعة اشهر، لا أحد من الأطراف المتمترسة خلف قوى رأس المال يريد أن يضع نفسه في مكانهم، بل كل اطراف النقيض متمترسة لإعادة إنتاج سيناريو عمال سيكوم/سيكوميك بمكناس.. وهو الوضع الذي انكشف بكل وضوح في الاجتماع المنعقد يوم الجمعة 6 شتنبر 2024 برئاسة قسم الشؤون القروية وبحضور رئيس الدائرة ومندوبة الشغل ومفتش الشغل بمديرية الطاقة بوارزازات وإدارة "بوازار Ctt" وإدارة "طوب فوراج" ومندوبي العمال والمكتب المحلي للنقابة (الاتحاد المغربي للشغل)، والذي كان هدفه (أي الاجتماع) هو تشتيت وحدة العمال، من خلال اقتراح إلحاق عدد محدد منهم بشركة جديدة ودفع ما تبقى للجوء الى القضاء، مع العلم أن ممثل إدارة شركة طوب فوراج صرح في الاجتماع بكون الشركة فسخت عقدها مع الشركة الأم "Ctt"، وأنها تعاني من صعوبات مالية نظرا لحجز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على حسابها. والشركة قامت بإيداع طلب فتح مسطرة "الإنقاذ" لدا رئيس المحكمة التجارية بمراكش. وزادت العمالة من استهزائها بممثلي العمال واللعب على صعوبة قدراتهم على تحمل ظروف الدخول المدرسي، لتسخر منهم في وجوههم، واقتراح تمكين كل العمال ب 1400 درهم كتسبيق، متوهمين أن لا خيار آخر للعمال لإدارة السخط على المأزق الذي أوصلوهم إليه، أي الباطرونا ومؤسسات النظام من عمالة ومفتشية الشغل ومديرية الطاقة. وهو ما دفع العمال إلى فتح النقاش والعمل على تصعيد المعركة للرد على مهزلة الحوار وعلى محاولة الاستهزاء بمطالبهم واستغلال الدخول المدرسي للضغط عليهم وفي نفس الوقت العمل على تفتيت وحدتهم لنسف معركتهم.
إن العمال، في معركتهم التي على أبواب تحطيم شهرها الثاني، يطالبون بحقوقهم المشروعة، وهي أبسط حقوق يمكن الحديث عنها في زمن صارت فيه أجرة العامل لا تفي بالمتطلبات البسيطة للحياة، فيا ترى كيف حال من تعرض للحرمان لأزيد من أربعة أشهر من الأجرة ومن التغطية الصحية ومن التعويضات، وكيف حال اسرته، وفي المقدمة أبنائه؟! هل هكذا تعمم التغطية الصحية؟! هل هكذا تؤمن الحياة المعيشية للمواطن؟! هل هذه الفئة غير معنية بموضوع التغدية والصحة والسكن والتطبيب والتعليم،.. أم هم فقط مجرد أرقام كانت وقد تكون مفيدة في تحقيق الربح والثراء الفاحش على حساب بؤسها وارواح أفرادها الكادحين، كما هو حال عمال منجم عوام الذين عاشوا يوما حزينا أثر استشهاد أحد رفاقهم بغار إغرم أوسار اليوم 9 شتنبر 2024.
لقد فاضت الجريمة، وكل شيء صار على المكشوف..
مغرب هو مغرب النهابة والسراق وعملاء الصهاينة والشركات الاستعمارية.. مغرب رهن الأجيال الحالية واللاحقة والتي تليها للبنوك الإمبريالية.. مغرب التفقير والتشريد.. مغرب الطحن والدهس والخنق.. مغرب قوارب الموت.. مغرب نهب البر والبحر،.. مغرب سرقة ما فوق الأرض، وما تحتها..
إننا مطالبون لخوض التحدي،..
إننا مطالبون بالارتباط بالعمال..
إننا مطالبون بدعم صمودهم..
إننا مطالبون بتعرية مخططات الأعداء..
إننا مطالبون بتعرية تجار العمل النقابي الذين قتلوا التضامن العمالي ووحدة مصير العمال ووحدة معاركهم..
"مدونة مغرب النضال والصمود"
الصور رفقته لنقاش عمال منجم بوازار على هامش الحوار/المناورة