تحل اليوم، الذكرى الرابعة و الثلاثون للانتفاضة المجيدة 14 دجنبر 1990، حيث اعطت جماهير العمال ،والفئات الشعبية والطلبة والتلاميذ وكل المقهورين الدرس
التاريخي في الصمود والتشبت والقدرة على التضحية بالرغم من القمع بالرصاص الحي لهذا الكل اثناء الانتفاضة الشعبية.
وإحياؤُنا لذكرى انتفاضة 14 دجنبر، مثلما هو تكريم لبطولة شعبنا بمدينة فاس وتاوجدات وطنجة، فهو ايضا درس تاريخي نستمد القوة من تضحياته، التي لا تزال ذات أهمية تاريخية في النضال من أجل حقوق العمال والشعب وتحرير بلادنا من سيطرة نظام لا وطني لا ديمقراطي لا شعبي عميل للقوى الاستعمارية والصهيونية وخادم طيع لمخططاتها وحروبها الاستعمارية. كما يندرج، هذا الاحياء، مثله مثل أحياء ذكريات الشهداء وباقي الانتفاضات، في الحاجة الماسة لتعزيز ذاكرة شعبنا وإبقائها حية.
لهذا نحن مطالبون لجعل كل عمل ثوري في الماضي مثالاً لتأكيد أهمية النضال من اجل حق شعبنا في التحرر والانعتاق والحياة الكريمة.
لقد أثبتت انتفاضة 14دجنبر 1990، كما سائر انتفاضات الشعوب عبر التاريخ، أنه في إطار الاستغلال الرأسمالي، والنهب الاستعماري، تأتي لحظات تاريخية من الانفجارات المفاجئة للقوى العمالية الشعبية المترددة حتى الأمس، وان القمع الدموي لكل انتفاضة لا يشكل هزيمة للشعوب، بل يكون دائما نذيرا لمعارك في المستقبل، كما هو الحال مع انتفاضات شعبنا بعد 14 دجنبر 1990، مثل انتفاضة صفرو 23 شتنبر 2007، وانتفاضة سيدي ايفني 7 يونيو 2008، وانتفاضة 20 فبراير 2011، وانتفاضة الريف وجرادة.. في بلادنا، ومشاركة شعبنا في المسيرات الكبيرة المناهضة لحرب الابادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني، وبالموازاة تبين أن اختلال القوى لا يمكن تغييره إلا من خلال العمل المنظم للشعب والشباب وفي المقدمة الطبقة العاملة.
وعلى الرغم من كل الاجرام الذي عمل النظام على تسييده بفاس، بعد انتفاضة 14 دجنبر، لطمس واقبار فاس كبؤرة للنضال وتحويلها لوكر للجريمة، ومرتع للرجعية والظلامية، إلا ان الانتفاضة، كتجربة وتراكم للتضحيات، لا تزال تحرك الأجيال وتشكل لها رمز للمجابهة والعصيان، ودور فاس في انتفاضة 20 فبراير 2011 وتحولها الى بوصلة للخط الذي اعلن شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" وسط "حركة 20 فبراير" يثبت ان انتفاضة "14 دجنبر" لها آثار عميقة ومتجذرة وسط شعبنا. وكما انه خلال هذه السنوات الـ 34 تأكدت حقيقة قوية بكون اي خيار إصلاحي يرسم أحلاما توفيقية بين مصالح النظام ومصالح شعبنا، يقود أصحابه لمعانقة الرجعية والقوى الظلامية والشوفنية، واكثر من ذلك قد يقود للارتماء في احضان الرجعية كما هو حال القوى الإصلاحية سابقا في شخص حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، وهو المسار الذي كشفته انتفاضة "14دجنبر" في المهد. فلا توجد طريق وسط، توفق بين مصالح النقيضين، يمكن سلكها لتحسين وضع شعبنا وتخلصه من مخططات التفقير المملاة من قبل المؤسسات المالية الامبريالية وتحرير ثرواته من قبضة القوى الاستعمارية، وتمهيد الطريق للتغيير الجذري. ويبقى الجواب على وحشية النظام في افقار شعبنا ورهن ثرواتنا والأجيال القادمة للقوى الاستعمارية، هو بناء الأداة الثورية، الأداة السياسية للطبقة العاملة، لتأطير وقيادة التحالف الموضوعي للعمال والفلاحين وكل الفئات الشعبية الذي سيستهدف الجذر الحقيقي للمشاكل، في شخص النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي. إن النضال من أجل اسقاط النظام وفتح الآفاق للبناء الاشتراكي هو السبيل الوحيد للخروج من مأزق التبعية للراسمالية الامبريالية، وهو في الوقت نفسه التكريم الأكثر فعالية لأولئك الذين ناضلوا واستشهدوا من أجل أن ينعم شعبنا بالتحرر والكرامة، وأولئك الذين ضحوا على مر الزمن من أجل مجتمع خال من استغلال الإنسان للإنسان. وهؤلاء هم "المدارس النضالية" لجيلنا، والتي تستحق الاسترشاد بها والسير على دربها. وهذا الدرب هو نفسه الإجابة الوحيدة على وحشية الرأسمالية العالمية المتمثلة في الحروب الامبريالية وتقديم الشعوب كطعام لاسلحتها الفتاكة وجعلها ميدانا لتجريب سلاح الفيروسات المميتة لتنفيذ مخطط الابادة الجماعية في حق الشعوب، والسيطرة على ثرواتها وامتصاص قوة عملها.
فالنضال ضد الحرب الإمبريالية واجرامها مرتبط بشكل مباشر بالنضال من أجل حقوق العمال والشعب ضد الاستغلال الرأسمالي. ففي نهاية المطاف، تتولد الحروب الإمبريالية من قوانين وتناقضات النظام الرأسمالي ذاتها، وسعيه إلى الربح في كل جانب من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ففي الوقت الذي تسجل فيه أرباح الشركات العابرة للقارات، ومجموعات الطاقة، والبنوك، ووكلائهم المحليين، وما إلى ذلك، أرقامًا قياسية تلو الأخرى، "يئن" العمال والفلاحين الفقراء وكل فئات شعبنا امام متطلباتهم في الاسواق، ويجدون صعوبة في توفير لقمة العيش اليومي، وتغطية النفقات الباهظة المطلوبة للتعليم والصحة والسكن. وهي القطاعات التي تم تكييفها لمصالح راس المال، وتعرض الشباب للعجز في التخطيط للمستقبل وتحقيق الاحلام. ويصاحب كل هذا القمع حين يعجز النظام عن تسييد التضليل والخضوع.
فنحن في تيار البديل الجذري فخورين بحقيقة أننا نستلهم من تجارب وتضحيات المناضلين الذين ابقوا شعلة النضال القاعدي مشتغلة، بكل جهد وتضحيات كبيرة (شهداء ومعتقلين سياسيين)، ضد مخططات النظام لتاريخ تمتد جذوره لتجربة الحركة الماركسية اللينينية، ولانتفاضات ومقاومة شعبنا، في ظل القمع الهمجي والارتدادات والجزر العام لحركة التحرر العالمية، من خلال تشبثهم بالنظرية العلمية، نظرية الطبقة العاملة، الماركسية اللينينية، مع رفضهم التخلي عن أفكارهم، وقناعاتهم، وتجربتهم النضالية، وحملهم لعلم المطرقة والمنجل في كل الظروف والمتغيرات، ومن جميع المناضلين الثوريين الذين تعرضوا للاضطهاد بطرق عديدة، والذين ضحوا بحياتهم من أجل الحركة العمالية، وكل قضايا شعبنا. إيمانا منا بمشروع الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ذات الأفق الاشتراكي، وبالثقة في مقاومة وتضحيات الجماهير الشعبية وفي طليعتها الطبقة العاملة، بالرغم من الزلزال الذي احدثته نقاشات البريسترويكا والغلاسنوست، وتحول البوصلة للردة واندفاع ما سمي في حينه ب"اليسار الجديد" للتشكيك في قدرة الجماهير الشعبية على صنع تاريخها.
و كما عنوان المقال أسفله، "ستبقى -انتصارات- النظام وعملائه مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر.." وكذلك و مثال، فإن انتصارات الرأسمال العالمي مؤقتة بحساب التاريخ الإنساني، مادامت مقاومة الشعوب و في طليعتها الطبقة العاملة منتجة فائض القيمة مستمرة.
لهذا نحن مطالبون لجعل كل عمل ثوري في الماضي مثالاً لتأكيد أهمية النضال من اجل حق شعبنا في التحرر والانعتاق والحياة الكريمة.
لقد أثبتت انتفاضة 14دجنبر 1990، كما سائر انتفاضات الشعوب عبر التاريخ، أنه في إطار الاستغلال الرأسمالي، والنهب الاستعماري، تأتي لحظات تاريخية من الانفجارات المفاجئة للقوى العمالية الشعبية المترددة حتى الأمس، وان القمع الدموي لكل انتفاضة لا يشكل هزيمة للشعوب، بل يكون دائما نذيرا لمعارك في المستقبل، كما هو الحال مع انتفاضات شعبنا بعد 14 دجنبر 1990، مثل انتفاضة صفرو 23 شتنبر 2007، وانتفاضة سيدي ايفني 7 يونيو 2008، وانتفاضة 20 فبراير 2011، وانتفاضة الريف وجرادة.. في بلادنا، ومشاركة شعبنا في المسيرات الكبيرة المناهضة لحرب الابادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني، وبالموازاة تبين أن اختلال القوى لا يمكن تغييره إلا من خلال العمل المنظم للشعب والشباب وفي المقدمة الطبقة العاملة.
وعلى الرغم من كل الاجرام الذي عمل النظام على تسييده بفاس، بعد انتفاضة 14 دجنبر، لطمس واقبار فاس كبؤرة للنضال وتحويلها لوكر للجريمة، ومرتع للرجعية والظلامية، إلا ان الانتفاضة، كتجربة وتراكم للتضحيات، لا تزال تحرك الأجيال وتشكل لها رمز للمجابهة والعصيان، ودور فاس في انتفاضة 20 فبراير 2011 وتحولها الى بوصلة للخط الذي اعلن شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" وسط "حركة 20 فبراير" يثبت ان انتفاضة "14 دجنبر" لها آثار عميقة ومتجذرة وسط شعبنا. وكما انه خلال هذه السنوات الـ 34 تأكدت حقيقة قوية بكون اي خيار إصلاحي يرسم أحلاما توفيقية بين مصالح النظام ومصالح شعبنا، يقود أصحابه لمعانقة الرجعية والقوى الظلامية والشوفنية، واكثر من ذلك قد يقود للارتماء في احضان الرجعية كما هو حال القوى الإصلاحية سابقا في شخص حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، وهو المسار الذي كشفته انتفاضة "14دجنبر" في المهد. فلا توجد طريق وسط، توفق بين مصالح النقيضين، يمكن سلكها لتحسين وضع شعبنا وتخلصه من مخططات التفقير المملاة من قبل المؤسسات المالية الامبريالية وتحرير ثرواته من قبضة القوى الاستعمارية، وتمهيد الطريق للتغيير الجذري. ويبقى الجواب على وحشية النظام في افقار شعبنا ورهن ثرواتنا والأجيال القادمة للقوى الاستعمارية، هو بناء الأداة الثورية، الأداة السياسية للطبقة العاملة، لتأطير وقيادة التحالف الموضوعي للعمال والفلاحين وكل الفئات الشعبية الذي سيستهدف الجذر الحقيقي للمشاكل، في شخص النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي. إن النضال من أجل اسقاط النظام وفتح الآفاق للبناء الاشتراكي هو السبيل الوحيد للخروج من مأزق التبعية للراسمالية الامبريالية، وهو في الوقت نفسه التكريم الأكثر فعالية لأولئك الذين ناضلوا واستشهدوا من أجل أن ينعم شعبنا بالتحرر والكرامة، وأولئك الذين ضحوا على مر الزمن من أجل مجتمع خال من استغلال الإنسان للإنسان. وهؤلاء هم "المدارس النضالية" لجيلنا، والتي تستحق الاسترشاد بها والسير على دربها. وهذا الدرب هو نفسه الإجابة الوحيدة على وحشية الرأسمالية العالمية المتمثلة في الحروب الامبريالية وتقديم الشعوب كطعام لاسلحتها الفتاكة وجعلها ميدانا لتجريب سلاح الفيروسات المميتة لتنفيذ مخطط الابادة الجماعية في حق الشعوب، والسيطرة على ثرواتها وامتصاص قوة عملها.
فالنضال ضد الحرب الإمبريالية واجرامها مرتبط بشكل مباشر بالنضال من أجل حقوق العمال والشعب ضد الاستغلال الرأسمالي. ففي نهاية المطاف، تتولد الحروب الإمبريالية من قوانين وتناقضات النظام الرأسمالي ذاتها، وسعيه إلى الربح في كل جانب من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ففي الوقت الذي تسجل فيه أرباح الشركات العابرة للقارات، ومجموعات الطاقة، والبنوك، ووكلائهم المحليين، وما إلى ذلك، أرقامًا قياسية تلو الأخرى، "يئن" العمال والفلاحين الفقراء وكل فئات شعبنا امام متطلباتهم في الاسواق، ويجدون صعوبة في توفير لقمة العيش اليومي، وتغطية النفقات الباهظة المطلوبة للتعليم والصحة والسكن. وهي القطاعات التي تم تكييفها لمصالح راس المال، وتعرض الشباب للعجز في التخطيط للمستقبل وتحقيق الاحلام. ويصاحب كل هذا القمع حين يعجز النظام عن تسييد التضليل والخضوع.
فنحن في تيار البديل الجذري فخورين بحقيقة أننا نستلهم من تجارب وتضحيات المناضلين الذين ابقوا شعلة النضال القاعدي مشتغلة، بكل جهد وتضحيات كبيرة (شهداء ومعتقلين سياسيين)، ضد مخططات النظام لتاريخ تمتد جذوره لتجربة الحركة الماركسية اللينينية، ولانتفاضات ومقاومة شعبنا، في ظل القمع الهمجي والارتدادات والجزر العام لحركة التحرر العالمية، من خلال تشبثهم بالنظرية العلمية، نظرية الطبقة العاملة، الماركسية اللينينية، مع رفضهم التخلي عن أفكارهم، وقناعاتهم، وتجربتهم النضالية، وحملهم لعلم المطرقة والمنجل في كل الظروف والمتغيرات، ومن جميع المناضلين الثوريين الذين تعرضوا للاضطهاد بطرق عديدة، والذين ضحوا بحياتهم من أجل الحركة العمالية، وكل قضايا شعبنا. إيمانا منا بمشروع الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ذات الأفق الاشتراكي، وبالثقة في مقاومة وتضحيات الجماهير الشعبية وفي طليعتها الطبقة العاملة، بالرغم من الزلزال الذي احدثته نقاشات البريسترويكا والغلاسنوست، وتحول البوصلة للردة واندفاع ما سمي في حينه ب"اليسار الجديد" للتشكيك في قدرة الجماهير الشعبية على صنع تاريخها.
و كما عنوان المقال أسفله، "ستبقى -انتصارات- النظام وعملائه مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر.." وكذلك و مثال، فإن انتصارات الرأسمال العالمي مؤقتة بحساب التاريخ الإنساني، مادامت مقاومة الشعوب و في طليعتها الطبقة العاملة منتجة فائض القيمة مستمرة.
ت.ب.ج.م
14/12/2024
......
المقال:
ذكرى انتفاضة 14 دجنبر 1990 ستبقى -انتصارات- النظام وعملائه مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر..
البديل الجذري
14 دجنبر، يوم الذكرى الذي تحدت فيه الجماهير الشعبية بالأجساد العارية سنة 1990 الرصاص الحي للنظام الدكتاتوري، انه ذكرى خروج جماهير غفيرة من عمال ومعطلين وطلبة وتلاميذ بقوة من الأحياء الشعبية وبدون أي قيادة سياسية لإنجاح الإضراب العام، وصد كل محاولات تكسيره بعدما أعلن النظام، عبر وزارة الداخلية، يوم 5 دجنبر، استعداده لاستعمال كل الوسائل لضمان "حرية العمل" والحفاظ على"النظام العام"، وبعد مطالبة القيادة النقابية البيروقراطية المضربين بالتزام بيوتهم. وهو ما كان يعني للجماهير الشعبية إفراغ الإضراب العام من أي مضمون كفاحي. فكان لها قرار آخر، قرار تحدي النظام وتحدي الأحزاب السياسية المتواطئة والقيادات النقابية العميلة، وعدم الخضوع لقرارات العبيد.
إذن الإطار العام ليوم 14 دجنبر 1990: مركزيتان نقابيتان تعلنان الإضراب العام من اجل "الزيادة في الأجور والتعويضات" و"إصلاح قانون الشغل" و"عودة المطرودين" و"حرية العمل النقابي"... ومن الخلف قوى سياسية عرجاء تلوح بخجل بالإصلاحات الدستورية، وجميعهم يرتجفون خوفا من النظام، من جهة، ومن الجماهير الشعبية المضطهدة من جهة أخرى. فهناك نظام يعلن استعداده للبطش وإسالة الدماء، وجماهير تتحدى الدكتاتورية وتخرج وجها لوجه ضد الأجهزة القمعية وتراكم لمسار المجابهة والمواجهة وتبدي استعدادا نضاليا جبارا وتحديا بطوليا في ظل الفراغ السياسي القاتل.
ولفهم ما جعل هذا الخيار ممكنا، من اللازم الرجوع لملامسة وضع الصراع آنذاك، والوقوف على مستوى التطور الذي وصل اليه.
ففي عقد الثمانينات رسم خبراء الامبريالية خطط السياسة العامة للنظام القائم بالمغرب من اجل تهيئ الشروط لبيع ثروات البلاد في المزاد العلني وهو ما نفذه النظام بكل تفان، ليحصر معدل النمو في اقل من 4 %. وتندرج سياسة "التقويم الهيكلي" في هذا السياق الذي حمل معه مخططات من قبيل "إصلاح التعليم" و"الخوصصة" و"التقشف"... لتحكم بالطرد الواسع لإفراغ والتخفيف من عبء التعليم وتفويت قطاعات للخواص لصالح الاحتكار، وتعريض العمال للطرد والتسكع، وحرمانها من مكتسباتها المحققة بعد نضالات مريرة وتضحيات تاريخية خالدة، واستهداف قوتها اليومي وكرامتها، وشق وحدتها النقابية بالتآمر مع الأحزاب الإصلاحية والرجعية لتفريخ ملحقاتها وأذيالها.
وفي هذه الشروط كان النضال متواصلا في مجموعة من المواقع، في المعامل والضيعات والشوارع وفي الجامعات، في المدن والقرى، وتساقط الشهداء في الجامعات والسجون، وامتد النضال، إلى قطاعات كانت هادئة من قبل مثل الطيران والبنوك، وكان الكل يواجه بالقمع الشرس. وكان الوضع الطبقي ساخنا، وملامح التأهب بادية، في اجتماعات الشغيلة وفي دور الشباب، وأصداء نقاشاتها تنتقل الى الشوارع، وكل طبقات المجتمع كانت تترقب الوضع، وتتأهب للدفاع عن مصالحها الطبقية.
أما المشهد السياسي فقد طبعته النزعة الإصلاحية بتململها لتوسيع رقعتها داخل المؤسسة التشريعية الممنوحة والمزورة برفعها إيقاع الخطاب الديماغوجي لإعادة ترميم وضعها المفلس وتغليط وعي الشعب بالوهم البرجوازي وفي تحالفات رجعية، خاصة مع حزب الاستقلال. و"اليسار الجديد" كان غارقا في نقاش نظري هامشي وكان مرعوبا من الانهيار المدوي لجدار برلين و"البيريسترويكا" من جهة، ومفتتنا ب"النضال الديمقراطي" و"التحالفات السياسية" الفجة السرية و"العلنية"، بعيدا عن غليان الشارع وعن هموم النضال المتصاعد والمتزايد، من جهة أخرى .أما القوى الظلامية فكانت في عز الاستعداد والتنظيم، لكن في تحالف مع النظام والامبريالية لإتمام وتجفيف بقايا بقع التوتر، أي البؤر الثورية. فكانت سهامها وتنظيماتها واستعداداتها موجهة للجامعات المغربية وتحديدا الحركة الطلابية التي لم تنطفئ بالرغم من التدمير الكبير الذي استهدفها.
هكذا أهم أجزاء صورة وسمات الوضع الأساسية التي سبقت الانتفاضة الشعبية المجيدة لدجنبر 1990، والتي كانت وسيلة الكفاح العمالية، أي الإضراب العام، الوسيلة النضالية المتقدمة التي فجرت الأوضاع، ولتتجاوز كل الرهانات السياسية الانتهازية والضيقة.
وفي عشية تنفيذ الإضراب العام كانت القيادة النقابية البيروقراطية تبذل كل جهودها لاجتناب معارك الشوارع، وهي التي حاولت التذرع بالحوارات المغشوشة كما كان الأمر مع إضراب 19 ابريل 1990 ، وأعلنت التزام البيوت يوم الإضراب، وكانت إشارة لرفع مسؤوليتها السياسية عن نضال الشوارع، وبالتالي تجريد الجماهير من أي سلاح سياسي وتنظيمي، لتثبت عجزها وخوفها من الجماهير. وبالنيابة عن أحزابها كانت تعلن الخضوع والإجماع وتبحث عن صكوك الأمان، فكان قرارها قرارا مهينا. فما كان على الجماهير إلا أن تدافع عن نجاح المعركة، وأن تتحمل وأن تقاوم وأن تتحدى جبروت النظام وبيادقه السياسية والنقابية، وأن تنزل الى الشوارع بقوة في المدينة المناضلة فاس لتواجه ببسالة وبكل كفاحية وبأجسادها العارية الرصاص الحي ونيران المدافع. فظهرت روح التآخي والتضامن بين الجماهير الكادحة، وأبانت عن قدرتها على تحديد العدو، فاستهدفت المصالح الرأسمالية، وحصنت الأحياء الشعبية.
وفي اليوم الأول اعتمد النظام في قمع المنتفضين بفاس على الشرطة والقوات المساعدة وجنود ثكنات ظهر المهراز، لكنها
عجزت عن إخماد المظاهرات، وهو ما دفعه لاستقدام قوات قمعية أخرى من خارج المدينة (البيزات) وتسليمهم الأسلحة دفع
الثقيلة، فأعطيت لهم الأوامر بالفتك بالمنتفضين، لترتكب أفظع مجزرة في ظرف وجيز، وشرع في تشييد المقابر الجماعية.
ومع ذلك استمر الصمود والقتال إلى ساعات متأخرة من الليل.
وصباح يوم 15 دجنبر نهضت فاس على وقع حصار/احتلال عسكري. الدبابات مرابطة في النقط الإستراتيجية لشوارع وأحياء المدينة، ومدافعها مصوبة لمخارج الأحياء الشعبية والجنود على أهبة الاستعداد لإطلاق النار. وكان اليوم، السبت، يوم السوق الأسبوعي المجاور لحي عوينة الحجاج وليراك، وهي أحياء غالبية سكانها عمال وطلبة، ويستقطب ساكنة الأحياء المجاورة وفلاحي المنطقة. ومع الساعة العاشرة انطلق القصف بالرصاص الحي لكل التجمعات بما فيها السوق الأسبوعي والجامعة وكانت الأجساد العارية تخترقها النيران وكان القصف عشوائيا، ولم تسلم منه حتى الجدران. وبالرغم من شدة القصف كانت الجماهير تفرض على الجيوش التراجع في بعض النقط، وكان النظام يلتجئ للمروحيات لإمطار المتظاهرين بغازات لم تعرف طبيعتها لحدود الآن. ولم يستطع النظام التحكم في الوضع إلى حدود يوم الاحد 16 دجنبر، ليفرض حالة من الحصار يومي17 و18 دجنبر ويشن حملة من المداهمات على المنازل استهدفت بالدرجة الأولى مساكن العمال –الزوفرية-.
وهكذا واجهت الجماهير لوحدها عارية من أي تغطية سياسية.. وكانت الأحزاب والقيادات النقابية
البيروقراطية تبيع الدماء والنظام يستمر في إجرامه.. كان الكل في إجماع لتدمير الثقة في النضال..
ستبقى انتصاراتهم مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر..
الإدانة كل الإدانة للنظام ولعملائه من قوى سياسية ونقابية ..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.
......
المقال:
ذكرى انتفاضة 14 دجنبر 1990 ستبقى -انتصارات- النظام وعملائه مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر..
البديل الجذري
14 دجنبر، يوم الذكرى الذي تحدت فيه الجماهير الشعبية بالأجساد العارية سنة 1990 الرصاص الحي للنظام الدكتاتوري، انه ذكرى خروج جماهير غفيرة من عمال ومعطلين وطلبة وتلاميذ بقوة من الأحياء الشعبية وبدون أي قيادة سياسية لإنجاح الإضراب العام، وصد كل محاولات تكسيره بعدما أعلن النظام، عبر وزارة الداخلية، يوم 5 دجنبر، استعداده لاستعمال كل الوسائل لضمان "حرية العمل" والحفاظ على"النظام العام"، وبعد مطالبة القيادة النقابية البيروقراطية المضربين بالتزام بيوتهم. وهو ما كان يعني للجماهير الشعبية إفراغ الإضراب العام من أي مضمون كفاحي. فكان لها قرار آخر، قرار تحدي النظام وتحدي الأحزاب السياسية المتواطئة والقيادات النقابية العميلة، وعدم الخضوع لقرارات العبيد.
إذن الإطار العام ليوم 14 دجنبر 1990: مركزيتان نقابيتان تعلنان الإضراب العام من اجل "الزيادة في الأجور والتعويضات" و"إصلاح قانون الشغل" و"عودة المطرودين" و"حرية العمل النقابي"... ومن الخلف قوى سياسية عرجاء تلوح بخجل بالإصلاحات الدستورية، وجميعهم يرتجفون خوفا من النظام، من جهة، ومن الجماهير الشعبية المضطهدة من جهة أخرى. فهناك نظام يعلن استعداده للبطش وإسالة الدماء، وجماهير تتحدى الدكتاتورية وتخرج وجها لوجه ضد الأجهزة القمعية وتراكم لمسار المجابهة والمواجهة وتبدي استعدادا نضاليا جبارا وتحديا بطوليا في ظل الفراغ السياسي القاتل.
ولفهم ما جعل هذا الخيار ممكنا، من اللازم الرجوع لملامسة وضع الصراع آنذاك، والوقوف على مستوى التطور الذي وصل اليه.
ففي عقد الثمانينات رسم خبراء الامبريالية خطط السياسة العامة للنظام القائم بالمغرب من اجل تهيئ الشروط لبيع ثروات البلاد في المزاد العلني وهو ما نفذه النظام بكل تفان، ليحصر معدل النمو في اقل من 4 %. وتندرج سياسة "التقويم الهيكلي" في هذا السياق الذي حمل معه مخططات من قبيل "إصلاح التعليم" و"الخوصصة" و"التقشف"... لتحكم بالطرد الواسع لإفراغ والتخفيف من عبء التعليم وتفويت قطاعات للخواص لصالح الاحتكار، وتعريض العمال للطرد والتسكع، وحرمانها من مكتسباتها المحققة بعد نضالات مريرة وتضحيات تاريخية خالدة، واستهداف قوتها اليومي وكرامتها، وشق وحدتها النقابية بالتآمر مع الأحزاب الإصلاحية والرجعية لتفريخ ملحقاتها وأذيالها.
وفي هذه الشروط كان النضال متواصلا في مجموعة من المواقع، في المعامل والضيعات والشوارع وفي الجامعات، في المدن والقرى، وتساقط الشهداء في الجامعات والسجون، وامتد النضال، إلى قطاعات كانت هادئة من قبل مثل الطيران والبنوك، وكان الكل يواجه بالقمع الشرس. وكان الوضع الطبقي ساخنا، وملامح التأهب بادية، في اجتماعات الشغيلة وفي دور الشباب، وأصداء نقاشاتها تنتقل الى الشوارع، وكل طبقات المجتمع كانت تترقب الوضع، وتتأهب للدفاع عن مصالحها الطبقية.
أما المشهد السياسي فقد طبعته النزعة الإصلاحية بتململها لتوسيع رقعتها داخل المؤسسة التشريعية الممنوحة والمزورة برفعها إيقاع الخطاب الديماغوجي لإعادة ترميم وضعها المفلس وتغليط وعي الشعب بالوهم البرجوازي وفي تحالفات رجعية، خاصة مع حزب الاستقلال. و"اليسار الجديد" كان غارقا في نقاش نظري هامشي وكان مرعوبا من الانهيار المدوي لجدار برلين و"البيريسترويكا" من جهة، ومفتتنا ب"النضال الديمقراطي" و"التحالفات السياسية" الفجة السرية و"العلنية"، بعيدا عن غليان الشارع وعن هموم النضال المتصاعد والمتزايد، من جهة أخرى .أما القوى الظلامية فكانت في عز الاستعداد والتنظيم، لكن في تحالف مع النظام والامبريالية لإتمام وتجفيف بقايا بقع التوتر، أي البؤر الثورية. فكانت سهامها وتنظيماتها واستعداداتها موجهة للجامعات المغربية وتحديدا الحركة الطلابية التي لم تنطفئ بالرغم من التدمير الكبير الذي استهدفها.
هكذا أهم أجزاء صورة وسمات الوضع الأساسية التي سبقت الانتفاضة الشعبية المجيدة لدجنبر 1990، والتي كانت وسيلة الكفاح العمالية، أي الإضراب العام، الوسيلة النضالية المتقدمة التي فجرت الأوضاع، ولتتجاوز كل الرهانات السياسية الانتهازية والضيقة.
وفي عشية تنفيذ الإضراب العام كانت القيادة النقابية البيروقراطية تبذل كل جهودها لاجتناب معارك الشوارع، وهي التي حاولت التذرع بالحوارات المغشوشة كما كان الأمر مع إضراب 19 ابريل 1990 ، وأعلنت التزام البيوت يوم الإضراب، وكانت إشارة لرفع مسؤوليتها السياسية عن نضال الشوارع، وبالتالي تجريد الجماهير من أي سلاح سياسي وتنظيمي، لتثبت عجزها وخوفها من الجماهير. وبالنيابة عن أحزابها كانت تعلن الخضوع والإجماع وتبحث عن صكوك الأمان، فكان قرارها قرارا مهينا. فما كان على الجماهير إلا أن تدافع عن نجاح المعركة، وأن تتحمل وأن تقاوم وأن تتحدى جبروت النظام وبيادقه السياسية والنقابية، وأن تنزل الى الشوارع بقوة في المدينة المناضلة فاس لتواجه ببسالة وبكل كفاحية وبأجسادها العارية الرصاص الحي ونيران المدافع. فظهرت روح التآخي والتضامن بين الجماهير الكادحة، وأبانت عن قدرتها على تحديد العدو، فاستهدفت المصالح الرأسمالية، وحصنت الأحياء الشعبية.
وفي اليوم الأول اعتمد النظام في قمع المنتفضين بفاس على الشرطة والقوات المساعدة وجنود ثكنات ظهر المهراز، لكنها
عجزت عن إخماد المظاهرات، وهو ما دفعه لاستقدام قوات قمعية أخرى من خارج المدينة (البيزات) وتسليمهم الأسلحة دفع
الثقيلة، فأعطيت لهم الأوامر بالفتك بالمنتفضين، لترتكب أفظع مجزرة في ظرف وجيز، وشرع في تشييد المقابر الجماعية.
ومع ذلك استمر الصمود والقتال إلى ساعات متأخرة من الليل.
وصباح يوم 15 دجنبر نهضت فاس على وقع حصار/احتلال عسكري. الدبابات مرابطة في النقط الإستراتيجية لشوارع وأحياء المدينة، ومدافعها مصوبة لمخارج الأحياء الشعبية والجنود على أهبة الاستعداد لإطلاق النار. وكان اليوم، السبت، يوم السوق الأسبوعي المجاور لحي عوينة الحجاج وليراك، وهي أحياء غالبية سكانها عمال وطلبة، ويستقطب ساكنة الأحياء المجاورة وفلاحي المنطقة. ومع الساعة العاشرة انطلق القصف بالرصاص الحي لكل التجمعات بما فيها السوق الأسبوعي والجامعة وكانت الأجساد العارية تخترقها النيران وكان القصف عشوائيا، ولم تسلم منه حتى الجدران. وبالرغم من شدة القصف كانت الجماهير تفرض على الجيوش التراجع في بعض النقط، وكان النظام يلتجئ للمروحيات لإمطار المتظاهرين بغازات لم تعرف طبيعتها لحدود الآن. ولم يستطع النظام التحكم في الوضع إلى حدود يوم الاحد 16 دجنبر، ليفرض حالة من الحصار يومي17 و18 دجنبر ويشن حملة من المداهمات على المنازل استهدفت بالدرجة الأولى مساكن العمال –الزوفرية-.
وهكذا واجهت الجماهير لوحدها عارية من أي تغطية سياسية.. وكانت الأحزاب والقيادات النقابية
البيروقراطية تبيع الدماء والنظام يستمر في إجرامه.. كان الكل في إجماع لتدمير الثقة في النضال..
ستبقى انتصاراتهم مؤقتة وسيستمر النضال حتى النصر..
الإدانة كل الإدانة للنظام ولعملائه من قوى سياسية ونقابية ..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.
14/12/2015
شارك هذا الموضوع على: ↓