2025/01/06

م.م.ن.ص// ماذا سيتبقى من النقابات مع تجريم الإضراب؟

وأي مقاومة تبديها لمواجهة قانون تجريم الإضراب؟
النقابات في طريقها إلى الإفلاس؛ في طريقها إلى الموت.. إنها تعيش أنفاسها الأخيرة.


أخضع النظام رؤوسها، وحولها لأدوات تستعمل للضبط والخضوع، والآن مقبل على ابتلاع قلبها.المركزيات النقابية دخلت قاعة الإنعاش من اليوم الذي اختارت فيه بحماس التتحول لنقابات تشاركية، وعند انتهاء النظام من ترتيبات التشريع ل"قانون الإضراب" ستنتقل لمرحلة الموت السريري.

المركزيات النقابية اليوم، بمختلف تلاوينها، سقط عنها القناع. ظهرت صورتها القزمية على المكشوف حتى لمن كان بعيدا عن المشهد النقابي، حقيقتها. لم تعد تقدر حتى حمل ولو سلاحا يخيف البراغيت. وثبت مرة أخرى أن الجبهات التي يصنعها الانتهازيون والبيروقراطيون، وغالبها تبنى بتنسيق مع قوى الظلام، ما هي سوى أوهام يزرعونها ويغسلون بها تشريعهم من الباب الخلفي لمخططات النظام المعادية للشعب. وشعبنا  لم يعد لديه المزيد من الوقت ليضيعه خلف الاوهام. فلا يمكن له الفوز إلا على طريق الصراع وليس على طرق النظام المسدودة التي تروج لها الانتهازية والبيروقراطية، وهو الخيار الذي أعلنته معركة العاملات والعمال المشردون بمكناس بنهج طريق الصراع مع البيروقراطية والباطرونا والنظام.  
نقول بهذه الاستنتاجات انطلاقا من كون المعارضة الصريحة لقانون الإضراب يقتضي تكثيف التعبئة للمنخرطين بشكل خاص، وللطبقة العاملة ولكل فئات الشعب المغربي عامة، وتفكيك مشروع "قانون الإضراب"  وتوضيحه لها، ورفع وعيها بخطورته على العمل النقابي وعلى مصالحها ومصالح كل فئات شعبنا، وكيف يرمي لتجريم سلاح العمال والشغيلة في الدفاع عن مصالحها، واعدادها لإضراب عام أو إضرابات عامة، إذا اقتضى الأمر، كسلاح عمالي يهدد فعلا مصالح الباطرونا، ويضرب في العمق أرباحهم، ومسيرات تتحدى القمع والمنع.. وإظهار أن الشارع هو القوة والأغلبية الحقيقية وليس مؤسسة لنوام لا شرعية شعبية لهم، وأن الشعب هو سيد القرارات، وبمقدوره أن يدوس على القوانين البرجوازية في الشوارع.
لأن معركة مناهضة قانون الإضراب، معركة سياسية، إما أن يتم إسقاطه أو يتم دفن العمل النقابي الحقيقي.
فمشروع "قانون الإضراب" يرمي لوضع المسدس على رأس الشعب، وبالأخص الطبقة العاملة واليد على الزناد. فليس هناك من خيار آخر ، فإما أن تقاوم اليوم أو ترتجف لسنوات، في انتظار نهوض جديد وموازين قوى جديدة، وتقبل الموت بجبن، ولا تستطيع أن تواجه الموت بشجاعة وتسجل الحدث للتاريخ.
إن مشروع "قانون الإضراب" مبني على أساس طبقي عميق، يضع السلاح في يد البرجوازية ويجرد الشعب من أي سلاح للمقاومة ويرغمه على وضع الأيادي فوق الرؤوس والظهر للهاوية. إنه التشريع لمجموعة الأعمال، بالأخص الكومبرادور والرأسمال الاستعماري، من أجل زيادة أرباحها، بحمل مسدس في وجه أي فعل عمالي قد يشوش هجومها على جيوب الأسرة العاملة وعلى حقوقها، وهي ترقص على إيقاع أكبر عملية إغراق الطبقة العاملة في الفقر. وهي الحقيقة التي يلمسها الشعب عامة، عاما بعد عام، عندما يقف على أبواب المتاجر ويضع يده في الجيب من أجل اقتناء المواد الأساسية للتغدية أو من أجل دفع فواتير الماء والكهرباء أو من أجل الصحة أو مدارس أبنائه..
في نهاية المطاف، فإن عرض مشروع "قانون الإضراب" من أجل تمريره من قبل الحكومة هو أفضل هدية سنة 2025 للباطرونا وللقوى الاستعمارية، والذي يستحق منهم أن يضعوا له نصب تذكاري على أبواب المقرات النقابية بعد تشميعها.
أما المعارضة، المريحة/اللفظية، من قبل المركزيات النقابية، أدرع القوى الانتهازية، فهي مناسبة تمامًا لـتسويق "النموذج الديموقراطي" زمن الطحن والدهس والرفس والشنق والاعتقالات، المتوج باخطر هجمة تجويع وتفقير للشعب المغربي، وهي المتواطئة بشكل مشترك مع الأحزاب السياسية الانتهازية في تمرير مخططات وتوصيات المؤسسات الاستعمارية التي أوصلت شعبنا لهذا المنحدر، وفي مناوراتها وخيانتها لأعظم ملحمة بطولية خاضتها الجماهير الأستاذية لإسقاط "نظام المآسي" بقبولها الرضوخ لتوصيات البنك الدولي وتقديم القاعدة المضربة للمسالخ درس بليغ، ونفس الخط انكشف في صورة أكثر فضاعة مع تورط بوخلفة بوشتى، الرجل الثاني الواقف على هيكل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بتحويل المركزية لحلف الباطرونا ضد معركة عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك مكناس بعد انتهائه من صفقة المتاجرة بقضيتهم، أمام مسامع وأنظار كل النقابيين والسياسيين والمثقفين والحقوقيين، وإلتزام كل الاتحادات الجهوية والمحلية الصمت على وقع أحدث فضيحة نقابية مكشوفة. وهي من تشارك في تقديم عروض الخداع والتضليل، وتوفير المسكنات، تحت غطاء الحوار الاجتماعي لإخفاء حقيقة مفادها أن كل مخطط، وكل توصية، وكل ميزانية، في كل جملة، تدق مسماراً آخر في حقوق العمال.
ففي وقت تستدعي معركة مناهضة مشروع "قانون الإضراب" تعزيز التنظيم والنضال من خلال النقابات، والمقاومة ضد الهجوم المناهض للشعب، والذي يتم التخطيط له من خلال تجريم  الحق  في الإضراب، كان للأحزاب الانتهازية ولأدرعها النقابية خيارا آخرا:
مسرحيات محدودة في بعض المدن يوم الأحد، على شاكلة وقفات ومسيرات مبلطجة، ومسيرات الأحد العاجزة عن تحريك الأقدام والدوس على قرارات المنع، وكذا خطابات وتصريحات عنترية حقيرة، وكلها أشكال مفلسة وشاخت وتجاوزت تاريخ صلاحيتها، ولم يعد لها معنى في ظل هجوم يستهدف تجريد الطبقة العاملة من سلاحها، وتحطيم قبضتها الجبارة. ويريد تكبيل الطبقة الأكثر معاناة من الاستغلال والاضطهاد؛ الطبقة التي ترهب فعلا لحظة وحدتها ونهوضها البرجوازية في كل مكان.. وإن المعنى لنهج هذا الطريق، طريق المعارك المفلسة، هو تسول وانتظار لترمى لأصحابه، في شخص المافيات النقابية، الصدقة ليتلقفوها بكل سرور وليروجوا لها كمكتسب لتضليل الطبقة العاملة والشعب مثلما جرى مع جريمة الخيانة لمعركة رجال ونساء التعليم موسم 2023-2024، قبل حسم المعركة/التمثيلية على مسرح التهريج السياسي لنوام المافيا وكراكيز الأحزاب..
فهذا الوضع المدمر، ليس غريبا لدى من كانت أدوارهم دائما هي الدعامات المفيدة للسياسة المناهضة للشعب. وهم يروجون للمنطق القائل: من أجل الحصول على قطعة خبز، يجب أن نكون "تشاركيين" للرفع من حجم الفتات الذي سيبقى من الربحية الهائلة لمجموعات الأعمال.
على أية حال، فقد ثبت مرة أخرى أنهم كذابون، وحربائيون، تجاه النضالات والمطالب العمالية، ولهذا السبب لم يبالوا بمشروع "قانون الإضراب" منذ 2015 واليوم يصعدون على الخشبة لتأدية الدور المنوط بهم.. فبئس المهللين لشطحاتهم..

06/01/2025




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق