صوفيا ملك// "لن أَدفع! لنْ أَدفع!" ...
25 Mar 2025

داريو فو وصرخة الكادحين: تأبيد الراهن في "لن أَدفع!" ....

2025/03/22

م.م.ن.ص// دروس الثورة وأعباء الحاضر: كومونة باريس 1871 وإشكاليات الصراع الطبقي في المغرب بشكل مركز .

في ذكرى الكومونة الباريسية. الشرارة الثورية التي هزَّت أركان الرأسمالية الأوروبية عام 1871.

 ليست مجرد حدث تاريخي نستحضره، بل مختبرًا حيًّا لفهم ديالكتيك الصراع الطبقي، كما حلَّله ماركس وواصل لينين تطويره في خضم الثورة البلشفية. لم تكن الكومونة مجرد انتفاضة عابرة، بل كانت النموذج الأول لديكتاتورية البروليتاريا، حيث حوَّل العمال باريس إلى فضاءٍ للمجتمع الثوري الحي: ألغى الجيش الدائم، فصل الكنيسة عن الدولة، انتخب مسؤولين قابليْن للعزل، وتسيير المصانع من قِبَل العمَّال أنفسهم. هكذا صاغت الكومونة علمية الثورة، لكنها أيضًا كشفت عن تناقضاتها: غياب الحزب الثوري المنظَّم، والتردد في مصادرة بنك فرنسا، وهو ما أدى إلى سحقها بعد 72 يومًا فقط.

لم تفشل الكومونة لأنها "تجاوزت التاريخ"، بل لأنها افتقرت إلى التنظيم الحديدي للبروليتاريا. وهو الدرس التاريخي الحي الذي ادركه لينين، لينتقل من النقذ إلى الممارسات الثورية الحية. ففي "الدولة والثورة"، حوّل دروس الكومونة إلى خريطة طريق: ضرورة تحطيم جهاز الدولة البرجوازي، وبناء سلطة جديدة من نوع مختلف، لا تُدار من فوق، بل تُبنى من القواعد الشعبية. لكنه حذَّر من الرومانسية الثورية؛ فـ"المهمة ليست في تمجيد الماضي، بل في اجتراح الحاضر".
إن استحضار الكومونة في سياقنا المغربي ليس تمرينا أكاديميا، بل منهجا لقراءة تناقضات واقعنا:  

    الطبقة العاملة المغربية، رغم تزايد قاعدتها، تفتقر إلى الوعي الطبقي المنظم، وتتعرض للتذمير، وتُحاصر بخطاب الإصلاح الزائف الذي تروِّجه النقابات البيروقراطية.
    الطبقة الكومبرادورية، العميلة للإمبريالية، تعيد إنتاج الاستغلال عبر آليات أكثر خبثًا: اقتصاد الريع، خصخصة الخدمات العمومية، واخضاع التطور الاقتصادي لمصالح الرأسمالية العالمية، بتنفيذ توصيات المؤسسات المالية الإمبريالية، وقمع أي فعل نضالي منفلت من قبضة البيروقراطية.
    "اليسار" المغربي، أو ما تبقى من حاملي اسم اليسار، يراوح بين الخضوع والاندماج في لعبة المؤسسات وتبني خطابٍ ثوريٍ مُجرَّد، بعيدا عن نبض الشارع، وعن معارك العمال اليومية في المعامل والضيعات وحقول الفلاحين الفقراء.


واليوم كما الامس لم يعد كافياً أن نرفع شعار "عاشت ذكرى الكومونة" أو "تحيا الماركسية اللينينية"، بل السؤال كيف ننتقل من الشعار إلى الميدان؟ بمعنى آخر كيف نكون لينينيي اليوم؟ فالثورة لن تخرج من الشعارات ولن تتحقق باجترار الخطاب الثوري على الفضاء الافتراضي، لهذا صار مطلوب تفكيك كل  الاوهام:
إنشاء خلايا ماركسية-لينينية داخل النقابات  والأحياء الشعبية وفي كل القطاعات والحركات الجماهيرية، لا كمجموعات نقاش، بل كأدوات الفعل والتنسيق والتواصل والمتابعة والالتصاق بهموم الجماهير والاسهام الفعال في إضراباتها واحتجاجاتها في افق قيادتها وتاطيرها، ومواجهة ثقافة الاستسلام والاستهلاك عبر نشر ثقافة شعبية مقاومة، وتقديم دروس توعوية في الاقتصاد السياسي، وتفكيك الصراعات والتطورات السياسية، وكشف زيف "الخطابات الرجعية والظلامية والإصلاحية" التي يروجها النظام وادواته السياسية وقنواته الاعلامية، مع الالتحام بالجماهير: بالنزول إلى العمال ودعم نضالاتهم، ونضالات كل فئات شعبنا ضد الفقر، ورفع مطالب مُحددة تعكس نبض الشعب في الشروط الراهنة التي نعيشها، كمحاربة الغلاء الذي يوفر اليوم ارباحا خيالية للرأسماليين الكبار ويعرض شعبنا للتجويع والتفقير، والرفع من الحد الأدنى للأجور، وتعويض حقيقي للمتضررين من الكوارث ومن الهدم للأحياء السكنية يناسب حجم الضرر، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والدفاع عن المدرسة والصحة العموميين، والنضال من اجل تجريم التطبيع، وإلغاء الاتفاقيات التي تستنزق ثروات بلادنا وتعرض شعبنا للتجويع. وإلا فالتاريخ سيحاكمنا.
فكما كتب لينين: "الثوريون الذين لا يستخلصون دروس الهزائم هم مُحتالون". صحيح ان الكومونة سحقت، لكنها خلَّفت برنامجا ثوريا ودرسا تاريخيا للعازمين على مواصلت الدرب. لهذت نحن في المغرب أمام خيارين: إما الاستمرار في "الثرثرة الثورية" تحت مظلة الوفاء الوهمي للشهداء، أو خوض معركة التأسيس لـ"أداة تنظيمية من نوع جديد"، تقود الصراع نحو انتزاع السلطة، لا التفاوض عليها.
الكلمة الأخيرة للتاريخ، لكنها كلمة تكتب بدماء العمال.

2025/03/22




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق