صوفيا ملك// "لن أَدفع! لنْ أَدفع!" ...
25 Mar 2025

داريو فو وصرخة الكادحين: تأبيد الراهن في "لن أَدفع!" ....

2025/03/22

يوسف وهبي// حول تطورات الصراع السياسي التركي، صراع السلطة والاستقطاب السياسي

   تُعتبر الاعتقالات الأخيرة بتركيا، مثل إكرام إمام أوغلو عميد بلدية إسطنبول بعد يوم من إعلانه التقدم للانتخابات الرئاسية المقبلة، جزءًا من مسار طويل لتصفية

 الخصوم السياسيين، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، والتي استخدمها أردوغان لتوسيع صلاحياته. تصريحات أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP) والذي دعا أنصاره للتظاهر مباشرة بعد اعتقال إمام أوغلو ("الديمقراطية قطار نزل منه أردوغان") تعكس استقطابًا حادًّا بين حزب العدالة والتنمية والمعارضة العلمانية الممثلة في حزب الشعب الجمهوري (CHP).
وجاء اعتقال أوغلو بعد يوم واحد من إلغاء شهادته الجامعية رسميا (بسبب "الغياب" و"الخطأ الواضح" حسب تصريحات سلطات أنقرة)، وإعلان اتهامه بتزوير وثائق رسمية بناءً على تقرير مجلس التعليم العالي. وذلك بعد 24 ساعة فقط من إعلانه ترشحه لانتخابات الرئاسة عام 2028، وقبل أيام من المؤتمر المخطط له منذ فترة لحزب الشعب الجمهوري (CHP)، حيث كان من المقرر أن يحصل رسميًا على تأييد حزبه. وكما يُذكر أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت تقدم إمام أوغلو على الرئيس الحالي ورئيس حزب العدالة والتنمية ر.ت. أردوغان. علماً أن الترشح للرئاسة في تركيا يتطلب شهادة جامعية.  
    لقد استعملت سلطات أنقرة  القمع ضد المتظاهرين وفرضت الحظر على الاحتجاج وحجبت منصات التواصل (مثل تويتر وتيك توك) لتظهر توجهًا نحو إسكات الأصوات المعارضة، وهو نهج تعزز بعد الانتخابات المحلية 2023 التي خسرها الحزب الحاكم في إسطنبول وأنقرة.

وتأتي التطورات والصراعات  الاخيرة في أجواء جيوستراتيجية دولية  تلعب فيها سلطة أنقرة أدوارا محكومة بتقاطبات القوى الكبرى:
  - الناتو والغرب: تركيا عضو حاسم في الناتو، لكن علاقتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تشهد توترات مستمرة بسبب شراء أنظمة صواريخ روسية (S-400)، ودورها في سوريا، وقضية الأكراد. قد تدفع هذه التوترات بعض القوى الغربية إلى دعم معارضة "معتدلة" لخلق ضغط على أردوغان، لكن لا توجد أدلة مباشرة على تدخل في الأحداث الحالية.
   - الشرق الأوسط وروسيا: تحالف أنقرة مع موسكو في ملفات مثل سوريا وليبيا وأوكرانيا (كمركز لتصدير السلاح)، يجعلها لاعبًا غير مستقر في حسابات القوى العظمى. أي تحوُّل داخلي في تركيا قد يؤثر على هذه التحالفات، مما قد يدفع أطرافًا خارجية إلى محاولة التأثير غير المباشر عبر دعم فصائل سياسية أو اقتصادية.
  يتحدث بعض المختصين الاقتصاديين عن البرجوازية المهيمنة على السلطة، وهي برجوازية تتشكل من تحالفات بين رجال الأعمال المقربين من أردوغان (مثل اتحاد الغرف والبورصات التركية - TOBB) وقواعد السلطة، مما يضمن دعمًا اقتصاديًا للحكومة مقابل الامتيازات. وفي المقابل هناك برجوازية مندمجة في السوق الأوروبية والأمريكية، وتتشكل من قطاعات من الطبقة التركية العليا، والتي تدفع نحو سياسات تتناغم مع مصالح الغرب، مثل تحرير الاقتصاد أو تخفيف التوترات مع الناتو. هذا الانقسام قد يُستغل من قِبل قوى خارجية لتعزيز نفوذها.
لهذا يحتمل أن تسعى موسكو، في ظل الصراعات الجارية، إلى تعزيز تحالفها مع أردوغان عبر دعمه سياسيًا في المحافل الدولية (مثل الأمم المتحدة) مقابل ضمان استمرار التعاون العسكري والاقتصادي. في المقابل قد تدفع المصالح الأمريكية حكومة واشنطن لركوب الوضع لدفع حكومة أنقرة، أو لإيجاد شروط لصعود حكومة، تقترب من الحل الأمريكي لملف الأكراد وسوريا بالرغم من تحفظها عن مواجهة أردوغان مباشرة بسبب أهميته في الناتو.
لهذا لا يمكن فصل التطورات في تركيا عن السياق الجيوستراتيجي العالمي، لكن الصراع الحالي يبدو في جوهره صراعًا داخليًا على السلطة بين النخب الحاكمة والمعارضة، مع استغلال كل طرف لتحالفات خارجية لتعزيز موقفه. قد تكون "الأيادي الإمبريالية" موجودة كخلفية عبر شبكات المصالح، لكنها ليست المُحرك الرئيسي للأزمة، بل تُستدعى كورقة ضغط من الأطراف الداخلية نفسها.

2025/03/21




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق