(علاقتي بحمان الفطواكي الابن)
مناضلون مغاربة كثيرون يعرفون تفاصيل حياة العديد من الرموز عبر العالم، وخاصة الثوار منهم، مثل ماركس وانجلز ولينين وستالين وماو تسي تونغ وغيفارا وهوشي
منه وجياب والخطابي... إلخ. لكن أغلبهم يجهل تفاصيل تضحيات رموز مغاربة منسيين، ومن بينهم بالمناسبة الشهيد حمان الفطواكي (استشهد يوم 09 أبريل 1955)..
المناضلون يعرفون الكثير عن الشهداء بنبركة وزروال وسعيدة ورحال وكرينة وبلهواري والدريدي والتهاني وزبيدة وشباضة وايت الجيد وبوملي والكادري وبنعمار والمزياني..
لكن جلهم يجهل الكثير عن رموز وشهداء شعبنا لفترات تاريخية سابقة. ليس ذلك موقفا أو انحيازا/تمييزا، بل في كثير من الأحيان، سيرا على خطى التجارب السياسية السابقة.
وأغتنم الفرصة وأسجل أن العديد من التجارب السياسية السابقة لم تول الكثير من الاهتمام للتاريخ السياسي المغربي، لما قبل 1955/1956. علما أن هذه الفترة غنية بالدروس وكذلك فترة ما بعد 1955 وحتى 1970. فبدون معرفة دقيقة لهذه الفترات من تاريخ شعبنا، يصعب بلورة صيغ وآليات الانعتاق والتحرر من قبضة النظام القائم.
إن المناضلين مدعوون الى قراءة التاريخ القريب والبعيد لشعبنا وللشعوب الأخرى أيضا. ففي ذلك ما يؤهلهم لإبداع ملاحم المستقبل السعيد لشعبنا المغربي العظيم..
ومن خلال هذا القوس التاريخي، أتقاسم مع المناضلين الذين يهمهم الأمر، محطة استشهاد أحد رموز المقاومة المغربية، الشهيد حمان الفطواكي..
من هو الشهيد حمان الفطواكي؟
هو محمد بن ابريك بن ابراهيم المعروف بحمان الفطواكي، ولد سنة 1902 بمنطقة دمنات بناحية مراكش (منطقة فطواكة). شارك في عمليات فدائية كثيرة، منها رمي القنابل على الباشا التهامي الكلاوي وابن عرفة والجنرال كيوم (المقيم العام) واغتيال مندوب الحكومة الفرنسية المسمى موني ومحاولة اغتيال الجنرال رئيس الشؤون الحضرية بمراكش، كما كان مسؤولا عن ربط الاتصال بين خلايا المقاومة بمراكش والدار البيضاء .
أعتقل يوم 9 غشت 1954 وتم إعدامه بتاريخ 9 أبريل 1955 بالسجن الفلاحي العادر بإقليم الجديدة..
إنها نبذة بسيطة وسطحية.. لكن، من المفروض نضاليا أن تفتح شهية المناضلين للتعرف أكثر على الشهيد حمان الفطواكي وعلى تضحياته وعلى شهداء وتجارب أخرى ببلادنا العزيزة (ليس بالضرورة أن تكون هذه التجارب منسجمة حرفيا مع ما نريد).
لقد كان الحي الواحد وفي المدينة الواحدة يعرف أكثر من تجربة للمقاومة.. وعندما توحدت الروابط بين صفوف مختلف هذه التجارب، ولدت المقاومة الكبيرة التي هزمت المستعمر.. هزمت فرنسا، القوة العظمى حينذاك.. وهزمت اسبانيا من أنوال وما بعدها.. وهزمتهما معا بعد حين.. بعد الجريمة المعروفة بعملية "المكنسة" (Ecouvillon)..
ونحن بدورنا في حاجة الى توحيد روابطنا وتمثينها لتولد مقاومتنا الكبيرة.. فليس في مصلحة أي منا، كتجارب نضالية مشهودة، تصعيد أشكال العداء (المجاني) في وجه بعضنا البعض..
واستحضارا للتاريخ، أتوقف عند علاقتي بحمان الفطواكي، حمان الابن..
لقد شاءت الصدفة أن تحط أسرتي الرحال سنة 1972 بحي "عرصة الملاك" (بمدينة مراكش طبعا). وبنفس "الدرب" المراكشي كانت تقطن زوجة الشهيد حمان الفطواكي. كان ابن الشهيد يحمل نفس الاسم (حمان). لقد اعتقل الشهيد حمان وزوجته حامل.
كم لعبنا معا بنفس الحي وكم تابعنا بمنزلنا من مقابلات لكرة القدم بالتلفزة الواحدة.. وكم من مرة حملت على كتفي "وصلة" الخبز الى "فران" الحومة نزولا عند طلب زوجة الشهيد وأم الصديق حمان الفطواكي..
افترقت بنا السبل، رغما عنا.. وضاعت علاقتنا الاجتماعية والإنسانية.. لكن التاريخ يشهد أننا كنا أصدقاء.. وسيشهد أننا مخلصون لنفس القضية، قضية الشهيد حمان الفطواكي..
علمت فيما بعد بمعاناة أسرة الشهيد والصديق، خاصة إبان وبعد وفاة الزوجة/الأم..
إنه المصير المؤلم لعائلات الشهداء، منذ الخمسينات والى اليوم..
إنه الجحود وعدم الاعتراف..
إنها مسؤوليتنا اليوم وغدا، أيها الرفاق..
لنتذكر الشهداء.. ولنفضح أعداءهم/أعداءنا..
ليتذكر من عاهد الشهداء على أن يهتم بأبنائهم وعائلاتهم..
ليتذكر عبد السلام الجبلي (وغيره كثيرون) عهد الشهداء ومن بينهم الشهيد بركاتو..
لنتذكر المعتقلين السياسيين.. ولنفضح أعداءهم/أعداءنا..
لنتذكر المضربين عن الطعام.. ولنناضل من أجل نصرتهم ونصرة قضيتهم، تضامنا وانخراطا في معاركهم...
...
شارك هذا الموضوع على: ↓