2014/09/06

الحصانة تؤمن حق الطرد وتشريد العمال كما أمنت حق النهب لخيرات الشعب ، والنموذج من ضيعة حنصالة بتارودانت.


إن الطرد التعسفي للمكاتب النقابية عند تأسيسها بإحدى الشركات أو الضيعات الزراعية... هي الظاهرة شائعة والمتفشية جدا إن لم نقل أصبحت

هي القاعدة في تعاطي الباطرونا مع كل محاولات العمال للتنظيم النقابي للدفاع عن مطالبهم. في حين أن الطبقة العاملة قدمت تضحيات جسام على مر التاريخ من أجل تثبيت وتكريس حق التنظيم النقابي، ومع ذلك لازال  الانتهاك السافر لحقوق العمال في الانتماء النقابي،  من خلال الطرد للعمال النقابيين، دليل على أن معركة العمال ضد الباطرونا لن تصل نهايتها إلا بتحرر الطبقة العاملة من قبضة الرأسمالية.

ويسجل لجهة سوس ماسة درعة الصدارة والنصيب الأوفر  في الطرد وسط العمال الزراعيين المشكلون للأغلبية الساحقة في الطبقة العاملة بالجهة، كما ان القوى السياسية والقيادات النقابية تتهافت في هذه المناطق على هذه الفئة من السكان النشيطين وهي جادة في الإسهام عمليا في تدني الوعي السياسي والنقابي لديهم كعربون للوفاء والخدمة الأمينة للنظام، وهذه الأخيرة، أي البيروقراطية النقابية، تعمد، في نفس الآن، إلى استعمال العمال كورقة ضغط بغية تحقيق مصالحها الضيقة، غير مكترثة بمطالبهم، ولا  بالدور المنوط بها في تنظيمهم والرفع من وعيهم السياسي، كل هذا ينضاف إلى الوضع العام بالبلاد من سياسة التجهيل التي ينهجها النظام وصولا إلى خنق كل تململ نضالي. إنه الواقع الذي جعل الملاكين الكبار يطلقون العنان لجرائمهم المتواصلة في حق الطبقة العاملة بشكل عام.
وهنا نقف عند أحد الباطرونا الذي أصبح طرد النقابيين من الضيعات قاعدة ملازمة له، هو "علي قيوح" مالك الضيعيتين "حنصالة" و"كماريد كراب" بجماعة احمر الكلالشة قرب تارودانت. كيف لا يقوم بذلك وهو راكم الثروات الهائلة، وبتأمين من النظام، جراء الزحف على آلاف الهكتارات من أراضي "صوديا" و"صوجيتا" دون حسيب أو رقيب؟ كيف لا وهو المستفيد من الريع بحصوله على رخص الصيد في أعالي البحار ؟ كيف لا وصفته البرلمانية هو وابنه "عبد الصمد قيوح" وزير الصناعة التقليدية السابق توفر له الحصانة ليفعل ما يشاء ؟ كيف لا وكل "أعيان" المنطقة يعملون بالقول الشائع "ليما دار الفلوس مع آل قيوح عمرو ما يديرها"="من لم يربح مع آل قيوح، فلن يربح أبدا"...


إن حجم الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها في حق العمال لا تعد ولا تحصى، ونبدأ من وضعية العمال البئيسة الذين يعملون لساعات طوال مقابل أجور هزيلة لا تكفي لسد رمق العيش، أجور أدنى من الحد الأدنى المحدد رسميا في سلم الأجور ("السميك")!! وتشغيل مسنين يتجاوز عمرهم 70 سنة وهناك حالات تجاوزت 80 سنة، رغم أنهم عملوا عنده لأكثر من 30 سنة وهو ما يؤهلهم في "القانون" للحصول على تقاعد "محترم"، إلا أنه يرى عكس ذلك، فهو يحرم الجميع من "الضمان الاجتماعي" والتعويض عن المرض والتعويضات العائلية، كما أن العطلة لا وجود لها عنده، ناهيك عن غياب شروط السلامة أثناء العمل خاصة مع استعمال المبيدات الكيماوية السامة،...
أمام هذا الوضع الكارثي أسس العمال مكتبا نقابيا تحت لواء (ك.د.ش) سنة 2013، ليقوم هذا الباطرون الجشع مباشرة بطرد عاملين نقابين، الشيء الذي أشعل فتيل الاحتجاجات، وكانت البداية بتنظيم عدة وقفات أمام باب الضيعة، وكذا أمام العمالة ومفتشية الشغل بتارودانت والغرفة الفلاحية بأكادير، اضافة إلى اضرابات متفرقة عن العمل،... واستمرت المعارك بنفس الوثيرة إلى بداية السنة الجارية 2014، وفي شهر فبراير حمل العمال الشارات لمدة أسبوع كشكل من أشكال الاحتجاج... وفي خضم هذا التصعيد النضالي نهجت الباطرونا سياسة التماطل والتسويف، مع مواصلة التآمر على نضالات العمال إلى حد ارسال رسالة إلى "قائد" المنطقة من طرف صاحب الضيعتين يناشده فيها برفض طلب العمال بتأسيس مكتب نقابي!!! ربما تبدوا لنا هاته الرسالة "غريبة"، غير أنها تمثل الحالة العامة التي تجري من خلف الستار،...
في بداية مارس كانت آخر الأشكال النضالية التي يخوضها العمال تحت لواء (ك.د.ش)، حيث اختفت نشاطات المكتب بشكل مفاجئ، دون اصدار أي بلاغ أو بيان أو توضيح بخصوص ذلك، كما جرت العادة بعدما كان مكتب الفرع يقوم بتنظيم اجتماعات تقييمية للمعركة باستمرار. إنه الأمر الذي ترك علامات استفهام، ورائحة التواطؤ من القيادات البيروقراطية تفوح من ذلك.








 
لكن توقف المعركة لا يعني انتهائها، فما دام هناك استغلال واضطهاد للعمال، إلا وستكون معارك بالمقابل، وهاته المرة قرر العمال الانضواء تحت لواء (إ.م.ش)، وقد سبق ذلك التزام الباطرون بعدة وعود من أجل تحسين وضعية العمال بالضيعتين، لكن سيفاجؤون بتنفيذ عكس ذلك، حيث تم التراجع عن كل الوعود المقدمة، وفي بداية شهر غشت طرد 23 عاملا لا لشيء سوى أنهم اختاروا الانخراط في النقابة، ليتم الرمي بهم إلى الشارع، ومن بين العمال المطرودين من تجاوز سن 70 سنة مع أقدمية أكثر من 30 سنة من العمل عند "قيوح"، كيف يعقل أن يخرج هذا العامل خاوي الوفاض بعد كل تلك السنوات من العذاب التي قضاها ما بين سياج الضيعات؟؟ إنه لا يختلف عن الحكم بالإعدام إلا في الشكل، والأكثر من ذلك تم منعهم من طرف حراس خاصين من الولوج إلى الضيعة، ناهيك عن السب والشتم والتهديد والوعيد وصولا للضرب من طرف أحد "مسؤولي" الضيعتين دون أن تحرك الادارة الساكن، ليبدأ شوط آخر من معركة العمال، معركة ارجاع المطرودين، وقد خاض العمال منذ تلك اللحظة عدة وقفات أمام باب الضيعة وأمام مقر النقابة السالفة الذكر، وكذا تجسيد اضراب عام عن العمل، وصولا لأشكال النضالية خاضها العمال هذا الأسبوع والتي تتجلى في اعتصام لمدة ثلاثة أيام انطلق يوم الثلاثاء 2 شتنبر، لكن ولحدود اللحظة ما من مجيب عن مطالبهم، لتستمر المعاناة اليومية، وما يزيد من ذلك أن الدخول المدرسي على الأبواب والعمال لا يملكون حتى لقمة العيش فكيف لهم توفير لوازم الدراسة لأبنائهم، ليكون قرار الطرد هذا هو تشريد لعائلات بأكملها والحكم على أجيال صاعدة بالضياع، اضافة ان "عيد الأضحى" تفصلنا عنه أقل من شهر، وهو الشيء الذي يزيد من آلامهم...



وفي الأخير ندعوا كل المناضلين للمساهمة في دعم معركة العمال المطرودين بكل امكاناتهم...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق