2014/08/13

شذرات على هامش نبأ الشهادة.

شذرات على هامش نبأ الشهادة.

الأربعاء 13 غشت 2014.
 1- لم تكن انتفاضة الشليحات (الواقعة مابين العرائش والقصر الكبير) قد وضعت أوزارها، حين تعرفت على الشهيد مصطفى مزياني. كان قد جاء بمعية
الرفاق للمشاركة في القافلة التضامنية مع
السكان المنتفضين حينذاك ضد واقع التهميش والبطالة وضد واقع استغلال أرض هي من حقهم من طرف رأسمالي جشع، وفر له النظام كل مايحتاجه من تسهيلات لتزيد المعاناة بين آباء يئن أبناؤهم وأحفادهم من وطأة الأمراض الجلدية والحشرات الفتاكة وبين أمهات لم تجدن من بد من إرسال بناتهن للعمل في معامل طنجة (وربما أشياء أخرى). جاء مزياني ليس للتضامن المبدئي وحسب، بل لتجسيد الموقف وللتأكيد على ضرورة التشبث بالأرض بما هو تأكيد على طرح المقاومة، مقاومة الطفيليات السياسية التي تقتات على آهات الشعب، مقاومة الاستغلال الرأسمالي، مقاومة النظام، لقطع دابر التبعية والعمالة والوساطة التي ترهن خيرات شعبنا البطل لأطماع الامبريالية. هذه هي التربة التي ينمو فيها عود مزياني ورفاق دربه، تربة المقاومة.
 2- أمام مكتبتي المتواضعة، وقف مصطفى يتأمل، وعيني على عينيه، في ترقب ساخر، للكتاب الذي سيقع عليه ويظفر به ويغنمه. أخبرته أن أغلب الكتب التي أمامه قد اقتنيتها من القلعة الحمراء التي حصنها الرفاق، حيث كل المتون مفروشة على طول ساحة الشرف، أخبرته أنني اقتنيها بالثمن الزهيد الذي فرضه الرفاق، خلال الأيام التي ينظمها الرفاق، ويحج إليها من كل حدب وصوب جل الرفاق، أخبرته بكل ذلك... فأدى به عشقه ونظره لرواية "وليمة لأعشاب البحر". أردت فقط أن أراه لأسأله إن كان لا يزال يحتفظ بها، فبعد ذلك اليوم توالت الهجمات وضربات الغدر والإخلاءات والاقتحامات والاعتصامات بتوالي النضالات البطولية في القلعة الحمراء، هل يا تراه قد احتفظ بها؟ أظن ذلك.
 3- وأنت في خضم صوم الموت، بما كنت تحس يا رفيق؟ ما طبيعة اللحظة الفارقة التي أخرجتك من الحياة إلى الموت ومن الموت إلى الخلود؟ هل كانت حركة أم سكونا؟ سما زعافا أم ترياقا بارئا؟ قل لنا فلم تخبرنا سعيدة ولم ينبئنا مولاي بوبكر ولا مصطفى ولا عبد الحق، رحلوا مثلك وتركوا لنا الدروس والعبر ومعادلة من الدرجة العليا بلا أي مجهول: صوم الموت، أم البطولات.
 4- أرى أنك الآن ترعب أعداءك حتى بعد الشهادة، أراهم جيدا. فلن يستطيعوا الآن طرح تساؤلاتهم المشبوهة المعتادة كلما خاض الأبطال معاركهم البطولية، لن يجتهدوا في احتساب نسبة المياه المتبقية في الجسم على مدة الصوم، لقد رآك الكل مكبلا بالأصفاد والأجهزة ولم يكن هناك من يضمن لك وضعا "مريحا" أثناء ولادتك البطيئة. ماذا سيخترعون الآن من أكاذيب؟ لقد فقأت أعين الجميع لا نامت أعين الجبناء.
 5- سمعت منذ مدة كلاما غير لائق بمثلك، في تصريحات الداخلية وفي التعليمات "السامية" وفي نشرة الأخبار وبكاء التماسيح ولدى "التجمع الوطني الديمقراطي لنبذ العنف" وفي لمز المتآمرين على تاريخ الشهداء، ففهمت أنك والرفاق منتصرون بقوة، فمثل هذا الهجوم الشرس والعلني لا يكون مقابلا سوى للنصر تلو النصر. وأغتنم الفرصة لأتساءل: هل يمكن في الإمكان أن يخوض "مجرم" معركة الأمعاء الخاوية حد الشهادة؟ هل يعرف هؤلاء ما معنى الموت؟ ما معنى صوم الموت؟
 6- إنهم لا يفهمون: حتى لو قتلوا كل الرفاق سننتصر، حتى ولو هدموا مأوى الطلاب سنناضل ونبيت في العراء، حتى ولو اعتقل كل المناضلين الأشاوس ستستمر الحركة، فنور الحرية يضيئ دربنا أما مصدره فهو الشعب، وحتى لو قتلوا الرجال والنساء وحتى لو اقتلعوا الأرحام وحتى لو منعوا عن التربة السماد، ففي خضم القتل سيحدث الانفلات الذي يخشونه وسيولد مليون مصطفى مزياني.

 7- مزياني مات... مزياني عاش.



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة