خلال
شهر دجنبر 2008
عرف
المغرب موجة احتجاجات عارمة خرجت خلالها
الجماهير الشعبية وخصوصا الحركة الطلابية
للتضامن مع الشعب الفلسطيني إبان المجزرة
الصهيونية في قطاع غزة والتي خلفت الآلاف
من الشهداء والجرحى ودمار البنيات التحتية.
لم
تكن الجماهير الشعبية لتبقى صامتة أمام
المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني
الغاشم في حق الشعب الفلسطيني، في ظل
التواطؤ المكشوف للأنظمة الرجعية بالمنطقة
ومن ضمنها النظام القائم بالمغرب، هذا
الأخير ساهم عبر عدة محطات بالقسط الكبير
في دعم الكيان الصهيوني لترسيخ وتعميق
معاناة الفلسطينيين من جراء الاحتلال.
المظاهرات
الجماهيرية التضامنية مع الشعب الفلسطيني
لم تكن لتمر بــ"سلام"
ما
عدا تلك التي دعا وخطط لها النظام، بشكل
مباشر أو غير مباشر، والتي كان الهدف منها
امتصاص الغضب الشعبي المتزايد على المجازر
الصهيونية والصمت المخزي للأنظمة الرجعية
(هذا
إذا استثنيا بيانات التنديد الفارغة
والمطالبة بضبط النفس والعودة للمفاوضات
السياسية).
لكن
الحركة الطلابية على الخصوص شكلت الاستثناء،
كما عودتنا تاريخيا، إذ رفعت خلال المظاهرات
شعارات ثورية ضد النظام القائم بالمغرب
على اعتباره أحد أكبر عملاء وشركاء
الامبريالية والصهيونية في اغتصاب الأرض
الفلسطينية.
وقد
عرفت معظم المسيرات التضامنية مع الشعب
الفلسطيني بالجامعات المغربية تدخلات
قمعية كان أشدها ما عرفته جامعة فاس وجامعة
القاضي عياض بمراكش.
ففي
يوم 28
دجنبر
2008،
بالموازاة مع مجازر الكيان الصهيوني في
حق الفلسطينيين، أقدمت قوى القمع للنظام
القائم بالمغرب على التدخل بهمجية في حق
تظاهرة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب
بجامعة القاضي عياض بمراكش خرجت للتضامن
مع الشعب الفلسطيني، وهو ما خلف عشرات
المعتقلين والعديد من الإصابات الخطيرة
كانت حالة الشهيد عبد الرزاق الكاديري
أخطرها، بعدما انفردت به مجموعة من عناصر
القمع وانهالوا عليه بالضرب في كل أنحاء
جسمه ورأسه على الخصوص بواسطة الهراوات.
وقد
نقل الشهيد إلى مستشفى ابن طفيل لتلقي
العلاجات، لكن التدخلات الطبية لم تنفع
خصوصا أنه أصيب بنزيف داخلي في الرأس من
شدة الضرب بالهراوات.
على
الساعة الرابعة صباحا من يوم الإثنين 29
دجنبر
2008
أعلن
نبأ استشهاد الرفيق عبد الرزاق الكاديري
ليلتحق بموكب شهداء الشعب المغربي الذين
امتزجت دماؤهم بدماء الشعب الفلطسيني
بعدما أريقت من طرف عدوين مشتركين، النظام
القائم والكيان الصهيوني، كالشهيد محمد
كرينة الذي استشهد يوم 24
أبريل
1979
بعدما
رفضت المحكمة الرجعية عرضه على الطبيب
بعدما نال أشواطا من التعذيب الوحشي الذي
مارسته عليه الأجهزة القمعية أثناء
اعتقاله يوم 17
أبريل
1979
من
داخل ثانوية الخوارزمي بالدار البيضاء
ردا منها على تخليد الحركة التلاميذية
لذكرى يوم الأرض، والشهيدين زبيدة خليفة
وعادل الأجراوي الذين اغتالهما النظام
القائم بالرصاص الحي يوم 20
يناير
1988
بجامعة
ظهر المهراز بفاس أثناء مسيرات التضامن
مع الانتفاضة الأولى لأطفال الحجارة..
وليتجدد
العهد من جديد، عهد الوفاء للقضية
الفلسطينية، كقضية وطنية، عهد الشهداء
الذين قضوا على أيدي النظام القائم وهم
يناصرون الشعب الفلسطيني، متشبثين بخيار
إسقاط النظام العميل للصهيونية والامبريالية
كأفضل سبيل لدعم الشعب الفلسطيني في كفاحه
من أجل تحرير الأرض المغتصبة.
كما
لا ننسى العديد من الشهداء الذين استشهدوا
بالأراضي الفلسطينية بعدما شدوا الرحال
من المغرب إلى الأراضي المحتلة وحملوا
البندقية إلى جانب المقاومة الفلسطينية...
لماذا
اغتال النظام القائم بالمغرب هؤلاء
الشهداء وقمع التظاهرات المتضامنة مع
الشعب الفلسطيني؟
إن
طرح السؤال الآن ليس اعتباطا، بل له
راهنيته، فبالإضافة إلى الوقائع التاريخية
التي تثبت تورط النظام والقصر على الخصوص
في الدعم القوي للكيان الصهيوني على
احتضان المغرب لقمة الرباط (26/10/74)
التي
شكلت الأساس والبنيان لاتفاقية "كامب
ديفيد"
المشؤومة
ومسارعة النظام في شخص الحسن الثاني إلى
الوساطة في المباحثات السرية بين الخائن
أنور السادات والقادة الصهاينة تمهيدا
لاتفاقية "السلام"
("كامب
ديفيد")…
وبالإضافة
إلى الموقف المخزي من القضية الفلسطينية
والتطبيل لـ"حل
الدولتين"…
فإن
حجم التبادل التجاري غير المتكافئ
والعلاقات الاقتصادية بين المغرب والكيان
الصهيوني وحجم الاستثمارات الأجنبية
للشركات ذات رؤوس أموال صهيونية والتي
تذهب عائداتها وأرباحها إلى خزانة الكيان
الصهيوني لـ"مساعدته"
في
قتل الشعب الفلسطيني وتشديد الخناق
الاقتصادي عليه… دفعت وتدفع النظام
القائم إلى تجنيد كل قواه لمواجهة كل ما
من شأنه المساس بهذه المصالح الحيوية،
خصوصا إذا ما استحضرنا أن حجم العلاقات
الاقتصادية والتبادل التجاري ارتفع بشكل
صاروخي خلال السنوات الأخيرة إذ وصل حجم
المبادلات التجارية 53,7
مليون
دولار خلال سنة 2013
(نسبة
الارتفاع وصلت إلى 130
في
المائة بالمقارنة مع سنة 2012
حسب
تقرير رسمي للكيان الصهيوني بخصوص مبادلاته
التجارية مع الدول الافريقية والتي احتل
المغرب في لائحتها الرتبة السابعة).
ويجب
التذكير هنا بوجود شركات أجنبية على أرض
المغرب في عدة مدن صناعية، تستغل اليد
العاملة المغربية بأبخس الأثمان، تشتغل
في عدة مجالات ومتخصصة بشكل أساسي في
إعداد المنتجات للتصدير إلى الأراضي
الفلسطينية المحتلة، ومن بين ما تنتجه
قطع الغيار للسيارات والمدرعات والطائرات
ويتم تصديرها بشكل مباشر عبر البحر الأبيض
المتوسط في اتجاه "اسرائيل"…
عمل
هذه الشركات بالمغرب محاط بالسرية التامة،
وحتى العاملين بها يمنع عليهم منعا باتا
الحديث عما يدور من داخل المعامل المخصصة
لذلك، وحتى وإن تحدث أحدهم فهو يتكلم بحذر
تام وبصوت منخفض مخافة أن يسمعه أحدهم
وتصبح حياته في خطر…
وما
تم ذكره أعلاه لا يشكل إلا الشجرة التي
تخفي غابة تآمر وعمالة النظام القائم
للكيان الصهيوني، وبالتالي فإن الوصول
إلى الحقيقة كاملة لا يمكن أن يكون إلا
عن طريق الاطلاع على الوثائق السرية
لاتفاقيات "الشراكة"
المحفوظة
بدقة في أرشيف الوزارات والمؤسسات المتورطة
بشكل مباشر في تقوية الجانب الاقتصادي
والعسكري للكيان الصهيوني في حربه على
الشعب الفلسطيني… ولن يتأتى ذلك، أي
الاطلاع على تلك الوثائق والاتفاقيات
السرية، إلا عن طريق إسقاط النظام القائم
والسيطرة على تلك المؤسسات عبر ثورة وطنية
ديمقراطية شعبية وكشف تلك الخيانات العظمى
في حق الشعوب التواقة للتحرر والانعتاق
اقتداء بما فعله البلاشفة عندما كشفوا،
بعد نجاح ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى،
عن الاتفاقيات السرية لروسيا القيصرية
خصوصا وثيقة وعد بلفور المشؤوم، وسيعتبر
ذلك أكبر خدمة للقضية الفلسطينية وأكبر
جزاء وتكريم للشهداء المغاربة، شهداء
القضية الفلسطينية، قضيتنا الوطنية،
الذين سقطوا بالرصاص الحي وتحت هراوات
النظام الرجعي..
المجد
للشهيد عبد الرزاق الكاديري في ذكرى
استشهاده
المجد
لكافة الشهداء..
فليسقط
التحالف الامبريالي الصهيوني الرجعي
31
دجنبر
2014
شارك هذا الموضوع على: ↓