شكلت حركة 20 فبراير، منذ انطلاقتها سنة 2011، عنوانا آخرا لرفض الشعب المغربي لواقع القهر وللاستغلال اللذين يرزح تحت نيرهما، سواء إبان الاستعمار
المباشر عبر المقاومة المسلحة وجيش التحرير، أو ما بعد الاستقلال الشكلي، معبرا عن ذلك من خلال الانتفاضات المجيدة التي فجرها الشعب المغربي طيلة العقود الستة الماضية، وصولا لانتفاضة 20 فبراير المجيدة، وأيضا سقوط رموز النظامين التونسي والمصري (زين العابدين بنعلي، وحسني مبارك)، وهو ما شكل دافعا قويا وحافزا على مقدرة الشعوب على نيل حريتها، وفتح آفاقها نحو انعتاقها والعيش بكرامة ضدا على الأنظمة الديكتاتورية التي ترزح تحت نيرها كل شعوب المنطقة. ومن أجل كل هذا، نهض الشعب المغربي عبر ربوع وطننا الجريح مطالبا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، مقدما في سبيل ذلك تضحيات جسام، شهداء ومعتقلين.. وفي هذا السياق، انخرطت ساكنة أكادير الكبير وجماهيرها الشعبية في هذه الدينامية النضالية رافعة التحدي في وجه هذا النظام الديكتاتوري خادم أسياده الامبرياليين، ضدا على مطامح ومصالح هذا الشعب الأبي. ولذلك ومن موقع المسؤولية النضالية، ومن أجل كشف مواطن الضعف وأسباب خفوت النضالات المؤطرة من طرف حركة 20 فبراير، سأتطرق إلى ما آلت إليه الحركة من بدايتها بمنطقة أكادير الكبير (أكادير، انزكان، آيت ملول) ثم اشتوكة آيت بها.
1-
عرفت
منطقة أكادير – انزكان – آيت ملول كبقية
مناطق المغرب، دينامية نضالية شاركت فيها الجماهير الشعبية بكل فئاتها، وخاصة الشبابية
منها. وحيث أنحنى النظام القائم في أفق أن تمر العاصفة، وكذلك من أجل ترتيب أوراقه،
فإننا لا يسعنا إلا أن نقول إن الخروج كل نهاية أسبوع أصبح عادة، كسر من خلاله الخوف،
لكن ما أن هيأ النظام أموره الداخلية، وتعيين المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تعيين اليزمي
والصبار على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حوارات مع الأحزاب والنقابات، تم خطاب
9 مارس، كما لا ننسى صدور العفو على مجموعة من المعتقلين، وانتهاء باتفاق 26 أبريل،
تم مآلات الشعارات، حتى بدأت تظهر بوادر الانشقاقات ثم الصراعات بين مناضلي حركة
20 فبراير، بدء من الشعارات المرفوعة، ثم تخلي البعض عن الحضور تارة بدعوى حضور جماعة
العدل والإحسان، وتارة بدعوى الترتيب والانكفاء على بناء الذات، لكن واقع الحال يقول
عدم القدرة على الانخراط المسؤول في نضالات الشعب المغربي. والهجوم الشوفيني على طلبة
الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، أدى إلى استفراد جماعة العدل والإحسان بحساباتها السياسية
والتفاوضية، وذيلية التنظيمات المحسوبة على اليسار لهذه الأخيرة، بشعار "التحالف
مع الشيطان !!" أدى إلى خفوت الحركة بعدم القدرة على الانخراط في صفوف الجماهير
الشعبية رغم الحديث ولوك الألسن عن ضرورة الالتحام مع الطبقة العاملة بالمناطق الصناعية
(الحي الصناعي انزكان- آيت ملول). ولإيجاد مخرج لهذه المعضلة الذاتية الضيقة الأفق
والقصيرة النفس، ثم اللجوء إلى تشكيل لجان محلية (لجنة الحريات العامة ومناهضة الاعتقال
السياسي، لجان التضامن على مختلف أشكالها بعد كل قمع للعمال والجماهير الشعبية)، إن
الانزواء في المقرات مع الحفاظ على التمثيلية السياسية للإطارات رغم عدائها الواضح
والعملي لكل تحرك جماهيري تحت عنوان 20 فبراير، مما أضعف هذه الأخيرة وأبان عن عدم
قدرة المتدبدبين على قيادتها.
2-
اشتوكة
آيت باها، تحضرني بقوة المسيرة الشعبية غير المسبوقة يوم 26 يناير 2014، والتي التحمت
مع الجماهير الشعبية والعمال الزراعيين، لتبيان أن التنظيمات السياسية والإطارات الجماهيرية
بالمنطقة لم ولا تستطيع قيادة نضالات الشعب المغربي، ذلك أنها حاولت محاصرة هذا المد
البشري والحيلولة دون الانطلاقة من أجل الدفاع عن مطالب العمال الزراعيين المضطهدين.
وبما أن أجهزة النظام لم تستطع هي الأخرى الوقوف في وجه الجماهير الشعبية حيث بقيت
تراقب عن بعد تطورات المسيرة العمالية الفبرايرية، فإن الإطارات السياسية ومناضليها
اكتفوا بالحضور وغابت الفعالية القيادية التي تميزوا بها في الوقفات والمسيرات بمدينة
بيوكرى. ولا يفوتني التفكير بانبهارهم واعترافهم بقوة المسيرة وتاريخيتها إعلاميا،
لكن انتقدوها بشدة في الاجتماعات المغلقة المخصصة للتقييم. إن تنسيقية الحركة بإقليم
اشتوكة آيت باها، أو حتى ما يسمى مجلس الدعم للحركة يعني حكرا على بعض مناضلي الإطارات
السياسية ولم يسع الانفتاح على الجماهير الشعبية إلا من خلال مقدرتهم على ترويض كل
الأشكال الاحتجاجية. أما تلك العابرة لكل أفق ضيق فقد تمت محاصرتها والتبرؤ منها.
خلاصة:
إن الإطارات السياسية اليسارية التي تتبنى إعلاميا حركة 20 فبراير لم ولا تستطيع قيادة
هذا الحراك المجتمعي، بل حاولت وتحاول كبح كل دينامية متفجرة من نضالات الجماهير الشعبية
المغربية.
شارك هذا الموضوع على: ↓