2015/02/20

البديل الجذري// ذكرى 20 فبراير والأسئلة الحارقة..

في مرحلة دقيقة وحساسة سمتها الأزمة العميقة والدائمة للرأسمالية العالمية وانسداد أفقها التاريخي، وفشل نماذجها الديموقراطية التي لا
تقوم سوى على الاستغلال والقمع الدموي والحروب والهمجية وتدمير البيئة وعلى المصالح الأنانية للرأسمال (باسم الديموقراطية وحقوق الإنسان..) في تقديم بدائل للمجتمعات الإنسانية، اندلعت عواصف الصراع بالمنطقة المغاربية والعربية، بملاحم شعوبها، رفضا وضدا على الظلم والاستغلال والنهب والاضطهاد فداء للشهداء، وفي مقدمتهم الشهيد البوعزيزي ومن أجل مواصلة معركة الانعتاق والخلاص من قبضة الأنظمة الرجعية اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية بشعارها الخالد والتاريخي "الشعب يريد إسقاط النظام"، كجواب على الأسئلة الحارقة للمرحلة الراهنة، وإطار لرص صفوف الجماهير الشعبية المضطهدة وعلى رأسها الطبقة العاملة في معركة الخلاص من واقع الذل المستفحل. إنه الشعار الخالد الذي استلهمته الشعوب في المنطقة عموما، وإن بشكل صريح في بعض التجارب، وفي تجارب أخرى ظل حاضرا بشكل ضمني، إنه الشعار الذي أشعل لهيب الانتفاضات أو "الثورات المسروقة" التي أرغمت رؤوسا ديكتاتورية عميلة للامبريالية على الفرار وأخرى للتنحي وأخرى للانحناء أكثر. أما الامبريالية المورطة في جميع المؤامرات وذات الأيادي القذرة الملوثة بدماء كافة الشعوب المقهورة فقد مارست كافة أشكال الدعم السرية والعلنية للأطراف العميلة لها، مدعية مراقبة الوضع تحت يافطة التعاطف مع خيارات الشعوب، كتكتيك لإعادة ترتيب الأوراق وتهيئ الألغام والمخططات المدمرة التي سماها الإعلام المخدوم والمأجور والموجه ب"الربيع العربي". وقد تم تسريع وتيرة تدمير المنطقة وتأجيج الحروب الدموية بها بعد أن تبين للامبريالية أن مصيرا أسوأ يقترب من مصالحها، وجذور الثمار المنهوبة تتزحزح تحت تربة المنطقة، وتنذر بإمكانية تفاقم الصراع الطبقي في بلدان الرأسمالية الإمبريالية، في ظل فقدان البقع التي تصرف على كاهل شعوبها أزمات مؤسساتها المالية والاقتصادية وشركاتها العملاقة، والتي توفر من خلال نهب خيراتها الفتات لشراء واحتضان العملاء والنقابات والأحزاب والصحافة والمثقفين والفنانين.. و"استقرار" الطبقة الوسطى..


في هذا السياق التاريخي اندلعت انتفاضة 20 فبراير 2011 بالمغرب وعلى رأسها حركة شبابية شعبية، أخذت اسم "حركة 20 فبراير"، طموحة لتغيير الأوضاع كاستمرار للتاريخ الكفاحي لشعبنا، تاريخ المقاومة المسلحة وجيش التحرير والانتفاضات الشعبية المجيدة وكل المحاولات السياسية التي انبثقت لتمثل روح المرحلة وتعبر عنها وتقودها لإزاحة نظام القمع والظلم والنهب والاستغلال والاضطهاد. ولثاني مرة، في مرحلة الاستعمار غير المباشر، بعد انتفاضة يناير 1984 شملت الانتفاضة الشعبية عموم المدن والقرى الكبيرة والصغيرة في المغرب، بحيث كانت استجابة الجماهير لدعوة الخروج والانتفاض في ما قارب تسعين نقطة (من بين المدن والقرى الصغيرة والكبيرة)، في تحد واضح بالأجساد العارية وبروح الصمود والمقاومة لكل الألغام المزروعة من النظام وعملائه للحيلولة دون ذلك. وقد عجزت الأجهزة القمعية عن تأدية أدوارها كالمعتاد، ولم تنفع سموم إعلامه ولا استعراض الترسانة المتأهبة والموجهة في عرض إرهابي خطير في الحيلولة دون خروج الجماهير الشعبية الى الشارع لتروي بدمائها الزكية ربيع المقاومة والتضحية وبدرة الحركة الشعبية الجنينية وتلحق لائحة شهدائه بتاريخ الخلود كرمز لبطولات شعبنا. وكالعادة خان من ألف الخيانة من الخطوة الأولى، وعقدت صفقات، فيها من كان على الأوراق وفيها من كان تحت الطاولة، وتسلل من تمرنوا على النسف من الداخل، والتقى أقصى اليمين مع أقصى "اليسار" على أرضية الغموض والضبابية بهدف توجيه الحركة من الخلف، وحازت القيادات النقابات البيروقراطية (المافيوزية) على نصيبها من الثروة المنهوبة لتحييد الطبقة العاملة عن المسار، وانحنى من انحنى وانسحب من انسحب، واستشهد الأبطال في الميادين وسط الشعب المنتفض، وكان المناضلون الصادقون عرضة للمطاردات والاعتقالات والمضايقات والوشايات.. وكانت الضربات الموجعة والقاتلة لحركة مناضلة جنينية تفتقر للتجانس والتجربة من الداخل والخارج ومن الخلف وفي كل مكان.. وكان المتربصون من الخلف بمعداتهم اللوجيستيكية والسياسية، يديرون صفقات المساومة والبيع والشراء لتظل الحركة في دائرة مغلقة وبدون أفق، غير ما أريد لها من طرف دهاقنة التآمر والتخاذل. هذا ولازال النظام وأحزابه وإعلامه متربصون، بل مستثمرون لهذا الذي لازال موجودا من 20 فبراير لكي يتخلصوا منها بشكل نهائي، وبالتالي القضاء على الحركة بأكملها وجعل تاريخها مجرد ذكرى للمناضلين. بل يعمل النظام بشكل منظم وممنهج لجعل الحركة ومطالبها هي جزء من إعادة بناء ذاته، وذلك بتسويق الوهم للرأي العام بأنه قد استجاب لمطالب الحركة مع ما سمي ب"الدستور الجديد" و"الحكومة الجديدة".. وبالتالي فكل محاولة للاستمرارية يفرض بالنسبة للنظام إعلان الحرب ضدها.. إنه عنوان هذه المرحلة الصعبة، والتي تتسم بالحظر العام والقمع الشرس لكل نضالات الشعب المغربي بالموازاة مع التضييق والترهيب والاعتقالات والاغتيالات..، وتحويل شعبنا الى رهائن لعصابات الجنرالات والأجهزة القمعية الدموية للداخلية والمخابرات، مع الهجوم على كل المكتسبات بما فيها تلك المنتزعة قبل ميلاد الحركة..
إن حركة 20 فبراير أصبحت تعيش جزرا عاما، إن لم نقل غيابا تاما مع بعض الاستثناءات والمحاولات هنا وهناك، لكنها تبقى غير ذات تأثير حقيقي في تجاوز هذا الواقع واستكمال المسار كمسار تحرر الشعب المغربي من الاضطهاد والاستغلال الطبقيين ومن التبعية المطلقة المفروضة من طرف نظام بني وتأسس على أنقاض قتل المشروع الوطني التحرري وتصفية أبطاله. وهذه الصورة يمكن أن نقرأها على أكثر من مستوى، نضاليا تنظيميا وسياسيا. إن الوقوف عند هذه الوضعية هو من باب التبني السياسي والنضالي للحركة ولأهدافها الثورية. فحركة 20 فبراير هي أكبر بكثير من أن نقرأ واقعها من خلال ما تبقى منها، بالرغم مما يكتسيه هذا العامل من كشف بعض جوانبها، ولكن لا يصل إلى مستوى تحديد واقعها وآفاقها بمعنى البحث في واقعها الحالي انطلاقا من البحث في ماهية المرحلة وفي المهمات المطروحة وبالتالي عن الأجوبة التي تنسجم مع طبيعة المرحلة والعمل بالمهمات الضرورية وإنتاج الآليات الضرورية لذلك. فإذا توقفنا عند المفارقة القائمة بين الاستجابة للدعوات مع انطلاقة الشرارة الأولى وبين واقع اللحظة، وكم تبقى منها، لا يمكن، بل من المستحيل إعادة الروح للحركة بالاعتماد على هذا الواقع، لأن تأثيره سيظل محدودا، وسيتلاشى مع حجم التحديات والمهمات المطروحة. وإن انطلقنا من محاولة فهم واقع الحركة انطلاقا من أشكال حضورها الميداني، ارتباطها بقضية الشعب المغربي ونضالاته، الإجهاز على المكتسبات، تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، قضية الاعتقال السياسي، قضية الشهداء...، سنصل إلى خلاصة أنه لا مجال للمقارنة بين وضعها السابق والوضع الحالي الذي توجد عليه، هذا دون أن ننسى بأن العدو وحلفاءه يتربصون بها لسحقها أو على الأقل التحكم فيها من خلال أزلامهم المتسترين والمفضوحين لتحويلها إلى بوق للدعاية ويد لضرب نضالات شعبنا، لأن شعبنا هو العدو الأول والحقيقي للنظام وكل أعداء الشعب بصيغة أو بأخرى هم أصدقاء وحلفاء للنظام.
وفي هذا السياق ندرج أحد الأسئلة الحارقة: ماذا تبقى من حركة 20 فبراير؟ سؤال تتناوله الألسن سواء في العلن أو في السر، سواء بطريقة مباشرة كما هو مصاغ الآن، أو بطريقة إيحائية وغير مباشرة، كأن نصوغه بالشكل التالي: "واقع الحركة وآفاقها". إنه سؤال بسيط في شكله ولكنه يحمل في طياته إجابة عن أسئلة أو إن صح القول مدخلا للإجابة عن أسئلة معقدة، ليست خاصة بحركة 20 فبراير وفقط، بل بمجمل واقع الصراع الطبقي الجاري، وفي كافة حقوله، وهو سؤال مستفز للجميع للانطلاق. والإجابة عنه ضرورة ملحة بعيدا عن التناول السطحي الذي يمكن أن يضر بالحركة أكثر مما يفيدها، تحديدا في الوقت الحالي. والتناول السطحي يتخذ شكلين أساسيين، كأن نظل مشدودين للوضع الذي كانت فيه الحركة سابقا، أي لحظة نشأتها، وكذلك أهم مراحل تطورها دون القدرة على تناولها في الوضع الذي توجد عليه اليوم، وهذه المقاربة تسقط في النزعة الذاتية، والتي تقوم على اعتبار أن النجاح أو الفشل يعودان إلى المعطى الذاتي، أي مجهودات الأفراد والجماعات والتنظيمات دون الإجابة على السؤال الذي يطرح أيضا في هذا الصدد، وهو لماذا أو ما هي السياقات التي أنتجت أو ساهمت في إبراز هذه الظاهرة بهذه الصيغة حتى أصبح البعض يعتقد أن الحركة هي نتاج هذه المجهودات لا أقل ولا أكثر؟ إن العامل الذاتي محدد بطريقة استيعابه وفهمه للسياق العام الموضوعي وبكيفية الدفع بالصراع لتحقيق الأهداف التي يحملها التاريخ إلى واجهة العمل وليس بنفيه أو جعله ملحقا للعامل الذاتي. أما الشكل الثاني فيمكن اختزاله في النظرة التي يمكن أن تنطلق من الوضع الحالي للحركة (وهو وضع أزمة بكل تأكيد) والوصول منه إلى أحكام قد تكون لا علمية وسطحية، وبالتالي قد لا تكون إسهاما حقيقيا في إحداث تجاوز في الوضع الحالي الذي تعرفه الحركة (بصيغة أو بأخرى) سواء باستمرارية الحركة أو عبر ميلاد جديد يعطيها إمكانية وروح الاستمرارية لتحقيق الأهداف الحقيقية التي كانت الأساس في نشأتها.
فالتشبث بأهداف الحركة هو ما يدفعنا بكل تأكيد إلى طرح هذا السؤال، وليس الوقوف على ما تبقى منها للنيل منها وإعادة صياغتها من جديد وفق الوضع الحالي الذي توجد فيه أو إعادة النيل من تاريخها وأهدافها من أجل تبرير الوضع الحالي.
إن سؤال ماذا تبقى؟ يحمل سؤالا آخر، ما هو الوضع الذي كانت عليه في نشأتها، مسارها وصولا إلى الوضع الحالي؟ أي هل السياق الذي وجدت ونشأت فيه هو نفسه الموجود حاليا (السياق العام)؟ أم أن هناك تغير في السياقات؟ بالطبع، فنشأة الحركة كانت في أوج الانتفاضات الشعبية التي عمت المنطقة بأكملها، ووصل صداها الى المستوى الدولي، فميلاد انتفاضة 20 فبراير وحركة 20 فبراير أملته ظروف داخلية (التناقضات المستعصية على الحل في إطار الحفاظ على الوضع الحالي غير المتكافئ ما بين النظام من جهة والجماهير الشعبية من جهة أخرى) والوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي كان موجودا، والذي أقل ما يمكن القول عنه، إنه انبنى على تأزيم أوضاع الشعب المغربي، وضع لم يجد فيه النظام غير تعميق أزمة الشعب المغربي بتصريف أزماته وأزمات الامبريالية المزمنة والمستعصية على كاهل شعبنا والتي تتمظهر في كل لحظة وحين. وكان العامل الخارجي مساعدا ولم يكن محددا في الميلاد، وبالتالي لا يمكن القفز على المعطى الداخلي لقراءة الوضع الحالي الذي توجد عليه الحركة والاستكانة للقول الذي يعتبر بأن الحركة كانت استجابة للمعطى الخارجي، ولم تكن ذات ولادة محلية في تفاعل مع السياق الخارجي.
فأن نتذكر الانتفاضة والحركة، كباقي الحركات والانتفاضات، خير من نسيانهما، وأن نطرح أسئلة مستفزة لنا وأن ندفع بالجهود والعمل لإيجاد فضاء مناسب للنقاش والتفاعل على أرضية خوض التحديات المطروحة أمام شعبنا خير من الصمت على الحقائق المرة والتزام التتبع إلى حين. أن نتذكر تاريخ الانتفاضة وتضحياتها وشهداءها ومعتقليها.. أن نتذكر أهدافها وأصل نشأتها.. أن نتذكر الإيجابيات التي كشفت عنها وكذلك السلبيات التي كشفت البعض منها، وأخرى عانت منها، كل ذلك لا يمكن أن نقلل من أهميته، أو نعمل على تبخيس تلك الجهود. لأن هذه الذكريات تترك لنا على الأقل الفرصة لإعادة إحياء الآمال وتغذية الطموحات، لكن هذه الآمال والطموحات تتكسر على صخرة الواقع العنيد إن لم تتواز على الأقل بالوقوف على طرح أهم الأسئلة في الوضع الحالي والتي بدون الجواب عنها سيبقى مطلب التغيير الحقيقي مجرد حلم أيضا نتذكره مع هذه الذكريات. ولا نعتقد أن هناك من يتعمد أن يضع الحركة في هذا الموقع إلا من أعلن صراحة أو ضمنيا بأنه ضد الحركة، وأولئك الذين تعاملوا معها كفرصة ومطية لتحسين أو لإيجاد موقع لهم ضمن ما هو سائد، وظلت الحركة بالنسبة إليهم بمثابة ورقة للتفاوض سرا، وحتى علنا..
فإن كانت الحركة قد حطمت فعلا صنم الانتظار، أو بمعنى آخر تخلصت من مرض الانتظار، فهذا من الدروس التي لا يجب أن تغيب عنا أو يطويها النسيان، درس لا يقل قيمة أو أهمية عن درس غياب الأداة الثورية (سبق أن تناولنا هذا الدرس في مناسبات سابقة عديدة). إن تجاوز ثقافة الانتظار التي سادت لمدة طويلة، دون الوقوع في الحكم المطلق، لأن هناك نماذج من المقاومة التي ظلت مستمرة ومتوهجة معتمدة على قدراتها الذاتية وراكمت تجارب غنية يستحيل القفز عنها لتجاوز ثقافة ولغة الانتظار، واجب ومسؤولية تاريخية لسحق بقايا ثقافة وأفكار ظلت سائدة لتتحول في لحظة من تطور الصراع الطبقي إلى قوة كابحة لتطور المقاومة، والاقتصار على إعطاء أحكام تجمل في التعالي على هذه الحركة، والتقليل من أهمية النشاط العملي، ويصل دورها السلبي حتى المساهمة في النيل منها، والتعجيل من عملية سقوطها حتى وإن كانت بعض عناصر نجاحها حاضرة بقوة ليتم التهويل من العناصر الغائبة، موفرة المجال الخصب للانسحاب من تحمل المسؤولية في العمل على إنضاج الشروط التي تساهم في حضور العناصر غير الموجودة أو بلغة أدق تطوير مؤشرات العناصر غير الموجودة.
إن الدعوة إلى تجاوز ثقافة الانتظار ليس معناه، كما يمكن أن يستنتج البعض، أن التقدم وتجاوز وضع الانتظار سيتم بدون تفكير، بدون رؤية، بدون مواقف، أي الدعوة إلى النزول إلى الميدان، إلى عالم الممارسة بدون نظرية تؤطر العمل الميداني، بل هو ضرورة تؤطره النظرية ويمليه الواقع الفعلي الموجود، الدعوة إلى الميدان هي دعوة تأطير وتنظيم وقيادة نضالات الشعب المغربي وهي دعوة للانخراط بجانب الجماهير في معاركها، والتي تجري في الواقع وبأشكال متعددة، دعوة إلى معانقة هموم وآمال وطموح الشعب المغربي، هي عدم ترك الشعب المغربي يواجه مصيره، دون أهداف وأفق استراتيجي واضح، أمام العدو الطبقي وكل حلفائه وأدواته المختلفة، فهل سنطلب من الشعب المغربي انتظارنا حتى نصبح مستعدين؟ فما هي الإجابة التي سنقدمها لمن يعاني من الفقر والبؤس ومن لا يجد عشاءه، ومن لا يجد مكانا ينام فيه ولا مستشفى يعالج فيه، وإن تكلم أو قام برد فعل يقمع بطرق وحشية ويهان وتطعن كرامته ويزج به في السجن للتخلص منه ومن "شغبه"؟ ماذا سنقدم للطبقة العاملة التي ترزح تحت نيران الاستغلال والاضطهاد مقابل فتات لا يسد حتى مصاريف التغذية؟ ماذا سنقدم للعمال الزراعيين الذين يعيشون وضعية نظام الرق والقنانة؟ ماذا... وماذا؟ أليست الأولوية هي النزول عند الشعب المغربي ومعانقة همومه والنضال بكل عزيمة وإصرار لتغيير هذا الواقع البئيس؟ إن التفكير ينبغي أن ينصب حول كيفية الارتباط وكيفية النضال وإنتاج الآليات المناسبة لإنجاز تلك المهمة، وليس الوقوف في طابور الانتظار والذي من الممكن بهذا التفكير الانتظاري أن لا يأتي أبدا.
لقد أصبح الانتظار عند البعض بمثابة نظرية أو بالأحرى هو النظرية بحد ذاته، وأخطر ما يواجه كل تقدم هو هذا النمط من التفكير، فالذي يعيش وضع الانتظار تجده يطلب بإلحاح من كل من يتقدم في الميدان إلى التدقيق في كل شيء، حتى تلك التي بالتأكيد ستصدق مع الممارسة العملية، مع المعارف الجديدة والخبرات التي ستكسب، لكنه في نفس الوقت لا يدقق في وضعية الانتظار، هل هي مبنية على تفكير استراتيجي يخدم مسار التغيير؟ هل هي إجابة مدروسة؟...فالتراجع أو الانتظار في واقع الصراع الطبقي إن لم يكن مدروسا أو مؤطرا وفق رؤية استراتيجية تخدم الأفق الثوري والعمل الثوري يصبح استسلاما وانهزاما لا يمكن السكوت عنه، فكيف إن وصل الأمر إلى تبريره.
إنها مسؤوليتنا ومهامنا في هذه اللحظة التاريخية.. إنها مسؤولية ومهام جميع المناضلين.. إنها مسؤولية جميع الإطارات المناضلة المرتبطة قولا وفعلا بقضايا شعبنا وهمومه..
لقد أثبت التاريخ أن الشعوب هي التي تستطيع تغيير المجتمع وليس الأحزاب ببرامجها البراقة على رفوف مكتباتها وعلى مكاتبها الفاخرة وصفحات صحافتها المنافقة والمعزولة والتي تعيش منفصلة عن هموم الشعوب. إن الأحزاب القائدة حقا للشعوب هي الأحزاب المتجذرة وسط الجماهير وتقوم بواجبها النضالي المبدئي، التنظيمي والسياسي والتعبوي..

تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M

20 فبراير 2015




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق