مؤتمر الاتحاد المغربي للشغل: الجريمة والمأساة..
تأتي لحظات عصيبة يحس إبانها المناضل "بالحكرة" وبالظلم، يحس بالألم.. إنها معاناة المناضل الحقيقي والصادق في معمعان الصراع الطبقي..
إنها مأساة جميع المناضلين القابضين على الجمر في مواجهة النظام القائم وزبانيته..
ولتأكيد صدقية المناضل ومبدئيته، لا مناص من الصمود والمقاومة، لا بد من إبداع صور الكفاح والقتالية..
وبمناسبة الجريمة الشنيعة المقترفة باسم العمل النقابي وباسم العمال وعموم الشغيلة المغربية يومي 20 و21 مارس 2015 بمدينة الدار البيضاء، مناسبة انعقاد المؤتمر الحادي عشر للاتحاد المغربي للشغل، المؤتمر المهزلة، عرس البيروقراطية، عميلة النظام والقوى الرجعية والإصلاحية، نندب حظنا، نحن المناضلين "المهمشين" و"العدميين" و"اليسراويين"...
إنه درس جديد لكل المناضلين الحقيقيين، الماركسيين اللينينيين، فعلا وقولا..
فماذا بعد هذا الوضوح؟ ماذا بعد هذه الفاجعة في حق شعبنا؟
ماذا بعد هذه الصور القبيحة، هذه الجرائم الفظيعة، في حق الطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي المضطهد؟
هل من المقبول الآن، والآن بالضبط، خوض الحروب "الدونكيشوطية" ضد المناضلين الصامدين؟
هل من المقبول الآن، والآن بالضبط، تبذير الجهود في التطاحنات الهامشية؟
فلم يعد ممكنا حجب الشمس بالغربال.. لقد اتضحت الصورة.. وليتحمل الجميع مسؤوليته أمام الشعب وأمام التاريخ..
إن أبسط رد فعل على مهزلة حضور رموز الفساد والإجرام وفي مقدمتهم الدجال بنكيران، أبسط احتجاج، أبسط اعتراف، هو تسجيل الانسحاب من مؤتمر العهر والخيانة والنذالة..
إنه مؤتمر/عرس الباطرونا، مؤتمر/سوق النظام، مؤتمر/مأثم قوى الغدر والظلام، مؤتمر/جنة قاتلي الشهداء ومشردي أبناء الشعب المغربي المكافح..
هل نذكر حضور المجرم ادريس البصري في التسعينات من القرن الماضي، وزير أم الوزارات في حينه، وزارة الداخلية، مؤتمر العيون للكنفدرالية الديمقراطية للشغل؟
إن المسؤولية تقع على عاتق المناضلين في مختلف النقابات، وليس على عموم المشاركين (عمال وغيرهم) الخاضعين رغم أنفهم والمغلطين والمحكومين والمتواطئين..
وحقيقة (وعجزا)، لم أجد غير مقال سبق لي أن نشرته في 26 يونيو 2014، تحت عنوان "فضائح/جرائم النقابات والأحزاب المغربية"، لأعيد نشره، لأنه يعبر عن حقيقة هذه اللحظة التاريخية المؤلمة:
فضائح/جرائم النقابات والأحزاب المغربية
إن الساحة السياسية والنقابية المغربية ملغومة، بل ملوثة وموبوءة.. لقد توارثت الأحزاب السياسية والنقابات (والجمعيات أيضا) العديد من الأمراض التي سهر النظام القائم بواسطة العصا والجزرة (الترهيب والترغيب) ومنذ زمن بعيد على أن تسكن أغلب هذه "الأجسام" العليلة والمتعفنة، لكي تجعل منها هياكل طيعة ومنفذة للتعليمات والأوامر، خدمة أولا وأخيرا للمصالح الطبقية المشتركة..
وفي مقدمة هذه الأمراض الخبيثة الفساد المالي، لدرجة أصبحت هذه الأحزاب والنقابات امبراطوريات "مافيوزية".. والويل كل الويل لمن ينبش (الدعوة الى الافتحاص/الأوديت أو اعتماد التقارير المالية الشفافة...) في مالية هذه الكائنات الغريبة المحسوبة قسرا على العمل السياسي والنقابي والتي لا تتوانى في ترديد الشعارات البراقة (الديمقراطية، الحداثة، المحاسبة/المساءلة، محاربة الفساد...) وفي خوض مبادرات آخر صيحة ("تبني" إرث الشهداء...).
ومناسبة هذه الصرخة (صرخة في وادي) التي لن تسمع كباقي الصرخات الفردية والجماعية السابقة، ما تعيشه الآن الفدرالية الديمقراطية للشغل (أين صرفت 380 مليون سنتيم التي كانت في حساب المنظمة غداة المؤتمر الوطني الثالث في أكتوبر 2010 وأين وثائق صرف دعم الدولة لسنة 2011 والمقدر بـ 157 مليون سنتيم؟!! تساؤلات مطروحة في صفوف الفدراليين/ات بدون جواب مبدئي ومقنع...). فلنأخذ فقط هذه الأخيرة والاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، باعتبار هذه "النقابات" الثلاثة أقرب الى "اليسار" أو بحكم انتمائها ادعاء الى "الصف الديمقراطي"، ما معنى استشراء الفساد المالي في صفوفها؟!! ما معنى تقديس ماليتها إبان المؤتمرات وغيرها (إلا في حالات التطاحن حول اقتسام الغنائم)؟!! ما معنى هذا التواطؤ الفاضح والمفضوح ومن المسؤول عنه؟!! أين الزعماء التاريخيين الذين لا يشق لهم غبار لفضح الصناديق والعلب السوداء؟!!
لقد وقفنا في الشارع العام بالرباط لفضح ميزانية القصر الملكي (جرأة كبيرة).. لاحظوا، ولم نقف لفضح ميزانيات النقابات والجمعيات والأحزاب؟!!
مفارقات عجيبة... ؟!!
والخطير، أين "فدرالية اليسار الديمقراطي" المكونة من أحزاب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والاشتراكي الموحد والمؤتمر الوطني الاتحادي الذي يتربع أحد "مناضليه"، أبديا وضد كل أعراف الديمقراطية، على عرش الكنفدرالية الديمقراطية للشغل التي لا أحد يعلم حقيقة ماليتها وممتلكاتها؟!! وأين موقف باقي مناضلينا القياديين في هذه "النقابات"؟!!
فهناك قياديون وزعماء نقابيون بالوراثة، وباسم الدفاع عن العمال والمأجورين...، صاروا من بين أثرياء البلد وفي وقت وجيز، ويفوق ثراؤهم ثراء الباطرونا وديناصورات بورجوازيتنا الكبيرة من كمبرادور وملاكين عقاريين.. لقد باتوا يملكون/يديرون من المشاريع ما يثير الدهشة والاستغراب..
فليس غريبا إذن أن تتخلف هذه الطحالب النقابية والسياسية عن مواكبة نضالات وتضحيات وبطولات شعبنا، آخرها 20 فبراير (عزل المناضلين وتقديمهم للبوليس يوم 06 أبريل 2014، وقبل ذلك إبان تظاهرات فاتح ماي...) وعن دعوات الصمود والمواجهة...
وليس غريبا أن تجهض المعارك النضالية وأن تبيع عرق ودم العمال والفلاحين وعموم أبناء شعبنا.. فأي إضراب عام يمكن أن تعلن عنه أو أن تخوضه؟!! هل تذكرت الانتفاضة المجيدة ليوم 20 يونيو 1981؟!! هل تذكرت انتفاضة 14 دجنبر 1990؟!! إنها هياكل عظمية بدون ذاكرة...
ألم تأت 20 فبراير "أمل الشعب المغربي" لمحاربة الفساد والاستبداد؟!! فلتحاربه داخل النقابات والأحزاب المتورطة في الفساد والاستبداد والتي يتبنى الكثير منها (شكلا) 20 فبراير..
وليس غريبا أن يغض النظام الطرف عن هذه الجرائم والفضائح، بل وأن يواصل ضخ المال العام في جيوب الحواري المستسلمة والمتمنعة.. فيكفيه التجند الدائم لتعميم القمع والاستغلال والاضطهاد بمباركة "أصدقائنا ورفاقنا" وطبعا أعدائنا..
إن الغريب حقا هو المراهنة على هذه القوى السياسية والنقابية ومهادنتها. والغريب أن تستمر بعض الأسماء التي تدعي "البراءة والنزاهة" في صفوفها؟!! وأن يتم الاحتفاء بها والتطبيل لها واستضافتها في النهار لتلتحق بأوكارها في الليل؟!!
السماسرة والمرتزقة على المنصات وشاشات التلفزة وواجهات الصحف، والمناضلون غارقون في صمت القبور والتهميش وفي السجون والدهاليز..
وإن الأغرب هو أن نقبل، سواء ضمنيا أو بشكل مفضوح، هذا الوضع الموبوء وأن نتعايش معه.. فإذا كانت هناك أولويات، فمن بينها الوقوف الصارم والحازم في وجه الفساد المالي الذي ينخر الإطارات الجماهيرية التي نعمل داخلها، وخصوصا النقابات.. لقد اعتدنا (بسبب ضعفنا وتشتتنا) فبركة المكاتب المسيرة والأجهزة القيادية في ظل الغياب التام للديمقراطية الداخلية. وها نحن نعتاد (ودائما بسبب ضعفنا وتشتتنا) الفساد المالي المستفحل.. لقد كان هذا الوباء المزمن منذ البداية، لكنه صار اليوم مخيفا ومكشوفا ومعيقا لأي تقدم نحو تطوير، فبالأحرى تجذير، العمل النقابي..
فكيف ستدافع هذه الكائنات الغريبة على عدم المساس بالمكتسبات (المقاصة، التقاعد، الإضراب...) التي أصبحت مستهدفة وأكثر من أي وقت مضى من طرف النظام وأزلام النظام؟!!
من يتذكر اليوم عبد الرزاق أفيلال؟!! من يتذكر محماد الفراع؟!! وماذا عن الفراع الجديد (أمير التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية)؟!! وهناك أسماء وهيئات سياسية ونقابية وجمعوية كثيرة يجب أن تقدم الحساب ولا يجب أن تفلت من العقاب، عقاب الشعب، طبعا..
لقد كان إدريس البصري (حجاج زمانه، وزير أم الوزارات) يصول ويجول، لأنه كان يعرف "خروب" بلاده.. وها هو عبد الإله بنكيران (البهلوان، رئيس حكومة قوس قزح) يصول ويجول بدوره لأنه هو الآخر يعرف "خروب" بلاده، بل يعرف من أين تؤكل كتف بلاده.. فهل سيزايد حميد شباط المتورط في الفساد من رأسه حتى أخمص قدميه، وادريس لشكر والأموي وموخاريق وعباقرة "البام" على بنكيران القادم من "دار المخزن" والملكي أكثر من الملك؟!! لقد أكلوا من نفس الوليمة وقبلوا نفس اليد وشربوا من نفس الكأس..
ملاحظة:
قامت "القيامة" مؤخرا بسبب تصريح تافه لبنكيران حول بقاء المرأة بالبيت، وبلع "المجتهدون/ات" ألسنتهم/هن عندما سبق أن قال: "عفا الله عما سلف" وعندما قال رمز "الوطنية والمقاومة" عبد الرحمان اليوسفي: "لم نأت لمطاردة الساحرات". أين الجرأة أمام الفساد الذي يأتي على اليابس والأخضر وأمام أعين الجميع، هذا الجميع الذي سيؤدي من تعبه وعرق جبينه ما سرقه المفسدون والمفسدات والساحرون والساحرات؟!! أين ثروات بلادنا (المعادن، المقالع، الفلاحة، السمك...) ؟!! أين عدم الإفلات من العقاب؟!! وأين الأنفة عندما يجرم المناضل ويبرأ المجرم ويحتفى/يرحب به (قاتل الشهيد أيت الجيد محمد بنعيسى...)؟!! أين الضمير وأين الحق وأين المصداقية أمام موجات الاختطاف والاعتقال السياسي والتعذيب؟!! أين الحقيقة المرة في...
شارك هذا الموضوع على: ↓