بداية، وجب التأكيد لكل من يحاول وقف أو تسفيه وتمييع واختزال وتحوير واستغلال النقاش الصحي الجدي الجريء والمسؤول الدائر بين المناضلين حول واقع أزمة الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصفرو، الذي يترجم
الصدق والنضج والمبدئية والالتزام والمسؤولية في التعاطي مع كل الإشكالات والقضايا التي تعترضهم أثناء ممارستهم النضالية في مواجهة السياسة القمعية للنظام القائم، الهادفة الى حظر الأنشطة النضالية للإطارات التقدمية ضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفي فضح المتآمرين أزلام النظام الساهرين على تسهيل تمرير المخططات، وتطويع/ترويض المنظمات/الإطارات، وتبخيس التضحيات وإلغاء التراكمات وضرب المكتسبات النضالية للجماهير .
إن هذا النقاش الدائر هو في حد ذاته استمرار للنقاش الذي انطلق قبل المؤتمر الأخير للجمعية، وبالضبط مع حملة التضييق والمحاصرة التي بلغت حد الإقصاء تجاه المناضلين الجذريين داخل الجمعية (إسوة بالإطارات النقابية وحركة 20 فبراير) على نفس الأرضية، أي التصدي للممارسة البيروقراطية والإقصائية والاختراقات النظامية، وفضح السلوكات الانتهازية والمواقف الخيانية تجاه قضايا الشعب. وهنا استحضر المهزلة التي صاحبت تأسيس فرع الجمعية بفاس سايس وتجديد فرع العرائش… والتضييق والتآمر الذي عانى منه المناضلون في الأجهزة التقريرية للجمعية. انتقاما منهم لجرأتهم في طرح وانتقاد التوجهات العامة للجمعية .
منهجيا، كان لزاما وضروريا أن أقف بعجالة وبدون تفصيل على هذه الممارسة داخل الجمعية المحكومة بهاجس الإقصاء ضاربة عرض الحائط المبادئ والأهداف لفائدة المصلحة السياسية الانتهازية الضيقة من خلال محطات سابقة أنجزت حولها تقارير كشفت تغول هذه الممارسة .
وهنا نطرح الأسئلة على أصحاب هذه الممارسة. ماذا بعد؟ ولماذا الالتزام والتشبث الأعمى بهذه الممارسة ولصالح من في وقت صعد فيه النظام هجومه على كل الإطارات المناضلة (حركة المعطلين، الحركة الطلابية، حركة 20 فبراير) بلغت حد اقتحام المقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعبث بمحتوياته والاعتقال من داخله ومنع الأنشطة النضالية وحرمان فروع من وصل الإيداع القانوني…؟ فهل يستدعي هذا الوضع سن خطة نضالية لصد الهجمة أم توجيه السهام نحو المناضلين لتسفيه نقاشاتهم وتحويرها وتمييعها ورفض المقترحات السديدة التي من شأنها الدفع في اتجاه تجاوز الواقع و صد الهجوم؟
وسأذهب بعيدا هذه المرة بسؤال لماذا لم تتحرك الفروع لإدانة اقتحام المقر المركزي مباشرة عبر أشكال نضالية وازنة تعكس قوة الجمعية قبل إعلان المكتب المركزي عن تنظيم وقفات؟ وأثناء تصريحات حصاد والحملة الإعلامية التي واكبت ذلك؟
إن الإجابة تأتينا من واقع حال فرع الجمعية بصفرو الذي سبق ويؤكد أن لا تاريخ الجمعية ولا التضحيات المقدمة ولا هوية الجمعية ومبادئها يشكل أولوية وهاجسا يؤرق أصحابنا، وحجتي في كل ذلك هي :
أولا: رفض مقترح استقالة المكتب الذي كان محل إجماع كل المناضلين والمنخرطين حتى الذين تنصلوا منه وانقلبوا بسرعة مفضلين المناورة والترتيب الفوقي البيروقراطي الذي لا يستحضر واقع هجوم النظام أمام واقع الأزمة و كيفية الإجابة، بل يسهرون على إعادة إنتاج الأزمة .
ثانيا: لا مبالاة المكتب المركزي بالوضع، بالرغم مما ورد من إشارات قوية في مقالات سابقة للرفيق خالد أفتحي.
ثالثا: اعتبار أن النقاش مفتعل لأنه في نظرهم جاء بعد الجمع العام وخاصة بعد إعلان تشكيلة المكتب واعتباره رد فعل تجاه فئة اجتماعية معينة، وهذا خطأ فادح يحاول أصحابنا تأليب هذه الفئة على الرفاق بخسة و نذالة .
وهنا سأقف لأعطي الحقيقة للمتتبعين والتي تم تغييبها عمدا من طرف، أولا العضو المشرف على الجمع العام وثانيا من طرف الذين انقلبوا في رمشة عين. أولها في نقاش التقريرين الأدبي والمالي، كانت هناك مداخلة أثار صاحبها ملاحظة جوهرية طعنت في الجمع العام الذي تم اعتباره استثنائيا ليشرعنوا انعقاده بمن حضر، في حين أنه لم تتم الدعوة الى الجمع العام العادي بالرغم من تحديد تاريخه، ولم تكن التعبئة له ولم يحضر عضو المكتب المركزي (المشرف)، أكثر من هذا كانت التعبئة لعدم الحضور في التاريخ المحدد، فكيف يمكن اعتبار الجمع الذي أفرز المكتب الحالي جمعا عاما استثنائيا شرعيا؟ ثانيها، تم الوقوف على أن المسؤولية يتحملها من لم يستحضر خلاصات الجمع العام الانتخابي الفائت، الذي وقف على نفس الممارسة حيث كان الاتجاه سائرا لمحاسبة الأطراف السياسية التي كانت في موقع التسيير. ثالثها، وأشارت المداخلة في الأخير على أن هوية الجمعية خط أحمر لا يسمح لأي كان (مناضلا أو طرفا سياسيا) تجاوزه، وهذه المداخلة التي حصل عليها إجماع بين المناضلين شكلت أرضية انطلاق النقاش الجريء السائد في أوساط مناضلي الجمعية بصفرو من أجل وضع خطة لإنقاذ الفرع، وفي هذا الاتجاه كان المقترح الذي تبناه الجميع وانقلب عليه البعض لفرز مكتب مسؤول يعي حجم المسؤولية ويعيد للفرع إشعاعه وحضوره .
فمن كان وراء تغيير الموقف ولمصلحة من؟ هل لمصلحة الجمعية بتاريخها النضالي ومبادئها، أم لمصلحة الأطراف السياسية المسؤولة عن واقع الأزمة؟ وضد من يجب وضع الترتيبات والخطط، هل ضد المناضلين أم ضد النظام؟
عز الدين اباسيدي/ 02 أبريل 2015
عضو بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصفرو
شارك هذا الموضوع على: ↓