إن قطاع الصحة بلغ في المغرب مستويات جد متدنية، تعود بنا إلى القرون الوسطى وعهد الطب التقليدي حتى داخل المستشفيات "الكبرى". وقد تبدوا
هاته الكلمات من قبيل المزايدات وفقط، إلا أن ما عايشناه كمناضلي'' أحرار حركة 20 فبراير بسباتة'' إلى جانب أم الرفيقين'' حمزة وعلال العيطاوي،'' أكد لنا بالملموس مدى الاستهتار الذي يعانيه كداح وطننا داخل هاته المفاخر، وهذا أقرب إلى الحقيقة من أن نقول عنها مستشفيات. وهوا ما سنحاول أن نعكسه لكم من خلال معطيات واقعية عايشناها طيلة أسبوعين.
في البداية لابد من الإشارة إلى كون بناء المستشفى الإقليمي بحي سباتة كان ثمرة لنضالات عديدة لأبناء المنطقة، بلغت أوجها في انتفاضة 20 فبرير وما بعدها، حيث كان مطلب بناء مستشفى مجهز بالأدوات الطبية اللازمة لتلبية حاجيات الجماهير الصحية من المطالب المركزية التي رفعها أبناء الحي أثناء تظاهرات حركة 20 فبراير. إلا أن المطالب والمكتسبات التي فرضت الجماهير على النظام تقديمها، سرعان ما ينتقم كلما هدأت الأوضاع ليسحبها بيد أخرى، وبطرق خبيثة وملتوية. وهو نفس الواقع الذي يتخبط فيه المستشفى، حيث يعاني غالبية المرضى من اهمال خطير داخله، وعلى سبيل المثال في قسم العظام لا يرى الطبيب إلا مريضين من أصل 40 مريضا في اليوم، وهو ما يجعل وضعية المرضى تتفاقم يوما بعد يوم، وتسوء حالتهم. وهو نفس الشيء الذي حصل مع أم الرفيقين حمزة وعلال، حيث تم إدخالها للمستشفى قبل أسبوعين بسبب تعفن في قدمها بسبب مرض السكري، إلا أنها بقيت على غرار باقي المرضى مرمية دون أي عناية أو معاينة طبية، ما أدى إلى استفحال حالتها، حيث كان من المفترض أن تخضع لعملية جراحية في الأصبع، تحولت بفعل الإهمال إلى عملية قطع الرجل كاملة. ما يعد جريمة حقيقية في حق أبناء الشعب العزل.
وأمام تفاقم الوضعية الكارثية داخل المستشفى، قرر مناضلي حركة 20 فبراير إلى جانب عائلات المرضى المكتوين بدورهم بنيران الإهمال الذي يتعرض له ذويهم، تنظيم اعتصام إمام المستشفى، إلا أنه بمجرد انطلاق رفع الشعارات، سيتدخل المدير بزبانيته من عناصر "السيكيريتي" بهمجية في حق العائلات المعتصمة والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، وتبين لنا فيما بعد شركة الحراسة تعود في ملكيتها للمدير في صفقات مشبوهة لا يعلم رصيدها إلا أصحاب الصناديق السوداء التي أغرقت البلاد. إلا أن صمود الجماهير وتشبتها بمطالبها حتى بعد حضور قوى القمع لاتمام الجريمة، دفعهم لتلبية مطالب المرضى، حيث خضعوا في ذلك اليوم للفحوصات اللازمة بشكل سريع وتحديد مواعيد عاجلة لاجراء العمليات الجراحية... وهنا نتساءل بحرقة، لما لا تعمل المستشفيات بتلك الطريقة يوميا ؟؟ ويبقى هذا مجرد جزء من المعاناة اليومية للجماهير هذا القطاع، خاصة بعد انقشاع الكذب والافتراء والهالة التي رافقت بطاقة تمرميد (رميد،) حيث لم يستفد منها أبناء الشعب أبدا، ويجدون أنفسهم مضطرين لأداء فاتورة جد مكلفة تتجاوز قدراتهم المادية.
إن هاته الوضعية هي نفسها التي عايشها الشعب المغربي لعقود من الزمن، ولازال يعيشها وتشتد هولا في عصرنا هذا، على عكس التقدم التكنولوجي الحاصل في العالم، حيث نجد العديد من أبناء الشعب يفقدون حياتهم جراء الإهمال أو عدم توفر التقنيات اللازمة، وفي الوقت الذي أصبح فيه الطب في العالم يقوم بزراعة الأطراف وتقريبا كل أعضاء الجسم، لازال الطب عندنا يقوم بقطعها لتعفنات أو إصابات بسيطة. والحالة الأكثر مأساوية التي أصبحت شيء عاديا في مستشفياتنا، وهي حالات الولادة في أبواب المستشفيات، فكيف تنتظرون الولاء من شعب خرج أبناءه للحياة على رصيف المستشفيات ؟؟؟
التصوير محمد الباجوري
عن صفحة حركة 20 فبراير سباتة
شارك هذا الموضوع على: ↓