إبان المؤتمر الجهوي الحادي عشر الذي انعقد بطنجة في أحد أيام دجنبر سنة 2013 تمكنت القواعد من تنحية الكاتب الجهوي الذي عمر أكثر من 20 سنة على
رأس الاتحاد الجهوي وحول النقابة إلى ضيعة خاصة وجعل من الشعار الخالد "خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها" يمشي على "الرأس" وأصبح شريكا في كل المؤامرات التي تحاك محليا في حق الطبقة العاملة. كيف لا وهو من وقع على تفويت أموال صناديق التقاعد ل"أمانديس" (المصالح الاجتماعية والتعاضدية ) الى استثمارات لصالح الشركة، وهو ما خلق عجزا مزمنا في المرحلة الأخيرة في أداء رواتب المتقاعدين. وبالرغم من ذلك، فقد ظل يتقمص دور الضحية في اعتصامات المتقاعدين أمام الوكالة كل يوم خميس.
كان لابد من التذكير بذلك، لقد ارتأت البيروقراطية إبان المؤتمر تنصيب أحد الدمى كاتبا جهويا بعد أن تأكد لها عدم امكانية الرهان على الكاتب السابق من أجل ولاية جديدة بعد أن خرجت القواعد عن صمتها وانتفضت في وجه القيادة البيروقراطية المحلية والوطنية. لذا ما كان على مهندس البيروقراطية، المدعو فاروق، سوى اللجوء إلى احتواء الأوضاع وبالتالي التضحية بزفزاف، لامتصاص غضب الغاضبين. لكن يا ترى من كان الخلف؟
لقد جيء بالخياط ليلعب دور الدمية و ليؤثث المشهد خدمة لأجندة البيروقراطية أو لنقل المافيا المسيطرة على قيادة النقابة وطنيا. وما المؤتمر الحادي عشر الذي انعقد أخيرا إلا دليل آخر على ذلك.
إن الصراع الذي عرفه المؤتمر الجهوي بطنجة سرعان ما انتقل الى شركة "امانديس"، حيث استمر الحرس القديم في المناورات مستغلا بذلك عجز الكاتب المحلي لنقابة "امانديس"، وهو نفسه الكاتب الجهوي (ا.م.ش)، حيث تواصل في عهده مسلسل الإجهاز المكثف على جل المكتسبات التاريخية لعمال ومستخدمي الشركة، وكان إلغاء الإضراب العام في القطاع الذي أقرته القواعد في 20 فبراير 2014 بعد أن أصبح الكاتب العام تابعا لعمدة المدينة المحسوب على حزب الأصالة والمعاصرة. وبشكل سافر تم توجيه الدعوة إلى العمدة لحضور اجتماع المجلس النقابي في خرق لكل الآليات التنظيمية الداخلية للنقابة. ومن خلال الاجتماع المذكور تم إلغاء الإضراب. ومنذ ذلك الحين توالت الإخفاقات، مما سهل تحرك أنصار زفزاف وتعمق هجوم الإدارة، حيث توسعت دائرة الغاضبين وتوالت الاستقالات من المجلس النقابي وصولا إلى تشكيل ما سمي باللجنة التصحيحية "CCAS". وللإشارة، فهي مزيج من بين ما تبقى من أنصار زفزاف الذي يدير الصراع من الخارج بتنسيق مع أجهزة النظام (الداخلية) والغاضبين الذين أدركوا أن مساهمتهم في إيصال الحاج الخياط إلى الكتابة الأولى ل"أمانديس" جريمة في حق الشغيلة. وهذا يعني استمرار عهد زفزاف، لكن مع وجود الفارق في احترافية الأول وسذاجة الثاني، إذ هو انتقال من البيروقراطي الدكتاتوري إلى البيروقراطي الذيلي.
لقد تفاقمت الأزمة بمختلف تجلياتها داخل المكتب النقابي ل"أمانديس" وكذا في علاقته مع القواعد، في ظل انشغالات الامانة العامة في إعادة ترتيب بيتها الداخلي (الصراع مع الأطراف داخل المجلس الوطني، الصراع مع ما يسمى بالتوجه الديموقراطي –بيروقراطية ثلاث نجوم). وقد بلغت حدة الأزمة إلى مستوى التصادم داخل مقر النقابة (الاتحاد الجهوي)، وقد أحيل الملف على القضاء في تبادل الضرب والجرح.
فلنأخذ مثلا البلاغ الصادر عن المكتب النقابي ل"أمانديس"، يعلن من خلاله استقالته من الجامعة الوطنية لتوزيع الماء والكهرباء مع البقاء في الاتحاد واتهامه اياها باختلاس الملايير، فهو يعكس الجهل التام لكاتبي البيان. إذ كيف يمكن الحديث عن الاستقالة من الجامعة والبقاء في ا.م.ش.؟ إن اختلاس الملايير شيء مؤكد، إذ تعتبر الجامعات بمثابة الصندوق الاسود للنظام، وحسب بعض المعطيات، فالجامعة الوطنية لتوزيع الماء والكهرباء تستفيد سنويا من مليار و800 مليون سنتيم تضخ الى صناديق الجامعة ولا تستفيد صناديق المستخدمين ب"امانديس" إلا من 200 مليون سنتيم سنويا. فما مصير كل تلك الاموال؟ ..
ان بلاغا من هذا النوع يعد بمثابة المسمار الاخير في نعش الخياط، مما أعطى المشروعية لتدخل الجامعة في ضيعتها للحفاظ على ممتلكاتها من حجر وشجر وبشر.. إن الحاج عاجز عن استيعاب ان الصراع مع بن اسماعيل هو صراع مع موخاريق وهو صراع في آخر المطاف مع النظام. والصراع مع النظام لن يكون بركوب الجرار. لقد نجح النظام في بلقنة ما تبقى من القطاعات النقابية الموحدة والوضع الحالي في "أمانديس" يسير بوتيرة متسارعة نحو ميلاد نقابة جديدة أو التحاق أحد الأطراف بنقابة قائمة تابعة لحزب الجرار أو اللمبة (ا.و.ش).
ان طبيعة الصراع الجاري داخل الحقل النقابي بشكل عام، يفرض على المناضلين الجذريين المكافحين في الميدان والغيورين على القضايا المصيرية للطبقة العاملة، استيعاب طبيعة وحجم المؤامرات التي تحاك في السر والعلن، ضد كل محاولة جادة أو دينامية لتجاوز الأزمة التي تتخبط فيها المركزيات النقابية بما هي أزمة قيادات أعلنت وتموقعت منذ أمد بعيد بجانب النظام، وبجانب كل أعداء الطبقة العاملة، وأمام كل انكشاف لهذه الحقيقة من طرف القواعد لا يبقى أمام القيادات السالفة الذكر إلا نسج مسرحيات ممسوخة كتغيير مكتب معين بآخر مصنوع. وكل ذلك من أجل امتصاص غضب القاعدة وإلحاقها بأحد المكاتب المصنوعة. إنها لعبة إعادة التحكم في المشهد النقابي والسياسي والنضالي، والتي يبقى أحد أهدافها قتل أي إمكانية لبروز وتطور البديل المنشود، فلنتحد ولننتظم ولنتموقع من أجل البديل المنشود، من أجل مشروع الطبقة العاملة، مشروع القضاء على كل استغلال واضطهاد.. ولنساهم بشكل جدي في بناء هذا المشروع.
شارك هذا الموضوع على: ↓