هناك عبرة مشهورة، تقول: "إذا نطقت مت.. وإذا سكتت مت.. قلها ومت".. وهناك أقوال مأثورة عديدة، من بينها نظم الشاعر: "إذا لم يكن من الموت بد،
فمن العجز أن تموت جبانا". وكذلك القولة: "البحر اللجي أرحم من البركة الآسنة"... بالتأكيد، هناك الكثير من الحكم والعبر القديمة والحديثة التي تفرض نفسها علينا اليوم.. لكن، مشكلتنا العويصة تتمثل في التجاهل والعجز، وبالتالي الارتماء في الفراغ القاتل، الفراغ العميق، إرضاء للذات الانتهازية المريضة أحيانا، وخدمة لأجندات هذه الجهة السياسية الجبانة أو تلك أحيانا أخرى..
إن الثورة المغربية لن تتحقق على أرض الواقع من خلال ترديدها كشعار جميل أو كجملة جميلة/مفيدة. ولن نكون ثوارا من خلال تقمص صور الثوار والشهداء أو الترديد الببغائي لتحليلاتهم وأفكارهم وشعاراتهم ومواقفهم..
إن الثورة المغربية لن تتحقق من خلال أخذ الصور في ذكريات الشهداء (إن الشهداء ليسوا للبيع وليسوا علامة تجارية للتسويق...) أو فوق قبورهم أو الى جانب عائلاتهم، ثم قصف صفحات الفايسبوك بالتعليقات القزمية والصور المكرورة..
لقد انتهى زمن عرض العضلات (غير المفتولة) أو "المفاتن" (القبيحة) أمام الشاشات المشبوهة والمدفوعة الأجر.. لقد انتهى زمن التشويش والمزايدة في الهوامش.. لقد انتهى زمن النكرات التي تسعى بكل "جهد" (بما في ذلك استجداء التعاطف) لفرض نفسها وتسويق خطاب لا يمت لها ولتاريخها المشبوه والملوث بصلة..
إننا نعيش زمن البناء الجاد والمسؤول.. زمن التحدي الحقيقي.. زمن الإبداع النظري والعملي..
أيها المناضلون الحقيقيون، أيتها المناضلات الحقيقيات:
لنعانق العمال والعاملات.. لنعانق الفلاحين الفقراء والفلاحات الفقيرات.. لنعانق المضطهدين والمضطهدات في كل مكان من بلدنا الحبيب..
لنتجند لمواصلة المعركة من داخل السجن/القبر ومن خارجه..
لنقتحم مواقع الفعل الحارقة بأرجلنا وبأقلامنا.. ولنترك العواء للذئاب والأنين للنعاج..
إن معنى العنوان "الانتخابات الجماعية بالمغرب: قاطع ومت.." هي الدعوة الصريحة والمسؤولة الى ممارسة موقف المقاطعة..
إننا، بموقف المقاطعة، نتهم بالعدمية، وفي أحسن الأحوال بالمزايدة.. ماذا تريدون؟
تريدوننا أن نشارك في المهزلة.. لا وألف لا.. إن المشاركة في مهزلة 04 شتنبر 2015 موت حقير.. ونعتقد أنه لا داعي لتفسير الواضحات/المفضحات..
وموقف المقاطعة؟ إنه موقف بسيط في حالة ترديده من الأبراج العاجية.. موقف لا يعبر بالضرورة عن "الثورية" أو عن "التجذر".. إنه تحصيل حاصل.. وبدوره لا يحتاج الى تفسير.. إنه بالفعل موقف العاجز في حالة الاكتفاء بترديده كشعار في الفراغ..
لكن، موقف المقاطعة مسؤولية.. ولا معنى للمقاطعة دون ممارستها على أرض الوقع والاستمرار في تجسيدها كمواقف من النظام القائم، كنظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي..
نحن ضد المقاطعة السلبية.. إننا لا ندعو الى المقاطعة من أجل المقاطعة أو إرضاء للذات أو خدمة لجهة من الجهات..
إننا لا ندعو الى المقاطعة هنا والمشاركة هناك.. نحن منسجمون كموقف وكفعل، وكماض وحاضر، وكتاريخ حافل بالتضحيات.. ولا يمكن في الأخير إلا أن ندعو الى المقاطعة..
أما أن نتهم بالابتعاد عن الشعب وعن الطبقة العاملة وعن الفلاحين الفقراء، فتلك تهم مكرورة (اسطوانات مشروخة)، تهم مجانية لا نعيرها اهتماما (تهم حاقدة وتافهة كأصحابها).. فحتى الأحزاب العتيدة والنقابات التاريخية المشاركة في المهزلة بعيدة عن الشعب وعن الطبقة العاملة وعن الفلاحين الفقراء.. وفي جميع الأحوال، لسنا مجبرين، بأي منطق أو قانون، على تقديم التقارير المفصلة عن نضالاتنا للنظام وأجهزته القمعية وللببغاوات المتسكعة..
والخطير هنا هو تواطؤ هذه الأحزاب الكارطونية والقيادات النقابية البيروقراطية مع النظام ضدا على مصالح الشعب المغربي وعن مصالح العمال والفلاحين الفقراء وعموم المضطهدين..
أما نحن، فلا ندعي "السحر" ولا نمتلك "عصا موسى".. إننا نعي جيدا أنه "لن يرضى علينا النظام، ولن ترضى علينا حواري النظام من قوى رجعية وإصلاحية، حتى نتبع "ملتهم").. إننا نعبر عن طموحات شعبنا في التحرر والانعتاق، وهي الطموحات التي قدم من أجلها الغالي والنفيس، ونناضل من موقع الطبقة العاملة، كماركسيين لينينيين قولا وفعلا، من أجل انتصارها وتحررها، بدء من الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية الى الثورة الاشتراكية المجسدة لديكتاتورية البروليتاريا..
سنقاطع الانتخابات الجماعية المقبلة، قولا وفعلا، وليكن ما شئت يا "وطني"..
شارك هذا الموضوع على: ↓