عنوان سنة 2015 هو احتدام الصراع الطبقي بين التحالف الطبقي المسيطر و أسياده الامبرياليين من جهة وما بين الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و عموم الكادحين و المهمشين من جهة أخرى.
هي حصيلة كارثية على جميع المستويات. بحيث استمر الهجوم الشرس للنظام على ما تبقى من مكتسبات الجماهير الشعبية للحفاض على مصالحه الطبقية و تكريسه للتبعية للدوائر الامبريالية و ما تمليه مؤسساتها المالية (صندوق النقد الدولي، البنك العالمي، الخ.).
فقد استمر الهجوم على كل مناحي الحياة من الاستمرار في الاستغلال البشع للطبقة العاملة مرورا باستكمال مسلسل خوصصة التعليم والصحة والاجهاز على الحق المقدس في الشغل ثم الاستمرار في مراكمة الخطوات المؤدية لحدف صندوق المقاصة (...الخ) وصولا الى قمع الحركات الاحتجاجية والاعتقال السياسي.
الهدف هو تركيز الثروة في أيدي قلة قليلة و نهب ثروات الشعب بكل الطرق وبأي الثمن.
وفيما يلي بعض الخطوط العريضة لبعض مناحي اللهجوم الذي استمرت فصوله طيلة سنة 2015:
- الاستمرار في إرهاق الجماهير الكادحة برفع الضرائب المباشرة و غير المباشرة: فقد تم رفع جل الضرائب التي يؤديها المستهلك النهائي (الجماهير الشعبية) بشكل مباشر خاصة الضريبة على القيمة المضافة (ض.ق.م) وفيما يلي بعض الأمثلة:
* ض.ق.م على الكهرباء مرت من 14 الى 20%، نفس الشيء بالنسبة للضريبة على الشاي تم رفعها من 14 الى 20%.
* ض.ق.م على الماء انتقلت من 10 الى 14%، الدقيق و الروز من 10 الى 20%، ض.ق.م التي تخص آداء الطريق السيار مرت من 10 الى 20%، إلخ.
فالضرائب غير المباشرة وحدها، التي تشكل الضريبة على القيمة المضافة جزءا مهما منها، قدرت في ميزانية 2015 ب 80٫8 مليار درهم، أي ما يفوق 30% من حجم المداخيل العامة لنفس الميزانية و التي تثقل كاهل الجماهير الشعبية الرزحة تحت وطأة الفقر والبطالة والمعاناة التي تعيشها.
وللاشارة فالضرائب فاقت 66% من مداخيل ميزانية 2015. ضرائب يتم تحصيلها حكرا من جيوب الكادحين فيما تنعم الشركات بإعفاءات ضريبية و امتيازات لاحصر لها.
* رفع الاسعار: اضافة الى رفع الضرائب، فإن السعر الاساسي لكثير من المواد الاساسية تم رفعه. و بالمقابل بقي سعر مشتقات البترول ثابتا بالرغم من أنه وصل ادنى مستوياته في السوق العالمية مند سنوات حيث انخفض من حوالي 100 دولار للبرميل ليصل نهاية دجنبر 2015 الى 37 دولار للبرميل الواحد.
ان الزيادات المهولة في الاسعار و بالتالي تكلفة العيش تعني خفض الاجور للقلة القليلة التي أسعفها الحظ في الحصول على "عمل" بالشروط القاسية المعروفة في جميع القطاعات (التعليم، الصحة، الشركات، إلخ).
و لمواكبة تكاليف العيش المرتفعة يتم اللجوء للاقتراض من الابناك أو عبر شركات القروض الصغرى "الميكرو كريدي" التي انتشرت كنبات الفطر و فتحت مكاتب حتى في القرى النائية. و تتحدث بعض الارقام عن أن حوالي 40% من المواطنين المغاربة المتوفرين على حساب بنكي، لهم حساب دائن (débiteur) حتى بعد الحصول على "الاجر" الشهري! و النتيجة هي الارباح الصافية الخيالية التي تحققها الابناك و التي تقدر ب ملايير الداهم. هاته الابناك غزت معظم البلدان الافريقية و الاوربية كنتيجة لمداخيلها المرتفعة و امتصاصها لدماء الجماهير الشعبية (التجاري وفابنك (الهولدينغ الملكي) أو البنك م.ت.خ (بنك بنجلون) نمودجا).
* الاستمرار في تنزيل المخططات الطبقية الهادفة لاستكمال خوصصة التعليم و الصحة و ضرب الحق في الشغل و حدف كل النفقات العمومية و من ضمنها صندوق المقاصة.
* تراكم الديون في محاولات يائسة لتغطية الازمة: في انتظار الحصيلة النهائية لسنة 2015 من المقرر ان يفوق حجم الدين العمومي الاجمالي 80 مليار دولار، أي ما يقارب 80% من ال P.I.B. من المتوقع أيضا أن تفوق حصة الدين الخارجي 30 مليار دولار. كما عمقت اتفاقات التبادل الحر المشينة عجز الميزان التجاري و حجم المديونية لهاته السنة. و سيستمر النظام في الاقتراض سنة 2016 كاستمرار لارتباطه بحبل سري بالدوائر الرأسمالية. و يبقى المغرب، كما صنفه تقرير لصندوق النقد الدولي، من بين الدول الاكثر اقتراضا في السنوات الاخيرة.
في المقابل استمرت الحركات الاحتجاجية كاحتدام لطاحونة الصراع الطبقي ببلادنا : تظاهرات ضد رفع تكاليف المعيشة و ضد الهجوم على مكتسبات الجماهير الشعبية لعل أبرزها نضالات الحركة الطلابية ، المعطلين، الاساتدة المتدربين، نضالات عمال الشركات و الضيعات الفلاحية و تظاهرات مدن الشمال و مدن اخرى ضد غلاء المعيشة ( الماء و الكهرباء...)، احتجاجات ضد الفقر و التهميش طالت جل المدن و حتى القرى البعيدة.
أكدت هاته النضالات التي تميزت بخروج الجماهير الشعبية للشارع بأعداد هائلة، ان حاجز الخوف قد انهار بلا رجعة و لولا غياب الاداة الثورية و تشتت الحركة الماركسية اللينينية المغربية لكان الامر مختلفا تماما.
و بالموازاة مع نضالات الشعب المغربي هاته تستمر القيادات النقابية في لعب الادوار المنوطة بها كشريك في تنزيل المخططات الطبقية للحصول على بعض الفتات مقابل دفاعها عن مصالح الرأسمال.
وادا كانت نضالات الجماهير الشعبية قد ارتفعت وتيرتها، فإن بطش النظام و شراسة قمعه قد ازدادا أيضا، و امتلئت السجون بالمعتقلين السياسيين و في مقدمتهم معتقلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمعظم المواقع الجامعية (تازة، فاس، مكناس، الراشيدية، اكادير، مراكش..) و معتقلي باقي الحركات الجماهيرية كدليل على احتداد الصراع وعمق الازمة التي يعيشها يجتازها المجتمع المغربي على جميع الحقول في ظل النظام القائم و لان الاستبداد لن يدوم امده الا بمزيد من القمع و التشريد و التقتيل. الازمة التي يعيشها المجتمع المغربي كميزة رءيسية للوضع الراهن هي أزمة لا تنفصل طبعا عن عمالة النظام الرجعي القائم للمستعمرين والصهيونية وارتباطه البنيوية بالامبريالية، أي أن تناقضاته ترتبط بتناقضات الامبريالية التي تستمر في تصريف ازمتها البنيوية على كاهل الشعوب دون هوادة.
كما يستمر النظام في الانفاق على التسلح والانخراط أكثر في العدوان على الشعب اليمني ثم هدر أموال الشعب بسخاء لتسييد التقافة الرجعية عبر تمويل مهرجانات البهرجة، كرة القدم، برامج قنواته الاعلامية، دعم القوى الظلامية والاستمرار في توكيلها مهمات الهجوم على اي فعل نضالي للحركات الجماهيرية، خاصة نضالات الطبقة العاملة والحركة الطلابية.
ولعل العنوان الابرز لسنة 2016 هو الاستمرار في تنفيد مخططات التقويم الهيكلي الطبقية التي بدأ العمل بأولى فقراتها مند فجر الثمانينات، اي استكمال خوصصة القطاعات العمومية (التعليم، الصحة...) و تفريش الارضية لبدء خوصصة قطاعات أخرى مثل الفوسفاط (حوالي 60 مليار درهم كمدخول سنوي) و السدود ثم حدف الدعم عن المواد الاساسية (حدف صندوق المقاصة) و الاجهاز على ما تبقى مما يسمى بنظام التقاعد لان المواطن لا يحصل الا على جزء قليل جدا مقابل ما دفعه طيلة سنوات حياته ل"صندوق الضمان الاجتماعي" رمز الفساد و النهب ببلدنا.
باختصار سيستمر الهجوم على مكتسبات الجماهير الشعبية. سيستمر تمركز الثراء والبذخ لدى الطبقة البرجوازية، وتمركز الفقر والبطالة والجوع لدى الجماهير الكادحة. فالنظام عاجز عن أي تحسين لوضعية الجماهير الشعبية وسينتج عن ذلك تعمق الأزمة الاقتصادية الدائمة للنظام و التي ستقوده حتما نحو الإفلاس الاقتصادي.
في غياب حزب الطبقة العاملة للدفاع عن مشروعها الطبقي لتحرير المجتمع من نير الاضطهاد و الاستغلال، يزداد حجم المهام الملقاة على عاتق المناضلات و المناضلين الماركسيين اللينينيين لتبني نضالات الشعب المغربي و تفجير مزيد من المعارك النضالية و تأطير نضالات الحركات الجماهيرية: الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الشباب الثوري.
على الحركة الماركسية اللينينية المغربية ان تستخلص الدروس من الماضي، فبدل الانشغال بالخلافات الهامشية و التي لن تخدم الا النظام في اخر المطاف، ينبغي أن تقوم برص الصفوف و بالدور الحاسم في بناء الاداة الثورية من داخل كفاحات الجماهير و التجدر داخل الطبقة العاملة و بلورة الوعي البروليتاري الكفيل بقلب المعادلة و انتصار نضالات الشعب المغربي.
شارك هذا الموضوع على: ↓