منذ إعلان قيام الكيان الصهيوني سنة 1948 أو بالأحرى منذ السنوات الأولى للقرن العشرين، وبدعم لا محدود من الامبريالية وهذا الأخير يقوم إما عن طريق دولته أو
بموازاتها عن طريق الجماعات الإرهابية الصهيونية بشراء واغتصاب ومصادرة أراضي الفلسطينيين مدعوما بترسانة من القوانين، من جملتها "قانون الغائبين" لسنة 1950، و"قانون سلطة التطوير" ذات السنة من أجل إنجاح مشروعها الاستيطاني التوسعي. ورغم الإجرام الصهيوني ووحشيته حافظت العديد من المناطق على طابعها الفلسطيني الأصيل -الإمبراطورية العثمانية كانت لها اليد الطولى في تشكيل المجتمعات الرازحة تحت سيطرتها-. لذلك عمد الكيان الصهيوني أواخر سنة 1975 عبر سن خطة "تطوير الجليل"، أو على الأصح "خطة تهويد/تصهين الجليل" قصد خفض أعداد الفلسطينيين من خلال مصادرة أراضيهم الزراعية، والتضييق عليهم اقتصاديا واجتماعيا ما يؤدي الى دفعهم/إجبارهم نحو الهجرة.
مطلع سنة 1976 سيقوم اسحاق رابين وزير الدفاع آنذاك (وهو بالمناسبة حاصل على جائزة نوبل للسلام) بتفعيل خطة المصادرة، حوالي 21 ألف دونم من الأراضي الزراعية ( الدونم يساوي 1000 متر مربع)، ليتم الإعلان عن إضراب عام يوم 30 مارس من نفس السنة. فرغم كل المحاولات التي سبقت هذا التاريخ لمنعه وتجريمه، إلا أن الشعب الفلسطيني هب في انتفاضة شعبية عمت كل فلسطين التاريخية ووجهت بالقمع والقتل من طرف الكيان الصهيوني وليسقط على إثرها العديد من الشهداء والمئات من المعتقلين. ومن هنا جاءت التسمية "يوم الأرض" والذي أسس للنضال الوطني الفلسطيني على قواعد جديدة، وليثبت للكيان الغاصب أن الشعب الفلسطيني سيبقى متشبثا بأرضه رغم حجم التكالب الامبريالي الصهيوني الرجعي.
لا يخفى على كل من يتبنى التحليل المادي للتاريخ أو ينازع في أن النظام الرأسمالي لا يمكن له البقاء على قيد الحياة ما لم ينزع نحو التوسع في إطار اللاتكافؤ الذي يطبع تطور المجتمعات البشرية. لذلك، كانت الاستعانة بالفكرة الدينية (الحركة الصهيونية) أهم ما ارتكز عليه النظام الرأسمالي وفي إطار الصراع كذلك ما بين الدول الرأسمالية للسيطرة على مقدرات وخيرات شعوب المنطقة، أو ما يسمى استراتيجيا منطقة "الشرق الأوسط"؛ فعمل هذا النظام الاستعماري على إقامة كيان عنصري مصطنع بالأرض الفلسطينية لا يمكن لكل منهما (النظام الرأسمالي العالمي والكيان الصهيوني) الاستمرار سوى بتشجيع سياسة الاستيطان والتوسع عبر مصادرة أراضي الفلسطينيين محققا العديد من الأهداف الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية. إنه رسم للأدوار وتجسيد للوظائف، لتنفيذ السيطرة الامبريالية بفكرة صهيونية ودعم عبر الوكلاء المحليين الرجعيين على كامل المنطقة وشعوبها.
وإذ يحيي الشعب الفلسطيني يوم 30 مارس هذه السنة، الذكرى الأربعون ليوم الأرض الفلسطيني، وهي الذكرى التي يخلدها معه كل شعوب وأحرار العالم، للتعبير عن تشبثه بالأرض الفلسطينية، كما أنها صرخة كفاح ومقاومة ضد مخططات المصادرة والتهجير، وللفت انتباه العالم لما يعانيه الشعب الفلسطيني من إجرام وإرهاب من طرف الكيان الصهيوني الغاصب أمام تواطؤ وصمت العديد من الأطراف المختبئة وراء الشعارات الخادعة (الديمقراطية وحقوق الإنسان...). كما أن تخليد الذكرى يعتبر تعبيرا عمليا وقويا عن عدم الاستكانة أو التفريط في الحقوق الوطنية رغم كم التنازلات الهائلة لقياداته العميلة عبر الاتفاقات والمفاوضات والتي ترمي كما قلنا الى تأبيد السيطرة الامبريالية الصهيونية الرجعية على شعوب المنطقة ومقدراتها.
* هل من علاقة بما سبق؟
حول مصادرة أراضي الساكنة بمنطقة أغروض التامري شمال مدينة أكادير.
يشاء مكر التاريخ أن يتصادف تاريخ الانتفاضة الشعبية للشعب الفلسطيني جراء مصادرة حوالي 21 دونم من اراضي منطقة الجليل باسم " قانون سلطة التطوير" سنة 1976 من طرف الكيان الصهيوني بتاريخ صدور ظهير 1976 بالمغرب يقضي بنزع الملكية قصد المنفعة العامة بمنطقة أغروض التامري، وهو الإجراء الذي تم دون سابق معرفة للملاك الأصليين، حيث لم يتم نشره بمقرات تراب الجماعات القروية المعنية، كما ان الفصل الرابع من هذا الظهير يمنع العدول والموثقين والمحافظ العقاري والموظفين العموميين من تحرير أي عقد بهذه المنطقة منذ نشر هذا الظهير سنة 1976، وهو ما منع الساكنة من ربط سكناهم بالماء والكهرباء، ويواجهون بالبناء بدون رخصة كونهم محتلين أرضا كانت لهم وأصبحت بموجب هذا الظهير في ملكية "شركة تهيئة خليج أكادير" المعروفة اختصارا " صونابا"، ولتتحول ابتداء من 2011 الى الشركة المغربية للهندسة السياحية والمكونة من مجموعة مساهمين أبرزهم "صندوق الإيداع والتدبير" ومجموعة "أكوا" لمالكها أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري الحالي. إنه ظهير يهدف ادعاء الى تطوير وتثمين المنطقة سياحيا، لكن ليس لجهة الساكنة ومصالحها، بل لفائدة الشركات الاستثمارية الكبرى المحمية من طرف النظام القائم، علما أنها، أي المنطقة، تتوفر على مؤهلات وثروات طبيعية غنية يسيل لها لعاب الرأسمال العالمي ووكلائهم المحليين.
معرفة خبايا وحقائق هذا الملف جد متشعبة لإيفائه حقه قصد تنوير الرأي العام والشعب المغربي. لكن هناك مجموعة من الأسئلة لا تحتاج الى فراسة للإجابة عنها. مثلا، كيف تم تحديد التعويض في سعر يتراوح ما بين 10 دراهم و60 درهم للمتر المربع حسب موقع كل ملكية منزوعة؟ وكيف تحول ظهير نزع الملكية لأجل المنفعة العامة في إطار المشروع السياحي " تغازوت باي"، وانتهى بالمنفعة الفردية والخاصة بتفويتات للخواص والشخصيات المتنفذة لإنشاء مشاريعهم الاستثمارية الخاصة؟
أسئلة عديدة، ليست في حاجة الى أجوبة نظرية. إنها في حاجة الى أجوبة عملية وميدانية..
إن العدو واحد بفلسطين، المغرب وبكل بقاع العالم.. إنه الرجعية والصهيونية والامبريالية.. هم من يتكالب على حقوق الشعوب المضطهدة.. هم من ينهب خيراتها ويمتص دماءها ويقتل أبناءها.
المجد والخلود لشهداء يوم الأرض ولكل الشهداء الفلسطينيين
كل التضامن مع الشعب الفلسطيني البطل ومع معتقليه
الخزي للخونة المتاجرين بقضيته/ قضيتنا..
شارك هذا الموضوع على: ↓