أستاد متدرب //فصل التكوين عن التوظيف ضربة قاصمة لجسد المدرسة العمومية العليل

تروم بعض التحليلات السطحية إلى دفع الأساتذة المتدربين إلى الرضوخ للمرسومين تحت تبريرات وتحليلات مبنية على قولبة المصوغات القانونية الماكرة لمخطط النظام بعيدا عن استيعاب الدوافع الفعلية لوضع تلك المراسيم في سياق

حملة متناسقة للإجهاز على ما تبقى من مكتسبات للشعب المغربي في قطاع التعليم. وهو ما يفرض التنبيه إلى كون الصيغة المذكورة تعطي المشروعية للمرسومين بل وتؤكدها، وتختزل جوهر الصراع حول الشكليات القانونية المخترقة أثناء تنزيلهما واعتبار أن المشكل هو في شمول تنزيلهما لهذا الفوج من عدمه. وفي بعض الأحيان تروج لكون الحل هو الرفع من عدد المناصب المالية لتصل إلى 10 (عشرة) آلاف منصب وتشغيل كامل الفوج مع الاحتفاظ بالمرسومين، وهي المقاربات الانتهازية التي يتم الدعاية لها من أجل الترويج لانتصار زائف يتم التحضير له منذ تأسيس هيئات الدعم/الوساطة المشبوهة لصالح صناع المرسومين.

 إن عمق تأثير المرسومين على المدرسة العمومية في وضعها الحالي يجعل المعركة من أجل إسقاطهما أولوية لكل الغيورين على المدرسة العمومية وحق أبناء الشعب المغربي في تعليم شعبي ديموقراطي علمي وموحد. فالجانب الذي يود البعض تركه في الركن المظلم هو كون المرسوم القاضي بفصل التكوين عن التوظيف يدخل في إطار حملة ممنهجة اختير لها شعار الرؤية الإستراتيجية والتي تتأسس على سيرورتين للهدم من جهة وللبناء من جهة أخرى. بعملية حسابية بسيطة عدد المتقاعدين سنويا يصل إلى قرابة 14 ألف مدرس ينضاف إليه عدد ملفات التقاعد النسبي الذي فاق هذه السنة 8 آلاف ملف، مما يجعل رقم الخصاص بهذا القطاع الناتج عن عملية التقاعد لهذه السنة وحدها يصل إلى قرابة 22 ألف. وبطرح عدد المناصب المقترحة يتضح أن الخصاص الإجمالي للقطاع يتعمق بقرابة 15 ألف منصب في سنة واحدة. وتلجأ الوزارة من أجل التستر على هذا الواقع المأساوي إلى تكديس التلاميذ داخل الحجرات الدراسية لتبلغ أعدادهم في بعض الأحيان 70 تلميذا في القسم وضم معظم أو كل مستويات التعليم الابتدائي في حجرة واحدة وأستاذ وحيد. بل في كثير من الأحيان، يتم إلغاء التفويج في المواد العلمية وتقليص الغلاف الزمني لمجموعة من المواد كاللغة الفرنسية والرياضيات مبشرا بتقليص زمن التمدرس ابتداءا من الموسم الدراسي المقبل كما يستند النظام إلى صيغ فجة من قبيل دفع الآباء إلى تحمل تكاليف تدريس أبنائهم لبعض المواد عبر فرض إتاوات تقوم بتحصيلها جمعيات الآباء من أجل الدفع لمتعاقدين مع المؤسسات التي بلغ فيها مستوى الخصاص عدم القدرة على تغطية بعض المواد. وهذا هو الجزء الظاهر من عملية الهدم الممنهج لما تبقى من المدرسة العمومية، أما الجزء الذي تبشر به التدابير ذات الأولوية فهو تكثيف الدعم المباشر وغير المباشر للمستثمرين تحت مجموعة من المسميات والإجراءات وترك المدرسة العمومية تغرق في مشاكلها. ومن أجل مزيد من التمويه على وضع الخصاص المهول يتم اللجوء إلى طبخ مشاريع قوانين تمدد خدمة المتقاعدين إلى ما بعد ستين سنة (63 سنة في الصيغة الحالية). وبالتالي يصبو هكذا إجراء إلى تأجيل تداعيات الخصاص لبضع سنوات أخرى ليلتقط النظام أنفاسه ويجد مبررا للمرور إلى نظام العقدة عبر خلق قاعدة مادية لهذا التوجه. ولعل السيرورة الثانية تندرج في هذا الإطار.

 بنفس العملية الحسابية سنحصل على عدد فائض من الأطر المكونة موجه إلى مخرجين محتملين أولهما والأكثر وضوحا هو تغذية القطاع الخاص ب3000 أستاذ مكون من أموال الشعب وهي "الصدقة الجارية" المفتوحة بكرم حاتمي حتى إشباع حاجيات القطاع الخاص مع فسح المجال للسيناريو الثاني الذي يتمثل في خلق الأسس المادية للانتقال الى التعاقد داخل الوظيفة العمومية من خلال إنتاج فئة تشكل حاضنة للمشروع المعبر عنه ما من مرة، سواء بشكل مضمر من داخل الرؤية الإستراتيجية أومن خلال التصريحات المتكررة لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث القطاعات.

إن المشهد الإجمالي يوضح بعض ملامح الخطة الجديدة القديمة للنظام فيما يخص الوظيفة العمومية وخاصة قطاع التعليم وتناول الموضوع من زاوية أحادية أو فصل كل إجراء عن السياق العام الذي يأتي فيه لن يساهم إلا في التستر عن الهجمة الشرسة التي يخوضها النظام على القطاعات الاجتماعية بغية تصفيتها الواحد تلو الآخر. والإجراءات التي يتم الشروع في تنزيلها ليست خرقاء بالدرجة التي يود البعض تصويرها بها، فالأمر يتعلق بخطة متكاملة ينبغي بذل المزيد من الجهد من أجل فضحها وخوض المعارك اللازمة من أجل التصدي لها وإفشالها. وهي في جميع الأحوال جزء من المعركة الشاملة لشعبنا من أجل تحرره وخلاصه.. 

شارك هذا الموضوع على: ↓

Facebook

Tweet

Twitter

Google+