كل الاساليب الاجرامية لتحطيم المعارك النضالية جائزة في عرف وتاربخ النظام القائم بالمغرب.. التفخيخ التلغيم، التفجير، الاختراق،القمع، شراء الدمم، الحوارات
الفارغة.. كل هذا يعتمده النظام كأسلوب لإيقاف تطور معارك الجماهير الشعبية، وتوسعها، وانتشارها، حتى لا تحقق الانتصار، وانتزاع المطالب، وكذلك، حتى لا يترك أية فرصة أمامها لتترسخ القناعة لديها بأن النضال هو السبيل الوحيد لانتزاع المطالب، وأن الحقوق تنتزع ولا تعطى، وحتى لا يتطور وعيها وتبرز قيادتها وتتقوى ثقتها بنفسها وبمناضليها، ولا تقتنع بأدواره في التوعية والتنظيم.
وفي حالة فشل سياسته، وتمكنت حنكة وتجربة الجهة المناضلة، من تجاوز هذه الفخاخ، والشباك، واستطاعت قيادة الجماهير إلى الانتصار، ولو جزئيا، كما هو الحال مع معركة فلاحي منطقه الواتة كنمودج، فلن يتردد ولو لحظة في البدء بالتفجير، وحرق اليابس والأخضر دون اكتراث للنتائج.
فبقدر ما له من الامكانيات، لحبك الخطط والمؤامرات، ونسج الدسائس وإخراج المسرحيات والمهازل، للتغطية على الأساليب الإجرامية، كذلك له الكثير من الأبواق المنظمة والمنظمة لقواعد اللعبة السياسية للتضليل، سياسية ونقابية وجمعوية واعلامية، وعدد كبير من الايادي القذرة الموضوعة تحت الطلب، المستعدة لسلك كل الطرق لخدمة أجندته الإجرامية، من العياشة، والبركاكة، والشكامة، و الشناقة، وسماسرة الانتخابات، والوصوليين، والانتهازيين الذين يتم تسويقهم كأبطال ومخلصين للجماهير من شر النضال والمناضلين، ويقدمون كمنقذين، لولاهم لكان انتقام النظام أشد فتكا على الجميع، ولما تحقق أي مطلب، وهم في الحقيقة مجرد مخبرين وعملاء، مدعومين من الملاكين العقاريين والرأسماليين، ومن الاحزاب الرجعية، ومن الديناصورات الانتخابية، ليقفوا ضد المعارك البطولية، ويعملوا على إفشال جميع الأشكال النضالية. وفي تجربة معركة فلاحي زاوية سيدي بنعيسى-الواتة بعد انتصارها تراهم يجرمون المناضلين، في محاولة لعزلهم ومحاصرتهم عبر ترهيب وتهديد الفلاحين بالابتعاد عنهم ، وبالسموم التي ينشرونها كخطوه في مسلسل تدمير وتخريب، التراكمات النضالية، وتبخيس التضحيات المقدمة.
إن المناضل لا يحيا بالمجاملات.. ولا ينتظر التقدير لعطاءاته وتضحياته، فهذا الجانب من مهام التاريخ وليس من أجله يحيا المناضل.. ولكن هذا لا يعني أنه لن يتألم حين ينظر لتضحياته وعطائه تدفع لتصب في المكان المخادع.. والجريمة ترتب بكل عناية مرة أخرى لاشعال فتيل الاقتتال، وسط فلاحي الزاوية الذين يشكلون رأس الحربة في المعركة البطولية، وذلك بخلفية تقديمها وتسويقها كنموذج فاشل للنضال لدى عموم فلاحي المنطقة والجهة بشكل عام .
طبعا إن الهدف من وراء تهديد وترهيب الجماهير، هو:
اولا: تحويل انتصار الفلاحين لهزيمة أو مأتم، وانتزاعه منهم، وإرجاعه للنظام، صاحب المنن، والعطايا، والهبات، وليس للتضحيات المقدمة في سبيل ذلك.
تانيا : التغطية على طريقة فرق تسد، تلك السياسة العنصرية المستمدة جذورها من المستعمر، والتي سلكها النظام طيلة فترة المعركة، بهدف تحريف مسارها وتأجيج الاقتتال والفتن وسط فلاحي المنطقة، وتشجيع الاجرام، خدمة لأصحاب المصالح الانتخابية، والملاكين العقاريين والرأسماليين الكبار، وبقايا الاقطاع.
ثالثا : إعادة ترتيب الوضع وضبطه بما يمنع افساد التهيء للعبة السياسية، وبالأخص مسرحية الإنتخابات المستقبلية، باعتبارها مخرجا له، حيث نجده منذ الآن، يدفع للواجهة من يرى فيه القدوة والمدافع الشرس عن مصالح الملاكين العقاريين الكبار، ويمهد له الطريق، ويبدد له الصعاب لتمكينه من اختراق فلاحي المنطقة، وخاصه فلاحي الزاوية من أجل احتوائهم وقتل روح التضحية وتخريب ما اكتسبوه من وعي خلال تجربة المعركة التي امتدت لما يزيد عن ثلاث سنوات. وبهذه الخلفية يعمل لإحداث ثغرة، عبر ما يسمى مسرحية الانتخابات، من خلال الوسطاء، لشرعنة الثقب المائية بالمنطقة، وإعدام مطلب كل الفلاحين، المعنيين بمياه عين الواتة، القاضي باغلاقها.
ان الوضع الجديد، الذي انتجه انتصار المعركة، جعل النظام اللا وطني اللا ديمقراطي اللاشعبي يسابق الزمن لاجهاض أي نهوض جديد لفلاحي المنطقة، وذلك عبر تكتيك "الهجوم خير وسيلة للدفاع" لمنع فضح ممارسته وخططه، وللحيلولة دون توحيد الفلاحين على أرضية ملفهم المطلبي وانخراطهم في معركة موحدة ضد عدوهم الطبقي المسؤول عن تبوير أراضيهم السقوية، بعدما زالت الضبابية، وتوضحت أسباب وحقيقة سياسة التبوير، واتضح أن النافذين والساهرين على هذه الجريمة يتربصون بملكية الفلاحين الصغار وبترحيلهم .
إن شعبنا لا يراكم النضال والتضحيات من أجل التراكم.
إن تضحيات شعبنا تقدم من أجل أيام أفضل، من أجل فجر بدون اضطهاد وبدون استغلال وبدون جوع وبدون حرب،.. فمن أجل هذا المجتمع البديل تقدم التضحيات. وفي سيرورة النضال والتضحية يبرز الشعب مناضليه. وفي خضم المعارك يبرز المناضل، ويصنع الأبطال، أولئك القادرون على التحمل والصمود. لكن هذا غير كاف لنقل التضحيات لمستوى تحقيق طموحات شعبنا، وهذا ما يستدعي من كل من يؤمن بأن التاريخ إلى جانب العامل وحليفه الفلاح الفقير، تحمل المسؤولية في تطوير الجهود وكل التراكمات. وهي مسؤولية جماعية وتاريخية.