من يمسك بزمام الحكم القائم على العنف الرجعي بالبلاد؟
إنها حفنة من الوسطاء المسنودين من طرف الامبريالية، الممارسة للحكم المطلق، رغم ما قد يبدو من طلاء الدستور الممنوح والمؤسسات الصورية (حكومة، رئاسة حكومة، برلمان بنوابه ومستشاريه...).
وما نواب "الأمة" سوى ممثلي البورجوازية الكبيرة المستثمرة في إطار الوساطة للامبريالية في كل مناحي الحياة لدى شعبنا، إن على مستوى التجارة أو الصناعة أو العقار، مع ما يرافق ذلك من استثمارات لا تحصى في مجال الخدمات والأبناك والتأمينات...
إن احتكار الكومبرادور وكبار الملاكين بالإضافة للبيروقراطية الإدارية والعسكرية لمقدرات شعبنا ولكل مناحي إنتاج الحياة وإعادة إنتاجها، يضرب في العمق -كما كان من قبل- كل وهم صارخ بصدد ما يسمى بالبرجوازية "الوطنية"، هذا الوهم الكبير الذي يغذي الممارسة السياسية للنظام القائم وأزلامه، ناصحيه في السر والعلن، ومن بينهم حاملي شعارات "التنازل" عن بعض السلطات لصالح "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، وطبعا عموم الجاثمين على صدور القواعد المناضلة، المثبطين لوعيها والمجهضين لحلمها في التحرر والانعتاق لكامل شعبنا. إن "نظافة اليد" و"رفض المقدسات" والتنطع الشكلي (المحسوب على المقاس) وباقي عبارات اللغة المضللة لا تصنع تغييرا جذريا ولا تصنع خلاصا لهذا الشعب المعروف عدوه. ونجد الطامة الكبرى في اصطناع التبريرات لمحاصرة مد شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، فبمجاهرة القوى التي تدعي السعي لتغيير الأوضاع القائمة بعدم القدرة على الانخراط في مسار الثورة المغربية مع تسجيل ارتباك واضح حول ما إذا كان عدم القدرة هذا ذاتيا أم موضوعيا، تكون قد وضعت نفسها في خانة الإجماع المزعوم، خانة أعداء الشعب، ويكتنفنا صراحة الفضول حول مصير هذه الطروحات في حالة بلغ عنف الجماهير الثوري مداه تجاه العنف الرجعي، أين سيصطفون؟!
بالنسبة للعديد من التنظيمات السياسية الإصلاحية، يبقى الوضع الحالي أفضل بكثير من نجاح انتفاضة شعبية تظفر بمكاسبها القوى الظلامية، وهذا المبرر يضع أصحابه في وضع جد محرج، إذ يكمن في طياته تفضيل واضح لاستمرار النظام القائم وحلفائه الموضوعيين عن انفتاح آفاق النضال الشعبي لمواجهة النظام والظلام في معمعان الصراع الطبقي، وبناء الحزب الثوري، حيث تقود الطبقة العاملة نضال التحرر والانعتاق من ربقة الامبريالية وبناء الاقتصاد الوطني.
هذا الوهم الكبير سرعان ما يصطدم بصخرة الواقع العنيد، واقع الصراع الطبقي الدائرة رحاه بالمغرب، واقع اصطدام مصالح هذه الطبقات أو تلك، واقع الاضمحلال الاقتصادي ومن ثم السياسي الذي يتغذى على اللازمة الشهيرة "غياب الإرادة السياسية" كلما خاب أمل الرهان على الإصلاح ليرتطم بدولة الكومبرادور ويعود القهقرى... هذا الوهم ما فتئ يتغذى ويقتات على نضالات الشعوب كلما همت للانتفاض على أوضاعها المأزومة. وغداة انتفاضة 20 فبراير، تسابقت مجموعة من القوى السياسية لتغذية "الإجماع" بشكل أو بآخر، وجاء خطاب 9 مارس المبشر بالدستور القديم/ الجديد، تباشير فصل السلط وصلاحيات الحكومة وآليات عدم الإفلات من العقاب... فماذا تعلمنا من بعد خمس سنوات عن انطلاق الانتفاضة كحلقة جديدة في مسار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية وبعدها خطاب 9 مارس شكلا ومضمونا وما بعده؟ إن أول درس ينبغي استيعابه هو سدادة الشعار الذي ألهم الجماهير في المنطقة برمتها "الشعب يريد إسقاط النظام"، وأن الامبريالية لا تنفك عن استعمال نفس الشرذمة من الوسطاء والسماسرة المحليين للتحكم في خيرات شعبنا، وأن وهم تخليق الحياة الاقتصادية والسياسية بفصل "السلطة" عن "المال" ما هو إلا وهم كبير إلى جانب حزمة الأوهام المغذية للإصلاح المثبط لعزيمة الشعب المغربي، المغتال لحلم شعبنا والمحبط لمعاركه، كل معاركه... وإن التاريخ سيذكر/يسجل الحركات المناضلة التي ساهمت بكل ما تملك من تراكمات مادية وفكرية في بوتقة الانتفاضة المجيدة والتي حاولت أن تكون في مستوى التضحيات الغالية لشعبنا دون ارتكان أو انتظارية، وعلى رأسها عموم المناضلين الشرفاء ومن بينهم المناضلون الماركسيون اللينينيون..
11 مارس 2016
مـلـحـق:
في : 11-03-2011
بيان النهج الديمقراطي القاعدي
إن الثورات تعلم الشعوب ما لم تستطيع قرون سابقة تعليمها إياه، إننا بالفعل نعيش لحظة تاريخية، فالحلم الذي يعيش من أجله الثوار ويقاومون من أجله قد اقترب من التحقق، والمسافة التي تفصله عن الواقع الموجود هي مسافة ثورة.
لقد فتح الشعب التونسي العظيم صفحة جديدة من تاريخه ومعه تاريخ المنطقة بأكملها، فأعلنها وبعده الشعبين المصري والليبي ثورة مدوية في وجه كل الرجعيات وعملائها، بأن طريق الحرية والديمقراطية هي طريق الثورة، وبأن المدخل السياسي للإجابة عن الأزمة هو التغيير الجذري ،أي الثورة وليس ما يصطلح عليه "بإصلاح الأنظمة الديكتاتورية"، وهكذا أصبح شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" ملهما لشعوب المنطقة بأكملها. وفي سياق هذا المد الثوري الجارف خرج الشعب المغربي للشارع يوم 20 فبراير وأجاب بدمائه (دماء الشهداء) ومئات المعتقلين السياسيين و الجرحى والمعطوبين، عن "الاستثناء المغربي" الذي روج له النظام وعملاؤه من أحزاب وجمعيات وإعلام…، معلنا بأن لا فرق بين الأسباب والدوافع التي فجرت الثورات بتونس ومصر وليبيا …، والأسباب والدوافع الموجودة ببلادنا، إنه تاريخ القمع الشامل المسلط على شعوب المنطقة، إنه تاريخ الاضطهاد والاستغلال الطبقيين، إن الانتفاضة التي فجرها الشعب المغربي يوم 20 فبراير وما بعده كاستمرارية لتاريخ المقاومة المسلحة وجيش التحرير والانتفاضات ( …58، 59، 65، 81، 84، 90 …) قد عجلت بنهاية "الاستثناء المغربي" في أسوء صوره، وهو ما ترجمه خطاب الكمبرادور يوم 2011/03/09، وقد كانت واضحة أرضية انتفاض الشعب المغربي الذي أصبح مهددا في قوته اليومي جراء المخططات السياسية والطبقية (مدونة الشغل، مدونة السير، مدونة الأسرة، المخطط الاستعجالي، قانون الإضراب…) المفروضة عليه قسرا من طرف النظام الرجعي، فضد هذه المخططات ومن أجل : إسقاط النظام، الحرية، العدالة الاجتماعية، المحاسبة على الجرائم الاقتصادية والسياسية والقتل الجماعي، التشغيل، التعليم، الصحة، السكن، غلاء المعيشة…، انتفض شعبنا الكادح، ليطل علينا الديكتاتور وهو لازال يعتقد بأن الشعب المغربي متاع يورث، ولعل حضور الأخ والإبن بجانبه يؤكد بأن مضمون الخطاب هو التأكيد القوي على استمرار نفس المرحلة، مرحلة الإستعمار الجديد (مرحلة الأب والجد) مرحلة ديكتاتورية الكومبرادور والملاكين العقاريين والبيروقراطيين الذين يمسكون بكل مؤسسات القمع والتجويع والتجهيل ونهب ثروات شعبنا (الفوسفاط، الثروة السمكية، المعادن …) ويمدون يدهم لقمع شعوب أخرى وعلى رأسها الشعب الصحراوي والمساهمة بكل قوة في تصفية مقاومة الشعب الفلسطيني عبر مختلف المؤامرات الإجرامية التي ترعاها الإمبريالية والصهيونية (لجنة القدس، مختلف اتفاقيات "السلام"/ الخيانة)، وما هذه إلا محاولة لإطالة عمر هذه المرحلة بقيادة "المؤسسة الملكية"، كما أن الشعب (حسب الخطاب) مملوك لسيده (شعبي العزيز) وهذا السيد هو من يعين وهو من يمنح، هو من يعين رئيس وأعضاء اللجنة (لمراجعة وصياغة الدستور) وهو من يمنح دستورا موضوعا على المقاس بمصطلحات قد تبدو للبعض بأنها "ثورية"، متجاهلا بذلك بأن الشعب حر وليس ملكية خاصة لأحد، فالشعب خرج ليؤكد بأنه صاحب الشرعية لأية سلطة وليس لعبة في معادلة سياسية هو مجرد ديكور لتجميلها، خرج الشعب من أجل حريته وكافة حقوقه، خرج لينهي نظام القمع والإستبداد والإضطهاد، ليعلن بأنه السلطة التي لا تعلو فوقها أية سلطة كيفما كانت، ليختار النظام الإقتصادي الإجتماعي السياسي الذي يريده، خرج الشعب ليؤكد بأنه صانع التاريخ وليس الديكتاتور و مناصروه.
وبالتأكيد فإن هناك من سيعتبر خطاب الكمبرادور هذا "خطاب تاريخي"، "ثورة حقيقية"، "منعطف تاريخي"… أجاب على كل التطلعات، والأكيد بأنه لن يكون أولئك غير الذين ناصروا ودعموا الديكتاتورية طيلة تاريخهم، وإنه لمن سخرية التاريخ أن يتحول الديكتاتور إلى "ثوري"، "منقذ"، ولكن ما لا يمكن لأحد أن ينكره، هو إلقاؤه للخطاب ويداه لازالت ملطخة بدماء الشهداء، شهداء 20، 21،… فبراير، سجونه مليئة بالمعتقلين السياسيين و ضحاياه لا زالوا يجترون معاناتهم وهمومهم، وهو يعتقد أن هذا الإجرام كله يمكن القفز عليه وتجاوزه بسهولة وسيمنع الشعب من شق طريقه نحو التحرر والإنعتاق.
إن الإجابة التي قدمها النظام يوم 20 فبراير وبعده، هي نفسها التي جاء بها الخطاب في محاولة يائسة منه لمحو آثار الجريمة، ووضع أسس جديدة لارتكاب جرائم أخرى أكثر فظاعة وبشاعة، وذلك كاستمرارية لحربه الاستباقية لتفادي ما حصل في تونس، مصر… أي لمنع انهياره ومعه كل الأطراف المرتبطة به، هذه الأخيرة وبالتأكيد سيمنحها كل الدعم لتسويق خطابه وتسييده على أوسع نطاق، مع خلقه لمعارضة شكلية صورية لا تتعدى حدود "مع ولكن…"، ذات سقف محدود يخدم مصالحه بالأساس، وهذا ما يضع مناضلي ومناضلات الشعب المغربي وكل الغيورين على مصالحه أمام مسؤوليات تاريخية جسيمة تتطلب بذل كل الطاقات والمجهودات لضمان الاستمرارية القوية لانتفاضة الشعب المغربي والذهاب بها نحو آفاقها التحررية الشاملة وانهاء بطش نظام الكومبرادور والمعمرين الجدد - عملاء الإمبريالية والصهيونية - وتحقيق أهدافها بإنجاز مهام التغيير الجذري. إننا كنهج ديمقراطي قاعدي، وانسجاما وتصورنا العام، تصور الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، انسجاما ومرجعيتنا الإيديولوجية الماركسية – اللينينية، وانسجاما ومبادئنا، برنامجنا، تاريخنا ومواقفنا، ووعيا منا بطبيعة اللحظة التاريخية التي يمر منها الشعب المغربي، ومن موقع المسؤولية التاريخية، وبالنظر لجسامة المهام المطروحة وللشرط التاريخي المؤهل جدا لإنجاز هذه المهمات، وبالنظر كذلك إلى الوضع الحالي الذي تعرفه قوى الثورة ببلادنا، نعتبر بأن أي تخلف عن الدفع بالثورة إلى الأمام، سوف لن يخدم إلا أعداءها. إنها لحظة الاصطفاء والوضوح وليست لحظة التحالفات غير الخاضعة للأهداف الثورية، كما هو حال "مجالس دعم حركة 20 فبراير" والتي تجمع بين خليط لا يمكن أن يعرفه إلا أصحابه (ظلامي … إصلاحي … "ثوري")، كما نعتبر أن أي برنامج غير البرنامج الثوري سيكون مهزلة حقيقية، إنها لحظة الإفراز والاصطفاف إما بجانب الشعب أو بجانب أعدائه، وليس هناك خيار ثالث، لهذه الأسباب وغيرها ندعو إلى تواصل حقيقي بين أصدقاء الشعب وخلق أدوات نضالية متطورة انسجاما واللحظة التاريخية الراهنة، بما هي لحظة التغيير الجذري، لحظة استئصال الداء من جذوره، وذلك للرد والدفع بانتفاضة الشعب المغربي إلى تحقيق مبتغاها، أي الإطاحة بالنظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي، وبناء النظام الوطني الديمقراطي الشعبي الذي يستجيب لتطلعات الشعب المغربي بكل فئاته وطبقاته من عمال، فلاحين فقراء، طلبة، تلاميذ، معطلين، مهمشين، …
المجد والخلود لشهداء التحرر و الانعتاق
المجد والخلود لشهداء الشعب المغربي.
ثورة ثورة حتى النصر
شارك هذا الموضوع على: ↓