- المشهد الأول: في حديث رفاقي جمع عاملين زراعيين يشتغلان بمحطة للتلفيف بإقليم اشتوكة أيت باها يناقشان فيه واقع الاستغلال والاضطهاد
الطبقيين الذي تعانيه عموم الطبقة العاملة الزراعية، حيث تدني الأجور بمقابل الارتفاع المهول للأسعار، كما وانخفاض ساعات العمل اليومية بالضيعات والوحدات الفلاحية في مثل هذا الشهر من الموسم الفلاحي، بالإضافة لواقع السكن والبنية التحتية بالمنطقة وصولا لمعاناة المرأة العاملة، حيث تشهد هذه المنطقة نسبة مرتفعة من ولوج المرأة للعمل للمساهمة في الرفع من مدخول أسرهم وتغطية الحاجات المتزايدة لأبنائهم، هنا، تناهى للانتباههم قرب حلول اليوم العالمي للمرأة 8 مارس، قررا على إثره القيام بربورتاج فيديو تتحدث فيه المرأة العاملة الزراعية عن معاناتها وواقعها الأليم وما يعنيه هذا اليوم الأممي حيث يرمز لكم التضحيات الجسيمة للنساء العاملات من اجل إقرار ثماني ساعات من العمل في اليوم، الرفع من الأجور، وتحسين شروط العمل بالإضافة الى المطالبة بالحقوق السياسية والمدنية.
لقد عبرت النساء العاملات الزراعيات بالوحدة المذكورة عن الرغبة الشديدة في إظهار وإبراز واقعهم البئيس، وهن الذين خضن العديد من المعارك البطولية العمالية رفقة العامل الزراعي بالإقليم تحت لواء نقابتهم العمالية، لكن ما أن انتشرت فكرة الربورتاج بين جموع العاملات الزراعيات وقت الاستراحة الزوالية حتى سارع ممثلو فكر المهادنة والمساومة، بعض أعضاء المكتب النقابي يثنون العاملات عن القيام بهذا الربورتاج مدعين ألا جدوى من ذلك وعلى اعتبار أنه يخدم بعض الجهات "أنتي ملكية".
- المشهد الثاني: في الفيديو المرفق، تتحدث السيدة عن شكل آخر من المعاناة والإضطهاد في شكله المزدوج، والذي تعانيه المرأة في المجتمع الطبقي، حيث السيطرة الذكورية وهو الشكل الآخر من الاستغلال المؤطر بمجموع الترسانة القانونية والثقافية والدينية والسياسية والذي لا تستقيم السيطرة الطبقية لمالكي وسائل الإنتاج وممثليهم الطبقيين بالنظام الرجعي القائم على عموم الشعب بدونه، إن كل تناقض أفقي أو تمييز على مستوى الجنس أو العرق أو غيرهما هو شكل من أشكال السيطرة الطبقية، كما أن هذه الأخيرة لا تستقيم أو لا تتأبد إن صح التعبير إلا بتأجيج هذه التناقضات وكل أشكال التمييز. وهنا في هذه الحالة ابنتها، التي هجرها زوجها هي وابنها ذات الثانية عشر ربيعا، متخليا عنهما مستفيدا من فساد مؤسسات النظام القائم الذي ينخر المجتمع المغربي، ليتزوج من إمرأة أخرى ويتركها تجابه تناقضات ومصاعب الحياة حيث يتوجب عليها توفير لقمة العيش وتربية الابن وإعالة الأب المريض والأم المكلومة التي قضت سنوات شبابها في انتاج فائض القيمة لمالكي الضيعات والوحدات الفلاحية بالإقليم دون امتلاك أبسط الحقوق الشغيلة.
تتحدد مقولة أنه لا تحرر للمرأة دون تحرر المجتمع، كما وأنه لا يمكن تصور المجتمع الشيوعي دون تحرر المرأة، في أوساط المناضلين الماركسيين انطلاقا من رفض فصل قضية المرأة عن القضية الاجتماعية حيث أنها تنبني على عوامل اقتصادية مادية بالأساس فرضت خضوع النساء، أي أن انتفاء تلك العوامل عن طريق بناء علاقات تنظيمية بشقيها الاجتماعي والإنتاجي ستنتفي معها أشكال اضطهاد المرأة وتصبح بعدها حرة ومتساوية مع الرجل.
تكتب الكسندرا كولونتاي:" لقد كان من الصعب علينا تحديد ولو حتى واقعة واحدة، عبر تاريخ نضال النساء العاملات من أجل تحسين ظروفهن المادية، ربما تكون الحركة النسوية العامة قد شاركت فيها بشكل ملحوظ. إن كل ما حققته المرأة العاملة في مجال تحسين ظروفها المعيشية، كان ثمرة الجهود التي بذلتها الطبقة العاملة بصفة عامة، ونضال نساء البروليتاريا بشكل خاص. إن تاريخ نضال النساء العاملات من أجل تحسين ظروف العمل والحياة الكريمة، هو ذاته تاريخ نضال البروليتاريا من أجل التحرر".
- المشهد الثالث: إن قوة الماركسية كعلم، تتمثل في الاكتشاف العظيم الذي حققه ماركس من خلال قوانين المادية الديالكتيكية والتي تجري على مستوى المادة، في الطبيعة، كما في المجتمع البشري، وهي القوانين التي تحدد تعريف الماركسية كمرشد عمل لا كعقيدة جامدة. كما أن الإبداع اللينيني تمثل في التنظيم السياسي للطبقة العاملة وعموم المفقرين لدراسة الحركة الديالكتيكية في المجتمع الرأسمالي عن طريق القوانين المادية الديالكتيكية. لذلك، ومن هذا المنطلق فإن الإبداع النظري المؤطر وفق قوانين المادية الديالكتيكية يجب أن يتمحور حول الصراع الطبقي في المجتمع المغربي أولا، لتفكيك الرموز والأسيجة التي تكبل تحرر الشعب المغربي بفئاته المضطهدة تحت قيادة الطبقة العاملة، وكل حديث غير هذا من قبيل مواجهة التفسخ النظري أو الانكباب على التكوين النظري بعيدا عن الممارسة العملية المنظمة، فهو لا يعدو أن يكون ترفا بورجوازيا لصغير يمجد أناه ويخدم بنهاية المطاف أعداء الطبقة العاملة.
شارك هذا الموضوع على: ↓