2016/04/15

أحمد بيان// القيادات النقابية على أبواب التوقيع على خيانة جديدة..

إن مخططات البنوك العالمية (المؤسسات المالية الامبريالية)، وبالدرجة الأولى مشروع "الإصلاح الهيكلي"، واتفاقيات "الشراكة" (النهب) مع كبريات الشركات
العملاقة (المتعدية الجنسية)، التي يسهر النظام القائم بالمغرب على تنفيذها حرفيا انسجاما مع طبيعته كنظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي، بعدما حول النقابات الى "نقابات" أو دعامات مشاركة/متواطئة وحريصة على السلم الاجتماعي كباقي الأحزاب الخنوعة والمنبطحة، فاقمت بشكل خطير من تجويع وتفقير الطبقة العاملة ومن معاناتها وعرضت وتعرض مصير أبنائها للمجهول، وهو ما نتج عنه أيضا تخلي الدولة المكشوف عن دورها/مسؤوليتها في مجالات التعليم والصحة والسكن والتشغيل ودعم المواد الأساسية. هذه الوضعية الكارثية المفروضة على الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء لم تقتصر عليهما لوحدهما، بل إن دائرتها توسعت بشكل رهيب لتشمل فئات شعبية مضطهدة عديدة. لقد وازى النظام هذا الهجوم الاقتصادي والاجتماعي بتصعيد حملة القمع والترهيب تحت ذريعة "إعادة هبة الدولة" (هبة دولة، أداة طبقية مجرمة)، ليتم مصادرة العديد من المكتسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحويل الشعب المغربي الى رهينة في سجن كبير بإضافة خطة أو جيش "حذر" لنيران كل أشكال القمع السافر والهمجي. وبالمناسبة يمكن التذكير بأن نجاح النظام في المرحلة الأخيرة في السيطرة بأسلوبه القمعي الفظ يرجع بالدرجة الأولى الى ما آلت إليه "حركة 20 فبراير"، إثر ما تلقته من طعنات الغدر على مستويات عدة ومن أطراف مختلفة، وكان أبرزها وأقواها تدشين القيادات النقابية المفيوزية المدجنة والمرتبطة بالنظام والساهرة على تمرير وحماية مشاريعه للخيانة جهرا بتوقيع ما عرف ب"اتفاق 26 أبريل 2011" لتحييد وعزل الطبقة العاملة، بالدرجة الأولى، عن نضالات الشوارع، وكذلك اختيار القوى السياسية الانتهازية الارتكان الى الخلف في مجلس هلامي وهجين مكون من أقصى اليمين الى أقصى "اليسار"، سمي ب "مجلس دعم حركة 20 فبراير"، متشبثة بترويض الغضب الجماهيري وإخضاعه لأهداف "محاربة الفساد" تحت سقف النظام، بعيدا عن رفع مطالبها الحقيقية الجذرية، والنضال لتحقيقها، وبالتقرب الى اليمين الرجعي والظلامي والشوفيني، وبنت "النضال" و"الكفاح" بأوهام القوة على فلول القوى الظلامية وقطيعها المحكوم بأوامر الطاعة والخضوع لإشارة دائرة الأمير التي لا تتردد في الخيانة والتقلب طبقا لإرشادات وتعليمات مراكز القرار الامبريالية والصهيونية والرجعية. وهو ما أدى الى إضعاف النضال الطبقي وتفسخ الوعي وضرب مصداقية كل ما يسمى يسارا وسط الجماهير الشعبية، وفتح الباب أمام العربدة للقوى الرجعية للاستثمار السياسي في اليأس وفي الانتشار للمصلحة الضيقة والفردية لتتوسع دائرة الخيانات والتراجعات وبروزها كوجهة نظر مدعومة من قبل كل التائهين والمنبطحين. وقد لعب حزب الأصالة والمعاصرة (البام) دورا قذرا في الاستقطاب والتدجين وتوظيف (تمويل) العديد من "الطاقات" للتشويش على المعارك الفعلية في مختلف مواقع الفعل النضالي. 
إننا اليوم أمام وضع خطير لتصعيد حدة الاستغلال والنهب، حيث يناور النظام والى جانبه القوى السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية البيروقراطية لتمرير مخططات طبقية خطيرة، على رأسها مخطط تحت مسمى "مشروع إصلاح نظام صناديق التقاعد" المنهوبة لتحميل الطبقة العاملة وكل الفئات المفقرة مترتبات نظام السرقة والسطو الممنهج على مستويات عليا لإفلاسها، أي الصناديق، وفي نفس الآن تعيش الطبقة العاملة على إيقاع الارتفاع الخطير لنسب التسريحات وتفاقم العطالة وانتشار ظاهرة التشغيل بالمناولة وتخفيض الأجور وزيادة ساعات العمل وتدهور قدرتها الشرائية وبجانبهم العديد من الفئات الشعبية بفعل التزايد المطرد والجنوني للأسعار والرفع من نسب الضرائب ونسب التأمين عن المرض، كما نسفت العديد من المكتسبات خصوصا على مستوى علاقات الطبقة العاملة والفئات الشعبية المفقرة بالحق النقابي في الاحتجاج والتظاهر، وهي مكتسبات غير مسموح بها سوى للموالين للباطرونا و"العياشة". إن المعارك العمالية ومعارك الشوارع لفئات شعبية أخرى تواجه على المكشوف في الوقت نفسه أكثر من السابق، النظام من جهة والقيادات البيروقراطية المفيوزية من جهة أخرى. فالبيروقراطية النقابية المافيوزية بوصفها شريكا للنظام لتمرير مخططات القوى الاستعمارية والحفاظ على سياسة السلم الاجتماعي، كانت دائما حتى وإن سكتت و تغاضت عن بعض الأشكال النضالية العمالية وبعض التحركات ولم تعارضها ولم تتدخل لسحقها فإنها تفعل الامتيازات الممنوحة لها مثل ما يسمى ب"الحوار الاجتماعي" وكذا النظام الداخلي للنقابات الموضوع على المقاس والذي يضمن لها صلاحية القرار في الشأن النقابي لتحولها الى أرصدتها السرية أو شلها مع أي إشارة من النظام أو من أي قوة نافذة.
إن المخطط القادم والمطروح بكل إلحاحية على جدول أعمال حكومة الثرثار/المهرج الموكول لها مهمة التنفيذ يستند على ثلاث نقط جوهرية بالنسبة للنظام، ويتعلق الأمر بالرفع من نسبة الاقتطاعات من الأجور ومن سن التقاعد والتقليص من قيمة المعاش. وهذا المخطط اللعين يستهدف في العمق فئات واسعة من الشعب المغربي. وبالتأكيد يعقد النظام الرهان لتفويته على القيادات النقابية لتسهيل عملية التمرير للمشروع. وبطبيعة الحال فالنظام سيناور على جميع المستويات وسيلعب على كل الحبال من أجل تمرير مشروعه الإجرامي، وهذا الأمر طبيعي من موقع العدو، لأنه لا ينتظر منه الإقرار بحقيقة الرأسمالية وبالتالي الامبريالية وما تقود له من أزمات وما تشرعنه من نهب واستغلال، كما هو حال صناديق التقاعد التي تعرضت للإفلاس في أعتي البلدان الرأسمالية. لكن بالنسبة للنقابات الأمر يختلف، لهذا فالسؤال هو ماذا هي فاعلة؟ وهل بمقدور القيادات النقابية المنبطحة أن تقود معركة فعلية وحقيقية لمواجهة مشروع النظام الإجرامي؟!! وهل هي مستعدة للوقوف ضد النظام بكل شراسة من أجل سحب المشروع المدمر أم ستمضي مرة أخرى وعلى نفس المنوال المألوف منها، أي بالتوقيع والتشريع للإجرام بالنيابة عن الطبقة العاملة والشعب المغربي عامة كما كان الحال في الاتفاقات/الجرائم السابقة؟!! وهل بمقدور هذه القيادات الظهور بمظهر المدافع عن مصالح شعبنا في ملف التقاعد في وقت تقف فيه كطرف يناور لإرغام الأساتذة المتدربين على القبول بحلول الحكومة لتمرير المرسومين في أوج الالتحام الشعبي على المعركة؟!!
اليوم لا يجب أن ننسى أو نتناسى التاريخ المخزي للقيادات النقابية، وموقعها المكشوف الى جانب النظام في تمرير العديد من المخططات والسكوت على أخرى مثل الخوصصة والتسريح للعمال والسطو على التعليم والصحة وشركات المناولة وقضايا عديدة، وسطوها المطلق على القرار داخل المركزيات بعيدا عن الأساليب الديمقراطية مع منتسبيها. هذه الحقيقة نستحضرها لفهم شطحات القيادات النقابية في أسلوبها الممنهج الذي لا يتجاوز تسخين "الطرح" بإعلانات كاذبة وأشكال باردة ومميعة، لمنع أي تجاوز قد يحدث مع احتداد الصراع الطبقي ببلادنا. وهو الأسلوب المعهود أولا لتزيين صورتها وثانيا لمنع أي تقدم محتمل أو أي تجذر لصراع طبقي قد يهدد النظام ويهددها وأرصدتها القائمة على التضليل والخداع. 
إن التذكير بهذه الحقيقة أمر ضروري لكي لا تختلط الأمور وتضبب الصورة بركام الدعاية الموجهة والمصطنعة من قبل خدام النظام ومؤسساته الإعلامية الضخمة وكل المتخاذلين والانتهازيين والتائهين الذين يرقصون في موائد "الأصدقاء" والأعداء. فالقيادات النقابية المافيوزية لا تملك أي رصيد نضالي حقيقي يؤهلها للتقدم بمظهر المدافع الشرس والصادق عن مصالح الكادحين، سوى في عيون من هم مستعدون للخيانة والمتاجرة على حساب مآسي شعبنا، ومطاردة الفتات المتساقط من موائد النظام. فدورها قد اكتمل في صورة واضحة بعد إفراغها العمل النقابي من أي محتوى نضالي وأي مضمون كفاحي. وإن دورها اليوم في المؤامرة التي تستهدف التقاعد لا يتجاوز الترتيب لتمرير جريمة النظام تحت يافطة المراجعات الشكلية والحوارات المسرحية والفتات المسموم للرقص فوق خشبات فاتح ماي، وهذا هو عمق تصور القيادات النقابية المافيوزية والذي لا يتنافى وما عبر عنه عميد الاتحاد المغربي للشغل المدعو موخاريق للصحافة بعد جولة يوم 12 أبريل 2016. وهذا الدور مدروس بإتقان ومتفق عليه بالطبع من قبل الطرفين النظام والقيادات النقابية. وكيف لا تسير هذه المؤامرة طبقا لهذا التصور/الجريمة مع اقتراب فاتح ماي لذر الرماد في عيون الشغيلة، في حين شكل أرضية لتوترات ولهزات في بلدان رأسمالية أخرى، وبإمكانه أن يتحول الى أرضية للف شرائح وفئات وطبقات اجتماعية عدة في معركة شرسة تقلب الطاولة على كل الأعداء.

  13 أبريل 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
2 تعليقات

2 التعليقات:

  1. حسبنا الله ونعم الوكيل

    ردحذف
  2. بوجمع هرج
    كليميم
    تحية ...
    اعتقد أن الرفاق تسكنهم غيرة قوية جدا إلى درجة ذهان معين Un zèle
    هذه الجذرية تحترم ولكن ثمة أيضا ما يحترم غيرها داخل النقابة المعنية
    هذا الأمر يحتاج إلى ذكاء ليقترح أدوات اشتغال وليس وفقط الدراسة الجيدة والقول القوي مثل هذا المقال
    ربما أناقش هذه في المؤتمر القادم بأفكار عملية
    فقط لنفكر في صمت لأن المرحلة تقتضي ذلك

    ردحذف

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية