2016/04/30

أسماء العوني// فاتح ماي… لن ينتشلوه من ذاكرتنا

" سيأتي اليوم الذي يصير فيه صمتنا أكثر قوة من الأصوات التي تخنقونها اليوم" 
سنظل نردد هذه الكلمات، خلف شهداء الحركة العمالية العالمية، ولو تحت
المشانق، سيرا على العهد، وسيرا على خطا ومبادئ الأممية،.. مبادئ إنسانية نبيلة نرويها بالدماء وننقلها من جيل إلى جيل حبا للحياة الكريمة على كوكب الحياة،.. ونحن ننشد عالما تسوده المساوات وينتفي فيه استغلال الانسان لأخيه الإنسان دون ملل أو يأس. 
لن نترك البرجوازية تتنفس الصعداء.. سننتشل يوما، آجلا أو عاجلا، أمرنا وكل حقوقنا ممن يدعون تمثيلنا ولكنهم في الحقيقة لا يمثلون غير مصالحهم ومصالح أسيادهم، ونتولى أمرنا بنفسنا بتنظيمنا المكافح...
سنذكركم بأننا ورثة التاريخ المشرف للانسانية، تاريخ الشهداء وسنحتفل "بالفاتح من ماي استحضارا لمعانات الماضي".
واحتفالنا بفاتح ماي من كل سنة، ليس سوى للتأكيد على أمميتنا ونضاليتنا وكفاحنا كعمال وكادحين وإعلان رفضنا للاستغلال والاضطهاد الطبقيين، واستحضارنا للتضحيات الجسيمة التي قدمها العمال والعاملات على مر السنين وتفنيدا بذلك لما تحاول الرأسمالية ترويجه كون فاتح ماي هو يوم يحتفل فيه العمال جنبا إلى جنب مع أرباب العمل بهدف إفراغه من مضمونه الكفاحي.
فكما هو مقر في كل النصوص التي تناولت حيثيات والتطورات المتحكمة في جعل يوم فاتح ماي عيد الطبقة العاملة الاممية، انطلقت الفكرة من الحركة العمالية بأستراليا التي قررت تخصيص يوم للإضراب عن العمل  للمطالبة  بتخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعات بعدما كانت تتجاوز العشر ساعات، وفي 21 أبريل 1856 نظم العمال تظاهرات وأنشطة بعدما توقفوا عن العمل، ورغم أن الأمر  اقتصر في البداية على تلك السنة، إلا أن الانطباع الذي تركه ذلك اليوم جعل جماهير البروليتاريا الاسترالية تدأب على تخليده سنويا.
وقد انتقلت الفكرة بعد ذلك وعمت كل عمال العالم، خصوصا وأنها تقتسم نفس واقع المعاناة والاستغلال، فكانت بروليتاريا الولايات المتحدة الأمريكية أول من اقتدى بالعمال الاستراليين سنة 1886، فقررت جعل فاتح ماي يوما للمطالبة بيوم عمل من ثمان ساعات، وبالرغم من تهديدات البرجوازية فقد شارك ما يناهز 340 ألف عامل (80 ألف عامل بمدينة شيكاكو وحدها)، ونظرا للنجاح الذي عرفته التظاهرة والقوة والحماس اللذان بثتهما في نفوس العمال، فقد استمر الإضراب إلى يوم 3 ماي، مما أصاب الاقتصاد بالشلل، الأمر الذي جعل البوليس يطلق الرصاص الحي على الجماهير البروليتارية مخلفا قتلى وجرحى…
وفي اليوم الموالي قرر العمال تنظيم مظاهرة بساحة "هاي ماركيت" بمدينة شيكاكو التي شهدت إطلاق النار على المتظاهرين تحسبا لاندلاع انتفاضة أخرى، وقام البوليس باعتقال ممثلي الحركة العمالية بالمدينة وحكم على خمسة منهم بالإعدام شنقا نفذ يوم 11 نونبر 1889 والسجن مدى الحياة على الثلاثة الآخرين.
بعد دفن هؤلاء الشهداء كتب على نصب تذكاري الكلمات الأخيرة لأحدهم " سيأتي اليوم الذي يصير فيه صمتنا أكثر قوة من الأصوات التي تخنقونها اليوم".
في ذلك الوقت كانت الحركة العمالية العالمية على موعد مع المؤتمر الأول للأممية العمالية الثانية سنة 1889 بمدينة باريس في أوج الصراع مع التيارات غير الماركسية الطامحة للسيطرة على الحركة العمالية العالمية. والذي ضم 400 مندوب، وفيه تقرر جعل يوم عمل من 8 ساعات أول مطلب وقد اقترح مندوب النقابات الفرنسية، العاملُ لافين ، من بوردو، أن يتم رفع هذا المطلب في كافة البلدان عبر التوقف الكلي عن العمل، وفي ذات السياق وجه مندوب العمال الأمريكيين الانتباه إلى جعل فاتح ماي لسنة 1890 إضرابا عاما عن العمل، وهكذا قرر المؤتمرون عيد الأممي للطبقة العاملة في هذا التاريخ.
ورغم أن لا أحد كان يفكر في تكرار تجربة شيكاكو، إلا أن النجاح الباهر الذي شهده ذلك اليوم كان كافيا لجعل فاتح ماي يوما للإضراب والتظاهر سنويا.
"مادام الصراع بين الطبقتين المستغِلة والمستغَلة قائما، وعندما تظفر الأخيرة بانعتاقها وتحررها، ستحتفل بالفاتح من ماي استحضارا لمعاناة الماضي الأخيرة" كما قالت الرفيقة روزا لوكسمبورغ.

30 أبريل 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق