تضحيات متواصلة (شهداء ومعتقلون سياسيون وموقوفون ومطرودون ومشردون...)، ومعارك لا تتوقف في المعامل والحقول والجامعات والشوارع...
انتفاضات شعبية ومسيرات وإضرابات ووقفات واعتصامات، رغم القمع الشرس الذي يعتمده النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي القائم لفرض "السلم والاستقرار" المزعومين ورغم إجرامه ومناوراته، ورغم تواطؤ القوى السياسية الرجعية والإصلاحية والتحريفية وانصياعها وتعاون القيادات النقابية البيروقراطية والمافيوزية وانبطاحها، في ظل تفاقم التردي الذي تعرفه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتمرير المخططات الطبقية التفقيرية المملاة من طرف الامبريالية ومؤسساتها المالية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي...) وتصاعد الإجهاز على المكتسبات وتدمير الإنجازات التي تم فرضها على مدى سنين طويلة وبالدماء الزكية. صراع طبقي ضاري ومرير تخوضه الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة ضد أعدائها الطبقيين من كمبرادور وملاكين عقاريين (البورجوازية الكبيرة). يوم بعد يوم، وشهر بعد شهر، وسنة بعد سنة، بل وعقود بعد عقود، ومهزلة انتخابية بعد أخرى (سواء جماعية أو تشريعية)...
لكن، ماذا عن النتائج والآفاق ما دمنا نعيش التمزق والشتات والمعاناة (الشغل والسكن والصحة والتعليم...)؟ ما العمل؟
إنها أسئلة تؤرقنا في تيار البديل الجذري المغربي بعيدا عن ترديد البديهيات والمسلمات، ونعتبر مقاربتها من مختلف الزوايا مسؤولية نضالية على عاتقنا لفتح آفاق التغيير الجذري ببلادنا ووضع أسس فعل نضالي مكافح ومنظم يقطع مع العفوية والارتجال والمزايدات الرخيصة.
لقد أرسى تيار البديل الجذري المغربي على طول ثلاث سنوات من إعلانه رصيدا إيديولوجيا وسياسيا هائلا قائما على ركيزتين أساسيتين، التحليل الملموس للواقع الملموس ولا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية. وحدد ضمن أهدافه بكل وضوح ودقة كتيار ماركسي لينيني إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية كمرحلة أولى لإنجاز الثورة الاشتراكية الى جانب كل المخلصين لقضية العمال. ويشرفه الاستفادة من كل تجارب وإبداعات شعبنا ومناضليه، وفي المقدمة تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية.
كما قدم إضافات ميدانية متقدمة في مساره النضالي الى جانب العمال والفلاحين الفقراء والطلبة والمعطلين وعموم الكادحين. ولم يفته الانخراط في جل المعارك والاحتجاجات التي شهدتها بلادنا طولا وعرضا، وكذلك تغطيتها إعلاميا والتعريف بها ومواكبة معظم التطورات والمستجدات التي تعرفهما الساحتان الوطنية والدولية. وقد آل على عاتقه إبراز المحطات النضالية المشعة في تاريخ شعبنا وكافة الشعوب المضطهدة، باعتبارها دروسا قيمة داعمة لحاضر شعبنا ومستقبله.
وبكل روح ثورية نسجل في تيار البديل الجذري المغربي وفي أجواء الذكرى الثالثة لإعلانه أننا في بداية المشوار، وأننا لم نتوفق في القيام بكل المهام المسطرة لأسباب ذاتية وموضوعية. إلا أننا رغم ذلك نسجل أن إصرارنا أكبر من عناد الواقع في كل منعطفاته وشراسته وغدره. ونعاهد شعبنا وشهداءنا وكل المناضلين على مواصلة هذا المشوار بكل ما يستدعيه الأمر من تضحيات وصلابة وطول نفس.
ومن بين خلاصات تجربتنا البسيطة، ضرورة:
1- التركيز على التنظيم (المركزية الديمقراطية)، باعتباره آلية لابد منها لتحقيق أهداف التيار وشعاراته. فقد أبانت كل التجارب أنه في غياب التنظيم (الحزب الثوري للطبقة العاملة) تضيع العديد من الجهود وتتلاشى؛
2- الاشتغال كأولوية في صفوف العمال والى جانبهم، باعتبارهم منتجي الثروة وصانعي الثورة والمستقبل وسواعدهما.
ولا ندعي في تيار البديل الجذري المغربي أن هذه المهام الآنية تعني التيار وحده. إنها ضمن مهام كل الثوريين ببلادنا، مناضلين منظمين أو غير منظمين. وإذا كانت ضربات الأعداء قد ساهمت في تعطيل مسيرتنا والتشويش عليها، فإنها بالمقابل فتحت أعيننا على الأيادي المناضلة المؤهلة للعمل النضالي المشترك وكذلك على الأيادي القذرة المنشغلة ليلا ونهارا بتكسير المبادرات النضالية وتعكير الأجواء وتسميمها. وإننا نعي أن العديد من هذه الأيادي موجهة من طرف النظام وأزلام النظام لعرقلة تقدم التيار وتوسيع حضوره وإشعاعه. كما أن أيادي أخرى تنفذ نفس الأجندة والأهداف الخسيسة بخلفية التنطع والحقد والذاتية الى جانب التذبذب والانتهازية كأمراض لصيقة بتجارب البورجوازية الصغيرة المتفشية في كل حقول الصراع. وما يؤكد ذلك لجوؤها الى الكذب والافتراء وتزوير الحقائق بسبب عجزها عن دحضها أو مقارعتها كما هي بدون تحريف أو تشويه مقصودين، بالإضافة الى تفرغها الهستيري لملاحقة التيار وقضم لحم مناضليه. إننا نشيد بالنقد البناء ونعتمده الى جانب النقد الذاتي لتطوير تجربتنا الفتية وتجاوز أخطائها. ونحيي كل من ساهم في إبراز هفواتنا وأخطائنا التي لا نخجل من الوقوف عندها، وكل من دعم جهودنا من منطلق نضالي يتوخى توحيد ودعم جهود المناضلين المبدئيين والصادقين الذين يترجمون أمام التاريخ مبدئيتهم وصدقهم على أرض الواقع وليس في الفراغ أو الخيال. فصمود مناضلي التيار ليس وليد لحظة عابرة مجهولة الهوية كما هو حال صبية "معوقة" سلوكا وممارسة تحترف التسول والارتزاق بالشعارات، إنه ضارب في عمق التاريخ النضالي لشعبنا ومخضب بدماء الشهداء الطاهرة..
إن التحدي أمام المناضلين الجذريين هو مواصلة العمل المنظم على كافة واجهات الفعل النضالي ومن مختلف المواقع، وخاصة مواقع العمال، وبالتالي عدم الانسياق وراء المزاعم المسمومة وموجات التغليط والتضليل الموسمية التي لا يهمها البناء الذي يخدم قضية شعبنا.
لننشغل بخدمة قضية شعبنا وبالإجابة عن الأسئلة الحارقة، ولنتركهم ينشغلون بتفاهات الهامش ومنها "السب والقذف" في حق المناضلين والتجارب النضالية الرائدة، وهو الإجرام الذي يلتقون في حلقاته مع النظام القائم وحواريه..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M
09 سبتمبر 2016
شارك هذا الموضوع على: ↓