2016/11/03

محمد حومد//من يكرم الشهيد المعطي بوملي يتبع خطاه..

دأبنا على ترديد مقولة "من يكرم الشهيد يتبع خطاه". لكن يا ترى، كيف ذلك؟ لقد أبدع منظرو النظام في إفقاد ذكريات الشهداء معناها الحقيقي، فحولوا
الشهداء الى صور على الجدران للتبرك بها، وتحولوا يمينا بعدما تم استدراجهم تحت مسميات عدة. فتارة الحقيقة والإنصاف مع جبر الضرر لكل انبطاحي صفق للخدعة وسالت لعابه، وتارة أخرى مواجهة المد الظلامي الذي يهدد الجميع. هكذا قبل الكثيرون اللعبة وتحولوا الى أداة في قبضة النظام القائم لتصفية الحسابات مع الأصدقاء قبل الأعداء. وما نعيشه اليوم أكبر دليل على ذلك، فلكل شهيد لجنة ومؤسسة ومؤامرة اغتيال للمرة الثانية. فمثلا الشهيد ايت الجيد، كانت الخطوات الأولى تردد ضرورة إعادة ملف الشهيد الى الواجهة ومحاكمة الجناة باسم رفاق الشهيد. وسرعان ما حولها النظام عن طريق الأصالة والمعاصرة الى واجهة لتصفية حساباته مع العدالة والتنمية. إن كلا من الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية ليسا إلا أداة من أدوات النظام المتسخة التي يسعى من خلالها الى المزيد من التجهيل للشعب المغربي، لتسهيل إخضاعه وتأبيد سيطرته الطبقية. وما المهزلة الأخيرة ليوم 07 أكتوبر 2016 (الانتخابات التشريعية) إلا تأكيد لذلك. إذ كان التنافس حول من الأجدر بخدمة النظام القائم. ولا أستثني في ذلك أحدا من المقاولات السياسية. وتلخص المشهد بتقاطب شكلي كما أراد له النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي في أكبر استهزاء بالشعب المغربي، لفرز مؤسسات تسمى زورا وبهتانا تمثيلية للشعب المغربي. إنه قدرك يا وطني، لقد "اختار الحاكم شعبه"، سيرا على نهج خطاب الدكتاتور في قصيدة محمود درويش. لقد نجح النظام عبر مرتزقته من تصفية قضية الشهيد بنعيسى واغتاله للمرة الثانية. فالأولى حين سخر القوى الظلامية في عشية ذلك اليوم من فبراير من 1993 للهجوم على الحركة الطلابية واقتناص الشهيد في ذلك المكان من الشارع قبالة كلية الحقوق بظهر المهراز الذي سيشكل نقطة انطلاق لاغتياله للمرة الثانية. وأمام ما آلت اليه قضية الشهيد ايت الجيد، ونحن في الذكري 25 لاغتيال الرفيق المعطي بوملي الذي أطلق صرخته الأول سنة 1971 بنواحي مدينة تازة ليلقى حتفه على يد قوى الغدر الظلامية في الفاتح من نونبر 1991 بوجدة، بعد اختطافه في إطار الهجوم الفاشي على الحركة الطلابية في كل المواقع الجامعية، بمباركة النظام وبتأطير وتوجيه منه. لقد كان لموقعي فاس ووجدة النصيب الأوفر من الهجوم التتاري من أجل إخراس صوت الحركة الطلابية. ومن غرابة الصدف اليوم، أن يتبجح النظام بريادته في مواجهة ما يسمى الإرهاب و"الفكر الداعشي". أليس ما قامت به العناصر الظلامية في حق الرفيق الشهيد المعطي أخطر من دواعش اليوم، إذ اختطفت الرفيق ثم اقتادته الى المقصلة ومثلت بجثته. وتكريما لتلك الدواعش فقد بوأها النظام مواقع المسؤولية لتصفية الشعب المغربي بعد أن اكتسبت وراكمت ما يكفي من التجارب في "التشريح" و"السلخ" في الساحات الجامعية. إن تاريخ القوى الظلامية هو تاريخ القتل والإجرام، ولائحة الشهداء أكبر شاهد على ذلك وللإشارة ستبقى مفتوحة، لأن الآتي أسوأ. 

علمنا الشهيد المعطي وكذلك كل الشهداء كيفية الثبات على الموقف. لقد وضع الشهيد المعطي حياته في كفة، والانحياز لمن هم تحت وفاء لكل الذين سقطوا من قبله على طول خريطة هذا الوطن الجريح منذ التوغل الامبريالي في المغرب "الاستعمار المباشر" وصولا الى الاستعمار غير المباشر، أي النظام القائم، في الكفة الأخرى. لقد كان الرفيق على دراية تامة بالمصير الذي ينتظره لحظة اعتناقه فكر الطبقة العاملة العلمي، الماركسية اللينينية، وانتسابه الى صفوف الفصيل الثوري داخل الجامعة، فكرا وممارسة، النهج الديمقراطي القاعدي عكس الذين هرولوا الى الارتماء في أحضان النظام بكل المسميات (النضج والحكمة والتبصر والواقعية...). وهو حال شيوخ التحريفية المتاجرين الحاليين بأرواح الشهداء، والمكبلين بقيود الإغراءات، كما هو حال أنصاف وأشباه المناضلين الذين أصابهم الوهن سريعا، وتحولوا يمينا في أول منعرج في الطريق. وهذا لن يكون قدر الجميع، ولن نسمح بأن يكون كذلك. 
لقد اخترنا منذ البداية مقارعة الأعداء مهما كان تفوقهم عدة وعددا، ورغم بشاعة إجرامهم الذي وصل حد طحن الأحياء أمام الملأ (مثال الشهيد محسن فكري)، وفاء لمن عاهدناهم على مواصلة المشوار على دربهم وصونا لدمائهم كي لا تصبح سلعة تعرض في الدكاكين السياسية خدمة لأجندة النظام القائم ومصالحه الطبقية. 
الشهيد المعطي يصيح فينا ومعه بقية الشهداء، وآخرهم الشهيد محسن فكري، ودماؤهم تحاصرنا "لا أنا منكم ولا أنتم من أولادي إن رضيتم بغير النصر غاية"، تلك وصية كل الشهداء التي يجب أن ندركها ونحولها الى قوة مادية في ممارستنا اليومية...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق