إننا نعيش بالمغرب مرحلة سياسية خطيرة أو منعطفا سياسيا دقيقا بكل المقاييس، على الصعيد الوطني (المحلي) والدولي. فدوليا، هناك هيمنة مسعورة
ومفضوحة للامبريالية والصهيونية والرجعية؛ ووطنيا، نجاح النظام القائم في بسط ذيوله في جل المجالات، ومنها المجالات المزعجة بهدف خلط الأوراق وزرع الألغام في عمق ساحات الفعل النضالي. لقد اعتمد النظام أسلوب "الهجوم أحسن وسيلة للدفاع". ووظف لهذه الغاية "الثوار" ضد الثوار. أي محاربة الثورة الحقيقية والثوار الحقيقيين ب"الثورة" المزيفة و"الثوار" المزيفين. فلم يعد خاف تقمص قناع الثورة من طرف أذناب النظام لمحاربة الثورة... وما يؤكد ذلك هو غض الطرف عن المهام الملحة للمرحلة وتجاهلها والتجند بالمقابل وبشراسة لمحاربة المناضلين الثوار...
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، تتناسل الأسئلة حول العديد من المبادرات ذات اللبوس "النضالية" أو المشبوهة. ويدخل في هذا الإطار الدعوة لتخليد ذكرى تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. فمتى انتبه أصحاب المبادرة "الجليلة" الى هذه الذكرى المنسية؟ لماذا الآن بالضبط؟
الجواب غير المقنع بالطبع هو محاولة الإجهاز على مقر الاتحاد.
وماذا عن السؤال: لماذا السكوت عن الإجهاز عن الاتحاد وتجريم مناضلي الاتحاد وادعاء التصدي للإجهاز عن مقر الاتحاد؟
هل مقر الاتحاد أهم من الاتحاد ومن مناضلي الاتحاد؟ مفارقة حقا غريبة...!!
وللتذكير، أقدم فيما يلي مقتطفا حول ملابسات تأسيس الاتحاد:
"ان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في فترته التأسيسية الممتدة من سنة 1956 تاريخ نشأته إلى حدود المؤتمر الثالث المنعقد بتطوان سنة 1958, ظل على مستوى توجهه السياسي يحمل نفس تصور ورؤية الحركة الوطنية فيما يتعلق بفهم هذه الأخيرة للاستقلال الشكلي ومتطلبات المرحلة.وهكذا ظلت إ. و. ط. م تساير الحركة الوطنية التي كانت آنذاك تضع رهانها الكلي على الاستقلال الشكلي, وتعتقد أنه سوف يلبي طموحات الجماهير الشعبية في القضاء على مخلفات الاستعمار الذي رفعته آنذاك وعملت من أجله, وهو شعار" الوحدة الوطنية".
إن هذه التطورات التي كانت تحملها المنظمة الطلابية إ . و . ط .م جعلتها تحتل موقعا توافقيا مع بقية المكونات السياسية داخل المجتمع بما فيها القصر, الشيء الذي جعل الحركة الطلابية خلال هذه المرحلة لم تعرف أي صدام بينها وبين النظام, وظلت مواقفها مهادنة ومسالمة ومسايرة للسياسية الرسمية في ميدان التعليم, مستندة في ذلك إلى أوهامها السياسية التي كانت تطبع مواقف كل القوى السياسية" (تاريخ الحركة الطلابية، عبد المومن الشباري، ماي 2009).
يتضح جليا من خلال المقتطف أن تأسيس الاتحاد قد تحكمت فيه شروط تلك المرحلة، وهي مرحلة هيمنة النظام وتوافقه الفج مع ما يسمى بالحركة الوطنية. وإحياء تلك الفترة القاتمة التي طبعتها جريمة "إيكس ليبان" المشؤومة يطرح عدة تساؤلات مشروعة ويشكك في مصداقية وصدقية "إحياء ذكرى تأسيس الاتحاد"...
إن ميلاد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الحقيقي، كمنظمة نقابية مناضلة ومكافحة، كان مع المؤتمر الخامس عشر (15)، فترة ميلاد الحركة الماركسية اللينينية المغربية. وقد يعود التاريخ الى قبل ذلك (المؤتمر 13)، لكن ليس قبل المؤتمر الرابع، أي قبل "مرحلة الإنخراط في النضال الجماهيري والمواجهة السياسية لمخططات الإستعمار الجديد 1959-1964" (عبد المومن الشباري).
إن لتخليد ذكرى الحظر القانوني للاتحاد، يوم المعتقل (24 يناير) دلالات أخرى، خاصة والأعداد الهائلة للمعتقلين السياسيين بسجون النظام ودهاليزه.. ورغم ذلك، "فليس كل ما يلمع ذهبا"...
وعموما، ما حك ظهرك غير ظفرك. وما حرر الاتحاد ومقر الاتحاد غير الثوار، وما صنع الثورة غير الثوار...
12 دجنبر 2016
شارك هذا الموضوع على: ↓