جل الاعتقالات التي مست المناضلين إثر انتفاضة يناير 1984 المجيدة تمت في شهر يناير من نفس السنة. لكنها تواصلت فيما بعد (فبراير...) لالتقاط من عجزت الآلة
القمعية عن ضبطهم إبان الانتفاضة الشعبية. وكان من بينهم المناضل لقدور الحبيب، ابن أولاد دحو (هوارة)، نواحي مدينة أكادير. اعتقل يوم 17 فبراير 1984 بمدينة مراكش. وبهذه المناسبة (الذكرى) أحييه وأتمنى أن نرقى الى مستوى احتضان رفاقنا المنسيين والتواصل معهم كذاكرة نضالية متشبعة بالحياة الكريمة وبقوة استمرار الفعل النضالي الذي يخدم قضية شعبنا.
كان يتابع دراسته بكلية العلوم، جامعة القاضي عياض بمراكش. وكم تأسف لاعتقال الرفيق الشهيد مصطفى بلهواري (شهر يناير)، وتساءل حينذاك بحسرة نضالية: أين القوى الثورية من اعتقال الشهيد؟ لماذا لم تعمل على تهريب الشهيد وتوفير شروط "حمايته" (السرية)؟
لم نكن نملك جوابا شافيا لتساؤلات رفيقنا لقدور، غير القول بضرورة تدبر المناضل لحاله (المناضل آخر من يعتقل) في ظل الشروط الصعبة. فأي تنظيم ثوري، وكان رفيقنا يقصد تنظيم "إلى الأمام"، قد يعجز عن حماية مناضليه وضمان سلامتهم.
تحمل عدة مسؤوليات نضالية بكلية العلوم وبالحي الجامعي. شارك في عدة تظاهرات داخل جامعة القاضي عياض وخارجها. ومعلوم أن مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب آنذاك لم يتخلفوا عن نضالات التلاميذ أو عن نضالات الجماهير الشعبية بصفة عامة.
صدر في حقه حكم نافذ ب12 سنة سجنا إبان المحاكمة السياسية الصورية التي انطلقت في شهر ماي سنة 1984 بمراكش.
خاض الى جانب رفاقه (عبد الرحيم سايف، الحسين باري، أحمد البوزياني، كمال سقيتي، نور الدين جوهاري، الطاهر الدريدي، بوبكر الدريدي، مصطفى بلهواري، حسن أحراث) إضرابا بطوليا عن الطعام ابتداء من يوم 04 يوليوز 1984، وهو الإضراب الذي استشهد خلاله المناضلان مصطفى بلهواري وبوبكر الدريدي، ودام 62 يوما.
حالت ظروفه الصحية، وكذلك ظروف رفيقنا عبد الرحيم سايف، دون مواصلتهما المعركة التي دامت ست سنوات (1985-1991)، وذلك تحت إلحاح رفاقهما (ّإلحاحنا). فلم تكن الغاية هي الاستشهاد، بل كانت انتصار المعركة/القضية.
غادر السجن، وكان حينه بمستشفى ابن نفيس بمراكش، سنة 1994، إثر العفو العام الذي شمل العديد من المعتقلين السياسيين بالمغرب.
لقدور الحبيب الآن متزوج وله ابن، اسمه نور الدين (إعجابا برفيقنا نور الدين جوهاري).
قد يحتاج رفيقنا لقدور (كما نحن جميعا) الى أشياء كثيرة بدون شك، وعلى رأسها الدعم والمؤازرة.. لنتحمل مسؤولياتنا، ولنقم بالواجب تجاه رفاقنا (داخل السجون وخارجها)، وتجاه عائلاتهم، وتجاه قضيتنا، قضية شعبنا..
إضافة:
اعتقلت يوم 27 فبراير 1984. ومباشرة بعد استضافتي بقبو كوميسارية جامع الفنا السري، سمعت لحنا دافئا كسر وحشة المكان. تلاه سؤال بوليسي خشن: ماذا تغني؟ كان الجواب، جواب رفيقنا لقدور: "الأطلال" (أغنية لأم كلثوم). إنه التحدي، إنها قوة المناضل في السر والعلن، قوة المناضل تحت التعذيب وسوط الجلاد...
شارك هذا الموضوع على: ↓