كم من مياه جرت تحت الجسر ما بين 20 يونيو 1981 بمدينة الدار البيضاء و20 يونيو 2017 بمنطقة الحسيمة والريف! من المياه العذبة المتمثلة في نضالات أبناء شعبنا
وتضحياتهم، الى المياه العادمة والملوثة المعبرة عن نتانة جرائم النظام وقذارة مناورات ومؤامرات أزلامه.
مسافة كبيرة تفصلنا عن ملحمة تاريخية جسد من خلالها أبناء شعبنا رفضهم للذل والمهانة وإدانتهم للمخططات الطبقية المكرسة لاستعبادهم واستغلالهم. لم تكن انتفاضة 20 يونيو 1981 الأولى في المسار الكفاحي لشعبنا، لقد سبقتها محطات مشعة كثيرة (انتفاضة الريف 1958/1959، انتفاضة 23 مارس 1965 بالدار البيضاء، انتفاضة أولاد خليفة 1970 بالغرب...) وتلتها ملاحم أخرى لا تنتهي ولن تتوقف عند ملحمة الحسيمة والريف؛ وكلها محطات حية في ذاكرتنا تشهد على "ما فعله" الرصاص الحي في أجساد المنتفضين نساء ورجالا وشيوخا وأطفالا، من عمال وفلاحين فقراء وطلبة وتلاميذ ومعطلين وعموم المقهورين.
مرحلة عرفت العديد من التطورات والمتغيرات، وعلى رأسها الهيمنة شبه المطلقة للامبريالية على المواقع الجغرافية الاستراتيجية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، مع ما يعنيه أو يستتبعه ذلك من دعم للصهيونية والرجعية، ومن حصار وقمع وإبادة لحركات التحرر الوطني وللبؤر الثورية عبر العالم. فلم يعد قائما ذلك الزخم النضالي الذي كان يغذي ثورات الشعوب ونهوضها إلا ناذرا، وبالمقابل تم تسييد الخنوع والتبعية والولاء وكافة أصناف المهادنة والانبطاح إلا استثناء. لقد اكتسحت الشعارات المضللة (الحداثة، الديمقراطية...) كل المجالات واخترقت المرتزقة كل الساحات، باعتماد أساليب "العصا والجزرة". لقد تعددت الأسلحة الفتاكة البديلة، ومنها سلاح تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وخلقت أجواء العتمة والظلام والمسخ.. فأصبحت الشعارات بدون مضامينها والأسماء بدون مسمياتها...
لقد كان رفع التحدي في وجه الأنظمة الرجعية مكلفا وشاقا، والآن صار أكثر كلفة وأكثر صعوبة. لكن ليس مستحيلا، البارحة كما اليوم. إننا مقتنعون بأن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن أوان تحرر وانعتاق شعبنا آت لا محالة، إن لم يعشه المناضل أو الشهيد اليوم فسيعيشه رفاقه غدا..
والرسالة النضالية، في كل ذكرى وفي كل زمان ومكان، على عاتق المناضلين الصادقين والمخلصين لقضية شعبهم فعلا وقولا، المناضلين الذي يتبنون تضحيات شعبهم بالأمس واليوم، من الريف 1958/1959 الى الريف 2017، مرورا عبر البيضاء 1981 ومدن ومناطق أخرى على مر السنين؛ وليس هواة الانتقاء والقنص السياسويين.
كلنا يتذكر ويذكر من سعى بكل قوة الى توظيف "ريع" انتفاضة 20 يونيو 1981، وكلنا يعرف مآل تلك العصابات سياسيا ونقابيا. واليوم مع انتفاضة الحسيمة والريف، هل ننتظر الغد البعيد أو القريب لنذكر أو نتذكر مرة أخرى مآسينا ونندب "حظنا" التعيس؟
إن كل انتفاضة لأبناء شعبنا صفعة على خذ المناضلين. فليحص المناضلون الصفعات لعلهم يستيقظون..
فليس مناضلا من يمحو الليل كلامه (موقفه) بالنهار، ويمحو النهار كلامه (موقفه) بالليل. كما لا يمكن أن يخدم قضية شعبنا من يعزف على الأوتار الدينية أو العرقية أو هما معا، بل إنه يسعى الى طعن القضية في مقتل. ولن يخدم قضية شعبنا من "ينفخ" في جثث الأحزاب السياسية ويراهن على القيادات النقابية المتواطئة ذات المصالح المرتبطة بمصالح الباطرونا أو على القوى الظلامية المتورطة في اغتيال المناضلين.
المجد والخلود لشهداء انتفاضة 20 يونيو 1981 والنصر لأبناء شعبنا بالبيضاء والحسيمة وبكل شبر من تراب بلادنا داخل السجون وخارجها، متضامنين ومنظمين ومؤطرين.. العار للنظام والخزي لعملائه..
شارك هذا الموضوع على: ↓