اتضحت الصورة السياسية بالكامل ببلادنا. انكشفت الوجوه السياسية والنقابية
والجمعوية وزالت عنها المساحيق، وتحددت الاصطفافات الحزبية المنطقية وغير المنطقية. هناك "أغلبية" مصنوعة صنعا (مفبركة على مقاسات مشوهة وممسوخة)، وهناك "معارضة" خارج الزمن السياسي المحلي والدولي، "معارضة" تائهة ومخترقة ومنبطحة، بدون أهداف أو مواقف واضحة وبدون برامج متميزة. كما هناك من انسحب (بدون شرف) وأسدل الستار عن قبحه، وهناك من غرق في الهامش وتراه يستنجد من خلال الشعارات المتجاوزة والمستهلكة، وتراه أحيانا يبحث عن منقذ بأي ثمن. والشعب المغربي وحده يواجه مصيره بما لديه من رصيد وتاريخ نضاليين وعنفوان ورباطة الجأش. فكلما تفاقم الصراع الطبقي وتردت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كلما ارتفعت درجة التضحيات وحدة المعاناة في صفوف أوسع الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والمعطلين والمشردين.. أما النظام القائم وكعادته، كنظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي، فيحتفظ بدمويته المعهودة، على مراقبة الحياة السياسية وتوجيهها وتحديد مساراتها؛ بما في ذلك اللجوء الى التضليل والتشريد والقمع القاتل، وأيضا ترتيب علاقاته محليا وجهويا ودوليا (العلاقة مع الامبريالية بالدرجة الأولى)، وصنع الأبطال الورقيين بالداخل للتحكم في معارك أبناء شعبنا وللمزيد من التمويه وخلط الأوراق. الصورة، كانت واضحة، ومنذ وقت بعيد، خاصة فترات الانتفاضات الشعبية الخالدة. إلا أن الارتباك الحاصل في صفوف المناضلين وضيق الأفق ضيعا الكثير من الجهد والوقت. ساهمت محطة 20 فبراير في طرح العديد من الأسئلة وقدمت الكثير من الأجوبة النظرية والعملية، لكن الانطلاقة باتت محتشمة ومترددة، بل سادت الانزلاقات والحروب الهامشية والحسابات الضيقة، بل وتصفية الحسابات القائمة على الحقد المجاني والمرضي. واتضح أن بعض أشكال "الارتباك" ليست سوى مقدمات للغدر والخيانة.. لقد خان الخائنون، وغدر الغادرون، وحقد الحاقدون.. والقافلة تسير..
والآن، بعد محطة الريف (وليس فقط يوم 20 يوليوز)، توضحت الصورة أكثر. ولا يمكن إلا أن تزداد وضوحا غدا وبعد غد. لكن، ما العمل، الآن؟
بدوره السؤال "ما العمل؟"، كان مطروحا ومنذ القرن الماضي من طرف القائد الملهم لينين. لكن راهنيته ثابتة، اليوم وغدا وسيبقى هذا السؤال يعاد في كل مرحلة وفي كل طور مادام الشعب وفي مقدمته الطبقة العاملة لم يسيطر على السلطة السياسية ويشيد المجتمع البديل.. ويشرفنا إعادة طرح ذات السؤال باستمرار، ويشرفنا أكثر الإصرار على المساهمة في وضع إجابات عنه.. فاللحظة التاريخية الراهنة فاصلة، ولا تقبل العبث وتفاهة التافهين، لأن من واجبنا أن لا نعيد إنتاج هزائم جديدة.. إننا في تيار البديل الجذري المغربي، لا نسعى الى تعميق جراح الجسد المناضل ولا نسعى الى تضميدها بأي توابل أو بأي وصفات. من حق جميع المناضلين تشخيص هذه اللحظة السياسية الفارقة وفق رؤاهم السياسية والإيديولوجية، لكن الخلاصة العلمية المطلوبة لا يمكن أن تبتعد عن المهمة الطبقية الآنية والمستعجلة، أي توحيد الصفوف وتنظيمها ووضع اليد النظيفة في اليد النظيفة، فالمقاومة المنظمة والبناء السياسي الثوري الصلب هما الأسلوبان الوحيدان اللذان سيحددان مصير المعركة الطبقية لكي لا نكرر هزائم سابقة، وغير ذلك ليس سوى هروبا من الصراع الحقيقي وانكفاء على الذات ونعل الظلام. وكل من ينبذ هذه الخلاصة يضع نفسه عاريا أمام التاريخ وخارج الأفق النضالي الذي يخدم قضية شعبنا. ومن يقود عملية التوحيد النضالي بكل روية ووضوح ونكران ذات سيشهد له التاريخ بالعبقرية المفقودة في زمن "العنتريات" البليدة والانتهازية.. مرة أخرى، كفى من الصراخ في الهواء، لنثبت أقدامنا على الأرض ولنسطر خطواتنا العملية بالملموس القائم على التحليل الملموس.. وإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية لا يمكن أن يتم في ظل التيه الحالي. نعم، ثورة شعبنا بيد العمال والفلاحين الفقراء، لكن بدون الحزب الثوري، قد نغرق فيما غرقت فيه شعوب أخرى، ومن بينها الشعبين المنتفضين بحرارة منقطعة النظير بكل من تونس ومصر.. أما ما يحصل بسوريا وليبيا واليمن... فله سياقات أخرى أكثر تعقيدا، في علاقة ذلك بالمخططات التصفوية والتخريبية الامبريالية والصهيونية والرجعية.. لقد أثبتت محطة 20 يوليوز مرة أخرى، وكما محطات ثورية سابقة، أنه بدون تنظيم ثوري، لا مستقبل لشعبنا ينعم فيه بالحياة السعيدة والكريمة (كل حسب عمله في ظل المجتمع الاشتراكي، وبالتالي كل حسب حاجته في ظل المجتمع الشيوعي). فمن المخجل أن تتمزق الجماهير الشعبية المضطهدة بالحسيمة وحدها وتقمع بشراسة ويسود الصمت في ربوع بلادنا بطولها وعرضها (استثناء الوقفات المعزولة المنظمة ببعض المدن كالرباط والدار البيضاء...). ومن العار أن نستمر في "مهاتراتنا" الفجة وشعبنا يرزح تحت نير الظلم والاستغلال والاضطهاد.. من الرعونة الانشغال بهفوات أو بأخطاء بعضنا البعض، وترك المجال واسعا للنظام وأزلام النظام من قوى رجعية (شوفينية وظلامية وغيرها) وقوى إصلاحية متهافتة ومرتزقة متزلفة ومتطلعة الى تكريس الواقع في ترديه وبشاعته.. أيها المناضلون، لنتحمل مسؤولياتنا، ولننخرط في معارك شعبنا، كمنظمين ومؤطرين. وقبل ذلك لننتظم ولنتأطر، لكي نرقى الى مستوى الحضور الوطني المنظم والفاعل في الحياة السياسية.. إنها لحظتنا التاريخية، باعتبارنا مناضلين ماركسيين لينينيين.. وفي ظل هذه اللحظة التاريخية الفاصلة، نسجل في تيار البديل الجذري المغربي:
- دعمنا الثابت لكل نضالات أبناء شعبنا، بالحسيمة والريف عموما، واستعدادنا لتقديم كل التضحيات المطلوبة لانتصار هذه المعركة المتواصلة لشهور عدة؛
- انخراطنا في كل معارك شعبنا بالمعامل والحقول والشوارع. وندعو رفاقنا الى المساهمة الخلاقة والمبدعة بجانب كافة المناضلين وأبناء شعبنا من أجل إنجاح مبادراتهم النضالية؛
- نضالنا المبدئي والمستميت من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين المناضلين؛
- ترحيبنا بكل المقترحات النضالية المسؤولة التي من شأنها الرقي بفعلنا النضالي المنظم وخدمة قضية شعبنا. فلسنا أوصياء على قضية شعبنا، ولا ندعي القوة الخارقة، إننا في حاجة كما عموم أبناء شعبنا الى من يشد عضدنا ويقوي صفوفنا ويصحح أخطاءنا على قاعدة النقد والنقد الذاتي؛
- إدانتنا للنظام القائم ولأزلامه ولجرائمه بالحسيمة والريف وباقي مناطق بلادنا، وخاصة المنسية منها (إيمضر وعوام...)؛
- إدانتنا لتواطؤ القوى السياسية والقيادات النقابية والجمعوية مع النظام ومساهمتها في استمرار الوضع المتردي الحالي، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، في غياب كلي للديمقراطية والحرية والشفافية والعديد من حقوق الإنسان الأخرى، ومنها الحق في الصحة والتعليم والشغل والسكن والولوج الى المعلومة...؛
- استهجاننا للتحالفات السياسوية المستفزة والقائمة على المصالح الذاتية التي لا تخدم مصالح شعبنا، ومن بينها التحالف أو التنسيق مع القوى الظلامية الرجعية والمتورطة في اغتيال المناضلين داخل الجامعة (أيت الجيد محمد بنعيسى والمعطي بوملي) وخارجها (عمر بنجلون)؛
- إدانتنا للقوى الشوفينية والظلامية المتحالفة والمنفذة لتعاقداتها مع النظام الرجعي ومع الصهيونية والامبريالية؛
النصر لشعبنا البطل..
عاش شعبنا وما عاش من خانه..
الخزي والعار للخونة والمرتزقة، وللمتورطين بمستنقعات الذل في الأمس واليوم..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.
شارك هذا الموضوع على: ↓